في غرفتي الحزينة أرافق الظلام وأصحب الصمت والهدوء ، والنوافذ الراعشة يطبق عليها السكون ، بين جدران أربعة وخيال سابح في لجة الآلام وقد رفع الأشرعة يبحر في الأيام بلا وجهة محددة. في ظل هذه الظروف المتعبة وفي غرفتي الحزينة المظلمة يتسلل النور من ثقب الباب حاملا معه صوت ناي حزين ، يعزف ألحان الشجن ويثير الدمعة الحبيسة في مكامن الوجدان لتعدو على خدِ حفر الزمان به خطوط البؤس والكآبة والأسى ، حتى غدى الوجه من بعد النضارة يشتكي - أواه من فرط الحنين .. أواه من شوق دفين - قلبي تسافر فيه أسراب الندم وتسكنه الحسرات والشكوى والألم .
في هذه الأثناء يفتح الباب طيف لا أرى من ملامحه سوى هالة من ضياء وهامة كبرياء ، وبنبرة الواعظ الواثق يقول : هون عليك ولا تحزن فالحياة أوسع من غرفتك الضيقة ، افتح الباب واخرج إلى عالم رحب فسيح الجنبات ، وانظر الى الأفق العريض نظرة مقدم لا مدبر واقبر أحزانك في هذه الغرفة المظلمة واردم عليها جدرانها الأربعة ، واجعل ذكرياتك كأطلال لا نعيش فيها بل نحنّ إليها ونتركها للذكرى فقط .
في الليالي الباردة من عمر الحياة تدفعنا الحاجة إلى تلك المدفأة للجلوس أمامها أو بالقرب منها لتذيب رواسب البرد والجفاف ، تمر بنا هذه اليالي القارصه وأصوات الرياح الهادرة تجتاحنا عبر مساحات النوافذ والأبواب لتعزف نغمة خوف عاصفه في مشهد صامت تنتشر في زواياه بقايا من سكون الأرجاء وتقبع على جدرانه رسوم من ظلال الأشياء ، نمد كفيّنا نستجلب دفيء ألسنة اللهب هربا من صقيع الشتاء ، وإن زادنا الشتاء منها اقترابا فلن تمتنع من التهامنا واحراقنا لتكبر وتنمو ، فالقرب منها نعيم وزيادة القرب جحيم ، فما أعدل أن نكون ما بين خطين الأول يعزلنا عن برد الشتاء والثاني يعصمنا من نار وبلاء ، تلك قضت حكمة الأيام " إذا اختل مقدار الحاجة والاستغناء فإن الطرفين شقاء وعناء "
إلى الأخوة في المهجر القسري إلى القابعين في المنفى الجبري - مهجر الإحباط ومنفى اليأس - عودوا إلى مواطن الأمنيات إلى الأحلام إلى الطموح ، عودوا إلى الأمل الطروب إلى مقارعة الخطوب ، فلقد أتانا من الأثر القديم "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل "
خذ مقعدا بين القادمين من رحلة الشقاء على متن الخطوط التفاءلية ، وتوجه إلى بلاد السعادة ففي استقبالك الأيام المشرقة وقد رفعت لافتات الترحيب " مرحبا بالطامحين الصادقين " وعلقت حول عنقك عناقيد الزهور والياسمين وقدمت لك باقات البشائر ، لتعلن لك هذه الأيام عن ذلك الشغف الذي يحدوها لاحتضان كل انسان طموح ، ولتعلن كذلك عن تقديرها للفارس الذي سينطلق في أرجاءها وقفارها ممتطيا جواد العزيمة ورافعا سيف الإقدام في مواجهة المجهول!
من الأرحام الواسعة إلى الدنيا الضيقة ، ومن العدم الخفي إلى الوجود الملموس ، رحلة عبر العوالم في أزمنة متجددة ، نستقر في موطن ما بين اللاوجود والخلود ، موطن فانٍ يسميه نزلاءه بالحياة الدنيا ، زخرفا ورونقا وبريقا ، زينة وبهاءا وغرورا . رحى الأيام تدور وتتجدد فتضفي عليها تنوعا في أحوالها واختلافا في حالاتها ، نتنقل في أزمنتها كانتقالنا في أمكنتها ، نشغل حيزا من فراغها الواسع لكنها تضيق بما رحبت ، ونعيش لحظاتها ما بين ضدين متناقضين ، اذا ما أردنا أن نعرف طعم الرخاء لابد وأن نعرف الشدة ، واذا ما أردنا أن نستلذ بحلاوتها لابد وأن نتجرع من علقمها ، إنما هي ألحاظ خاطفة رأت المكان لتودعه لا لتنعم بالبقاء فيه ، ولكن بعض هذه الألحاظ تعلقت بما رأت وعاشت لحظة النظر كما لو أنها أبدية الوجود ، ولم تدرك أنها لحظتين الأولى لقاء والأخرى فراق ، فخدعت بالأولى وتغافلت عن الثانية حبا بالبقاء ، فتجاوزت الحقيقة بترف وشغف وتمردت الدقيقة إلى ساعات سيعقبها أسف ، فحاكت حيكها بأوهن الخيوط ورسمت رسمها بأبسط الخطوط ، لتستنزف جهدها كله إلى ما قبل النهاية ، وعند النهاية تجثو على ركبتين من حسرة وندم ، فتصحو على أشعة الشمس بعد أن كانت تحت فيء الظلال ، فطوبى لغريب الدار الفانية الذي أدرك الحقيقة فاشتاق للخلود وتزوّد من دنياه لآخرته وانه على عجل لنيل الرضى فما زال يردد : "وعجلت إليك ربي لترضى".
