ماذا علينا لو كتبنا بالعاميّة؟!
- التفاصيل
- مقالات
- أدب وفن
- في: السبت، 16 تموز/يوليو 2016 15:28
- حياة الياقوت
- القراءات: 3557
ليست قضية جديدة، الدعوة إلى الكتابة بالعاميّة. وقد نتأت الدعوات من أسباب انغلاقية مثل النزعات الوطنية الضيقة (سعيد عقل مثالا) إلى أسباب انفتاحية جدا تحت دعوى الديمقراطية الكتابية، والإتاحة، وتعميم الإبداع على الشريحة العامة.
بدايةً، علينا أن نعرف أن العامية –أي عاميّة – هي تفرع بل وانحراف عن لغة رئيسة، فعلاقتها باللغة الأم علاقة مُروق، علاقة الفرع بالأصل، وعلاقة الأدنى بالأعلى. وهي رغم ذلك ظاهرة طبيعية وموجودة في كل اللغات تقريبا، لكن بدرجات متفاوتة من حيث الابتعاد أو الاقتراب من اللغة الأصلية.
الأصل في العامية هو الشفاهية، والعامية تستخدم لإنتاج صنوف إبداعية شفهية مثل الشعر الشعبي (نبطي، زجل، ملحون، ... إلخ) وفي الشعر الغنائي، وفي "الحزاوي" أو "الحواديت" (قصص ما قبل النوم للأطفال). فلست هنا أشكك في مقدرتها على إنتاج إبداعي، بل في المدى الذي يمكن أن تصل إليه في ذلك. فهي رغم شيوعها تظل تعاني من الفقر ليس في المفردات بل في وسائل التعبير. ويكفي غياب الإعراب وغياب التشكيل في أواخر الكلمات لنقول أن العامية قاصرة. ففي الآية الكريمة {... أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ...} نجد أنّ التشكيل ضروري وإلا قٌلب المعنى. بينما غياب ذلك في العامية يضطرنا إلى تغيير أماكن الكلمات خوفا من اللبس. وهذا يعني أن العامية تراوح في نطاق ضيق من حيث قدرتها على تحريك الكلمات في الجملة الواحدة. وهذا مجرد مثال واحد على ضيق الحركة التي تعانيه العامية، والتشعب في تفصيل هذا ليس موضوع هذه المقالة.