كنت اقتل فراغي بالتجول عبر مواقع الفيس بوك و اليوتيوب و غيرها .. عندما جاءتني رسالة من ناصر !
لم أعرف أنه يقدرني للدرجة التي تجعله يراسلني و هو في الأيام الأولى من شهر العسل !
و كنت موقناً أنها بخصوص صور زفافه ! ..
فلم تكن مفاجأة عندما كان الشتم و اللعن هو معظم فحواها !
فمنذ متى كان ناصر و أمثاله يقدرون الفن و أهله !.. فقمت بمراجعة سريعة على الصور .. لاجدني أصرخ معه ((اللعنة !!)) ..
فإلى جانب العريس و ضيوفه الكرام كان هنالك ضيف يظهر بين كل صور الحاضرين !.. لا أظنه من المدعوين أو المرحب بهم إطلاقا .. إنه يشبه تلك المخلوقات التي يقولون أنها من الفضاء .. كما في تجارب روزويل السرية و فيلم (يوم الاستقلال) !
&&&
إبراهيم .. اسمي إبراهيم
مصور فوتوغرافي
من الذي أعطاني الحق في حمل هذا اللقب ؟
بدأت القصة بصورة التقطتها لقط متشرد .. صورة رديئة الجودة من احدى كاميرات هواتف نوكيا .. مدحني عليها صديقي حد التعظيم !.. مما جعلني اوقن أن التصوير الفوتوغرافي هو المجال الذي سأصل به لأحلامي .. و اجعله مصدراً لرزقي !
عرفت أن الأمر لا يحتاج للانخراط في إحدى الأكاديميات أو المعاهد حتى أحمل هذا اللقب .. كل ما في الأمر .. مبلغ بسيط لاقتناء إحدى كاميرتي نيكون أو كانون .. و يصبح من حقك حمل لقب الفوتوغرافي !
هذا إن كنت أملك ذلك المبلغ الذي نتحدث عنه .. إذا علمتم أنني مازلت ابحث عن وظيفة منذ ثلاث سنوات بعد التخرج !
و عندما يكون الأب بخيلاً .. فالحصول على هذا المبلغ هو ضرب من الخيال . و لا مجال للاستدانة لعاطل !
لم أجد نفسي إلا و قد أُرغمت على شراء قطعة أثرية ب200 ريال نجحت في توفيرها .. قال لي أنها كاميرا رقمية .. قالها ذلك الحاج القوقازي أو القادم من إحدى دول الاتحاد السوفيتي البائد و قد فرش بضاعته كما فعل الكثير من اقرانه في سوق الروس .. في إحدى مواسم الحج .. حيث نجد منهم الكثير !
كانت كاميرا غريبة فعلاً !.. فهي ليست من إنتاج (زينت) الروسية و التي توقفت و لم تدخل العصر الرقمي .. و لا تحمل سوى زر المغلاق و ضوء الفلاش و ذاكرة رقمية !
جعلتني هذه الكاميرا محط الأنظار .. و محط السخرية و نكات الفوتوغرافيين .. فرفضت جماعات التصوير فكرة انضمامي لهم .. و صرت احمل عدة ألقاب .. كان أسوأها (دب التصوير) .. (راسبوتين الرقمي) .
و في ظل هذا الإحباط ! .. كان والدي آخر شخص سيقصدني من أجل الكاميرا ! .. فقد عرض علي تصوير زفاف ابن صديقه مقابل مبلغ أقل من رمزي !.. لأن صديقه هو الآخر لم يكن مستعداً لاستئجار مصور حفلات احترافي سيكفله مبالغ زائدة ! ..
لم استطع رفض العرض رغم أن طموحاتي لم تكن في حفلات الزفاف .. لكني وجدتها فرصة في إثبات ما يمكنني فعله بالكاميرا مهما كان طرازها .. و كانت النتيجة هي الصور التي اعادها إلي ناصر يومها .. صور الضيوف الفضائيين كما بدا لي !
&&&
أولاً .. أنا لا أؤمن بشيء مما يذكره أنيس منصور بأن مخلوقات جاءت من الفضاء لتشيد أهرامات مصر .. و لا ما عرضه الأمريكيون من صور الأطباق الطائرة و قصص الفضائيين الهوليودية التي لا تعدو كونها جزءاً آخر من نظريات المؤامرة .. كان الحادي عشر من سبتمبر أشهرها ..
لذا كان الاستنتاج المنطقي أنها بقايا ضوء محبوس لآخر شخص استخدم الكاميرا قبلي ! .. و بما أن القطعة روسية فهي بلا شك كانت تخص جهاز المخابرات السوفيتي .. و أنها صور أخرى لتجارب مفتعلة حاول فيها السوفيت مضاهاة أعدائهم رعاة البقر !
عزمت استغلال الفرصة و عرض الصور النادرة في مواقع و منتديات الانترنت لأعلى مبلغ !
و قد كانت ردود الفعل أسرع و أكثر مما توقعت .. لكنها جاءت على غرار هذا التعليق من أحدهم :
"يبدو أن على مبتكر الفوتوشوب أن يرفع قضية عليك و على أمثالك .. الأول يخلق صورة صدام على سطح القمر .. ثم تأتينا أنت لتدعوا الفضائيين إلى حفل زفافك .. أخوك المريخي لوووول"
مر أسبوع على هذا الحال .. حتى تناسيت الأمر .. إلى جاءني أول عرض جاد .. و بمبلغ يفوق كل خيالاتي .. لكنه طلب الصور مع الكاميرا .. و كنت لن أرفض حتى لو لم يطلب هو بنفسه !
&&&
استعرت سيارة والدي دون علمه !
وصلت للمكان الذي حدده لإتمام الصفقة .. سفح جبل خارج المدينة و في وقت متأخر من الليل ..
وصل في الوقت المحدد .. فكرت أن اتراجع في وقتها عندما رأيته !.. عباءته الغريبة التي تخفي كل اجزاء جسده من قمته حتى أخمصه !
لكن ما إن برزت تلك الأوراق السحرية الكثيرة .. أو النقدية من تحت كُم عباءته حتى طردت كل أفكار الخوف .. و امتدت يدي تخطف المبلغ و تعطيه الكاميرا بكافة محتوياتها ..
و دون أي كلمة ! عاد كلانا من حيث أتى .. دخلت السيارة و أحكمت إغلاق الأبواب وبدأت في عد الأوراق !
توقفت ! .. أشعلت الضوء الداخلي ليزداد دهشتي من تلك الأوراق التي لا هي ريالات و لا دولارات و لا أي عملة أرضية أعرفها !
خرجت من السيارة في قمة غضبي لألحق بالنصاب !
توقفت لاشعوريا عندما اهتزت الأرض من تحتي .. فأجد أضواء لم أرى لشدتها مثيل .. و طبق عملاق يرتفع أمامي ..
و يصعد سريعا ليختفي في السماء.
&&&&
نبذة عن الكاتب:
إحسان محمد جمبي
1986م
كاتب و أديب ناشئ
من أبناء مكة المكرمة
درس و حصل على مؤهله العلمي من المنطقة الشرقية
يعمل كفني مرحلات طاقة
حصل على شهادة في الاخراج السينمائي .. و له تجربة سينمائية مرفوعة على الانترنت (القسام 2009)
www.rewayat.com/club مشرف سابق على موقع إلكتروني للاقلام الشابة
صدر له في المكتبات المجموعة القصصية (صرخة ألوان)
له عدد من القصص و المقالات المنشورة ورقياً في عدد من الصحف و المواقع الالكترونية