التعليقات
اسمح لي ان اقول لك اخي :
ليس ضروريا أن تكون حياكة من نسيج الواقع بل من الرائع أن يحيك
خاطرك خواطر جميلة هادفة ككل الكتاب والأدباء .......!!!
اخي الكاتب :
لو تعاملنا مع هذا العنوان "للذكرى فقط " من خلال الخاطرة ، فهو عنوان يحمل مفارقة وتشويقا وهو أيضا يفتح أبوابا عدة للتعامل مع هذه الخاطرة وبطلها .
رغم أنى توقعت النهاية من الوهلة الاولى إلا أنه لا يقلل من عبقرية خاطرتك منذ مدة طويلة لم تجذبنى خاطرة كهذه هنا.
العبقرية تاتى فى طريقة السرد وتحوبل فكرة تقليدية إلى شكل آخر خلاب..
لقد جمعت وحللت مشاكل عدة فى كلمات قصيرة جدا.. مثلا ضيق الصدر والياس من الحياة وقمع ذواتنا وسجنها داخل مشاكلنا التي نرفض مواجهتها وحلها رغم بساطتها الا انها تمثل الواقع الاليم الذي يعيشه شباب امتنا .....شباب كل أمله سيجارة أو نزهة مع حبيبة أو تسلية عبر الانترنيت.... (معظهما شهوات تافهة ) يدفعون الغالي والنفيس من اجل ارضائها اما الدين وتزكية النفس والتقرب من خالقها ... و الطموح المهني ليس له اي مكان فى حياته! .
لقد اعتمدت على السرد في بناء الخاطرة وهو أسلوب أفضله أنا عن نفسي.. لأنه لا يهمل التفاصيل التي تخدم فكرة الكاتب، وإن كان ذلك قليل.. على الأقل استهلكتُ فترة محاولا جلب القارئ الى الشخصية
اخي الكاتب :
ان اهتمامك بالتفاصيل المادية كالغرفة وحركيتها المتمثلة "والنوافذ الراعشة يطبق عليها السكون ".... ثم بالتفاصيل الحسية "الدمعة الحبيسة في مكامن الوجدان" والجسدية "حتى غدى الوجه من بعد النضارة يشتكي" اضافت كثيرا للمشهد لدرجة جعلتني اتساءل كم عدد الشخصيات التي يحظى بها الانسان ؟؟
تساؤل دفع بي الى رفض وجود شخصية واحدة للانسان كما هو معروف
بل اكثر لاستخلصها في :
1- شخصيتي حينما أغلق عليّ غرفتي( حيث أكون في أكثر درجاتي الحرية والهدوء و الخيال)
2- شخصيتي أمام أسرتي (وهي أقل تحفظا من سواها)
3- شخصيتي أمام المجتمع (وهي تخضع للاعتبارات الأخلاقية والاجتماعية)
4-شخصيتي مع الله وترتيل القرآن ( شخصية متناقضة اكون فيها حزينة/سعيدة - قوية /ضعيفة بدرجة لا توصف وهي تمثل أرقى شخصياتي )
5- شخصيتي على الورق (وثمثل اهم شخصياتي لأن الأحلام أسهل ما يمكن.....ما الذي يمنعني أن أكون مثالية على الورق؟؟)
ان الانطباع الاول الذي يتكون لديك عند بداية القراءة هو انك اخترت عدم مشاركة شخصيات اخرى بل اكتفيت بذاتك فقط
ويتأكد ذلك حين تذكر تفاصيل غرفتك الشخصية ب 'غرفتي واصفا اياها بالحزينة'+ المضلمة.. لترتفع وتيرة الحزن بدافع من الندم والاشتياق والالم و المعاناة تكاد تلامس انفاسها وجدانك في لحظات انسانية او حميمية لدرجة تشعر معها وكأن الكاتب هو نفسه البطل الحزين
و-هذا احساسي الشخصي للحظة صدقت انك هو- ربما لقرائتي بحس حاضر.
فكل اجزاء النص تؤكد ذلك من باب المعايشة لمختلف الانفعالات لتوصيل المعنى وتأصيل الفكرة وليس من باب التشابه في المضمون او الشخصية .
اما عملية التجريب القصصي لمرحلة ما بعد الالم والشكوى ففي رأيي ان المراحل هي من نتاج صاحبها وقدرته على ابتداع لغة قصصية لها خصوصيتها في كل عمل ابداعي جديد بعيدا عن التأثر بالمراحل ومسمياتهاِ.
عملا اخي بقدراتك وطريقتك في الابتداع :
فقد قمت بتسليط الضوء على مجموعة من السلوكيات الاجتماعية والنفسية لتلك الشخصية التي اخترتها وبلغة قصصية تحاكي مرحلة ما بعد الالم المتجلية في "لا أرى من ملامحه سوى هالة من ضياء"
، وفي هذا الاطار فإن القضية تفرض نفسها من خلال الاسلوب واللغة وطريقة طرحك للمشكلة و ايضا كيفية علاجها المرتبط بدرجة كبيرة بالدين ويتجلى ذلك في الادراك الروحي غير المباشر للهدف من وجود الانسان على سطح المعمور والمتمثل في العبادة ..... لتكون النهاية هي الاستيقاظ والرضوخ و اللجوء بقلب تائب للواحد الاحد الذي هداه لادراك حقيقته والتي جاءت كحل
دائم وابدي في الآية القرآنية " "وعجلت إليك ربي لترضى".
لقد وظفت الآية كقول فصل بدون مبالغة أو دروس دينية ساذجة تفقد الموقف حركته
جاءت كسيف باتر وبدون أن تخرج المتلقي خارج الجو الفني العام للنص.
لقد نجحت اخي في عمل نص قصصي متماسك مبني على الخواطر ، معتمد بشدة على شخصيته بحنكة ، كما جاء النص كثيف الاستطرادات السردية،خاصة في البداية.وهذا يؤكد امتلاكك لأدوات القص، كما يؤكد أيضا امتلاكك رؤية خاصة تجاه الحياة وتجاه نفسك و الاحداث وهذا يلقي على كاهلك بعبءٍ ثقيل ألا وهو الوقوف على الرصيد القصصي للسابقين، والإلمام بمدارس الفن المختلفة حتى يتسنى لك عمل تتميز فيه ويكون لك سمْتٍ خاص بك.
__الا توافقني الراي ؟
تعليقي على كتابتك اخي كان بهدف تشجيعك في هذا المجال وابدائي اعجابي باسلوبك .
كما اتمنى ان لا تنظر الى تعليقي من منطلق انه من معلقة بل من كاتبة صغيرة مبتدئة خجلها الزائد من قراءة الناس لمحاولاتها جعلها تهب مسرعة لتشجيع من حباهم الله بالموهبة لتكون اول المشجعين
ولما لا اول المستفيدين؟.
ملاحظة صغيييرة:
حاول ان تكون الأسطر والكلمات متباعدة قليلا لكي لا تجهد عين المتلقي.
ارجو ان تتقبل ملاحظتي برحابة صدر .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيت خيرا
حقيقه لامجامله...
ارجو ان تتحفنا بمقالاتك المفيده ....التي استفدنا منها كثيرا..
ارجو ان لاتنسون اخوانكم المسلمين في فلسطين ولبنان ...بخالص دعائكم...
<ان للمؤمن احباب لايرى جمال الدنيا الا بهم..ويتحلى بالصبر مع دعائهم>
1. ماسبب ظهور فيديو كليب فرشي التراب في
قناة الشيخ مشاري العفاسي على الرغم من عدم
إظهاره لأي مادة أخرى لا تختص به ؟
أدري إن فرشي التراب يستاهل وأنت بعد تستاهل
لكن شعورك يا أستاذي ؟
2. ما الفرق بين كلمة فيض وفيضاً في أنشودة رمضان أو ماالسبب في تغيير الكلمة ؟
3. بالنسبة للمقال حياكة من نسيج الخاطر لا حظت تشاؤم في بداية المقال لماذا ؟
أتمنى الرد حتى ولو كنت مشغول
مع تحيا تي.. هدوي
:PRESENT:
ط¬ط±ططھ ط¹ظˆط§ط·ظپظ‡ ظپظ…ط§ ط£ظ‚ط³ط§ظ†ظٹ
ظ‚ط·ط¹ ط§ظ„طط¯ظٹط« ظˆط±ط§ط ظٹظ…ط³ط ط¬ظپظ†ظ‡
ظپظˆط¯ط¯طھ ظ„ظˆ ط£ ظڈط¬ط²ظ‰ ط¨ظ‚ط·ط¹ ظ„ط³ط§ظ†ظٹ
ظپط·ظپظ‚طھ ظ…ظ† ط£ظ„ظ…ظٹ ط£ظƒظپظƒظپ ط£ط¯ظ…ط¹ظٹ
ظˆط±ط¬ط¹طھ ظ…ظ† ظ†ط¯ظ…ظٹ ط£ط¹ط¶ ط¨ظ†ط§ظ†ظٹ
ظˆط£ظ‚ظ€ظˆظ„ ظˆط§ط®ظ€ط¬ظ€ظ„ظ€ظٹ ط¥ط°ط§ ظ„ط§ظ‚ظ€ظٹظ€طھظ€ظ‡
ظپظ€ط¨ظ€ط£ظٹ ظˆط¬ظ€ظ‡ ط¹ط§ط¨ط³ ظٹظ„ظ‚ط§ظ†ظٹ
طظ€طھظ€ظ‰ ط¸ظ€ظپظ€ط±طھ ط¨ظ€ظ‡ ظپظ€ظ…ط¯ ظٹظ€ظ…ظٹظ€ظ†ظ‡
ظˆط±ظ†ظ€ط§ ط¥ظ„ظ€ظٹ ط¨ظ€ط±ظ‚ظ€ط© ظˆطظ€ظ†ظ€ط§ظ†
أما في المجلات لم تذكر مقابلته في مجلة فن فن.. قسم في ضيافة منشد
أما المقابلات التلفزيونية لقاءه في برنامج إنشاد على قناة الشارقة وبالطبع كانت أجمل حلقة في البرنامج من غير مجاملة..
مع حبي وتقديري
هدوي
هدوي ..
لماذا الحـــــزن و( ضيقة الصدر ) ؟؟!!
الوحدة..... الغربة الخ ..
ولو ان في الموضوع تفائل في النهاية لكن يبقى السؤال ..
لماذا الإكتئاب ...؟؟
الحياة حلوة إذا أحسسنا انفسنا واقنعناها بحلاوتها ...
و تكون جدا سيئة وبغيضة إذا رأيناها بهذه الصورة...
ضاق صدري يوم قريته ..
هذا من ناحية الفكرة العامة ....
أما من ناحية الأسلوب فأنا أترك المجال لمن هم اقدر مني على التعليق عليه ...
اجده رائع لكن ....
يبقى كئــييييييييييييييييييييييـــب !!!
ادري بتقولون ابالغ شوي لكن هذا اللي احسه ....
واسلوب سلسبيل جدا رائع بس تفائلي قليلا مافي شي يسوى
صح ولا انا غلطانة ؟؟
ياهل التفتح والعلم والبلاغة والشطارة
يامن بابكم مخلع وأنتوا تدعون التجارة
موضوعي رادته رادته ولو كره المنافقون
نجحتم نشيدا وكلمة ولحنا وخاطرة.... فما شاء الله كان ووفقكم دائما،،
أحببنا الالتفات لمثلكم ممن لم تشغله دنياه وأحب الالتفات لدينه،،
فهنيئا لكم وهنيئا لنا،،
أختكم في الله
بنت المهاجر
وأتمنى له التوفيق و النجاح و المتابعة من ما يكتبة
لنا ما هو نابع من القلب الحنون قلب المنشد مشاري
و الذي يرتاح قلبي كلما سمعت صوته الشجي الجميل
فأنا من متابعي أخبارك ومن محبيك و أتمنى أن يصلك
سلامي تحياتي
محبت المنشد مشاري
ثانيا/رساله أوجهالأخواتي (الحياءشعبة من الأيمان)وأنتن تخاطبن رجلاأجنبيافأرجو أن يكون ذلك بحدود تقبلوذالك مني
حفظكم الباري
أختكم (نغم الحزن
مشاري يا أخي...
أترك لك هنا رسالة... أعرف أنك لن تقرأها أبدا... لكن كلماتك باقية... أدعو الله الرحيم أن يتقبل منك أحسن ما كنت تعمل ... في هذه الدار الفانية... ويزيدك رفعة في المقام ودرجات في الجنة... سلامي إلى روحك ... التي استوفاها بارئها... الذي لنا عنده وعد وأجل لا نستأخر منه ساعة ولا نستقدم... والله إني فجعت لخبر وفاتك ... وظل لحن "فرشي التراب..." يجول في خيالي... فأرجو لك الثباث وأن ينجيك الله من خوف يومئذ.... رحمك الرحمان وألحقك بالصالحين .. وغفر الله لأهلك وبشرهم بالجنة لما صبروا بلية فقدك ... يا الله توفنا مسلمين وأحسن خاتمتنا...
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة