A SOUL THAT WAS NOT AT HOME
روح هائمة
للكاتبة لوسي مونتغومري
كان الغروب رائعاً في الليلة التي التقى فيها بول بالآنسة تريفور. كانت الآنسة تريفور تتجول إلى جانب اللسان البحري الكائن إلى أبعد من خليج نويل كي تستمتع بوقت بهيج في ذلك المكان الرائع الجمال . فهو يزدان من الجهة الغربية بالورود و بزهور النرجس, بينما تبدو السماء عن بعد, من الجهة الشمالية, مُتموّجة بسُحب صغيرة شديدة الاحمرار., وإلى أبعد من ذلك أيضاً ومن الطرف الأيسر كانت تبدو خلف الشاطئ تلك الهضاب البنفسجية الشامخة وذلك المرفأ الذي تنتشر في مياهه السفن التي تخفق أشرعتها, في سَحر الأفق.
امتد خيط لؤلئي من أشعة الغسق عبر المياه وانعكس على سطح المياه الزرقاء أمام الآنسة تريفور مباشرة. تنهدت الآنسة تريفور بسعادة غامرة أمام ذلك سحر وروعة البحر والسماء, ثم استدارت لكي تنظر إلى كوخ نويل الظليل الكئيب الذي يقبع على اللسان البحري الطويل وشاهدت بول...
لم يخطر ببالها أن يكون بول من سكان الشاطئ. كانت تعرف جيداً هيئة سكان الشاطئ., وبذلك استغربت وجوده في مثل ذلك المكان. كانت متأكدة من أنه لم يكن قَدم عن الطريق الرملي , كما كانت الأمواج عاتية جداً بحيث يتعذر عليه القدوم عبر الرأس البحري.
كان بول جالساً كالجلمود على صخرة أرجوانية, وقد ضم ساقيه العاريتين السمراوين معاً ووضع يديه عليهما. لم يكن ينظر إلى الآنسة تريفور وإنما إلى الغروب , أو ربما إلى ما أبعد من ذلك , إلى المكان الذي لا تشاهد فيه الأشياء سوى بانعكاساتها الباهتة على المياه , تلك الأشياء التي لا تّثير الاهتمام سوى من لديهم موهبة الرؤية من بعيد.
نظرت إليه الآنسة تريفور بإمعان بعيني امرأة كانت قد قابلت العديد من الأشخاص في كافة أنحاء العالم وخلال عدد من السنوات قد لا يسرّها الاعتراف بها., وقرّرت بأنه بالفعل أكثر وسامة من أي من الرجال الذين كانت شاهدتهم طوال حياتها. كان له جسم لَدن رشيق وكتفان مقوّسان وصدر أسمر, وكان شعره كثيفاً مموّجاً يميل إلى الحمرة, وحاجبان ومستقيمان فوف عينين واسعتين رماديتي اللون تلوح فيهما نظرة تأمل. كانت ملابسه بسيطة من القطن الأبيض , لكن الآنسة تريفور كانت قد وجدت بول بشكل عام أفضل مما كان عليه.
ابتسم بول على نحو حالم , وكان ذلك ما جعل افتتانها به يزداد . لم تكن تلك الابتسامة عبارة عن حركة شفاه وعينين, وإنما أشرق وجهه بالكامل كما لو أن مصباحاً كان قد أضاء فجأة في داخله وأنار جسمه من رأسه إلى قدميه . والأفضل من كل ذلك أنها كانت ابتسامة عفوية تولدت دون دافع أو جهد خارجي, وإنما كانت على ما يبدو انعكاساً لفكرة بهيجة جامحة , فكرة غريبة دون قيود أشبه برياح البحر.
قرّرت الآنسة تريفور أن تكتشف كل ما يتعلق بذلك الفتى وبذلك خرجت من ظلّ الصخور الذي كان يلف الشاطئ إلى المنطقة التي لاتزال في الضوء.
استدار الفتى ونظر إليها. كانت تلك النظرة في البداية نظرة دهشة ثم تحوّلت إلى نظرة تساؤل وإعجاب. كانت الآنسة تريفور ترتدي ثوباً أبيض اللون وتضع على رأسها وشاحاً مزخرفاً وكانت تستحق الإعجاب. ابتسمت لبول وابتسم لها بول., ولم تكن تلك الابتسامة الظاهرية الأولى ما كان قد قرّب بينهما, وإنما ما كانت قد أوحت به -- لها على الأقل -- من انطباع لطيف بالإعجاب. وبذلك أصبحا ومن اللحظة الأولى من أعز الأصدقاء وكما لو أنهما عرفا بعضهما من مئات السنين... كان لدى الآنسة تريفور ما يكفي من التمييز لكي تُدرك ذلك ولكي تعلم بأنها لن تحتاج لإضاعة الوقت في التعّرف عليه.
قالت " أود معرفة اسمك والمكان الذي تقيم فيه, وما الشيء الذي كنت تنظر إليه إلى ما وراء الغروب."
وأجاب " اسمي بول إيبر وأنا أعيش "هناك" وليس بإمكاني أن أصف لك تماماً ما شاهدته في غروب الشمس لكنني ,عندما أعود إلى منزلي , سوف أكتب عن ذلك في دفتر مذكراتي."
استغربت الآنسة تريفور في البداية ما أورده في الجزء الأخير من عبارته , وبذلك غفلت عن إدراك ما ورد في الفقرة الأولى من كلمة "هناك" بحسب ما أشار إليه بيده...
كان "هناك" عبارة عن منزلٍ صغيرٍ كئيب., كان ذلك المنزل جاثماً فوق الصخور على رأس خليج نويل تماماً مما يجعله يبدو أشبه بصدفة بحرية كان المدّ قد رماها هناك. كانت على سقف المنزل ماسورة بدلاً من المدخنة, وكانت اثنتان من نوافذه قد استبدلتا بالحصى. تساءلت الآنسة تريفور " هل يمكن أن يعيش هذا الفتى الذي يشبه الأمير في مثل هذا المكان ؟ هذا نادراً ما يحدث !... لابد أنه من عمّال الشاطئ...
سألته بأسف " من الذي يعيش معك هناك ؟ أترى, يجب أن أستفسر عنك ., فأنا أشعر بأن كل منا يميل إلى الآخر وهذا كل ما له أهميته في الحقيقة, لكن هناك بعض الأمور التي قد يكون من المناسب أن يطلع عليها المرء. على سبيل المثال بودي أن أعرف هل لديك أب؟ أم ؟ وهل لديك أشقاء وشقيقات ؟ وما هو سنك؟
لم يجبها بول على الفور, وإنما كان قد ضمّ ذراعيه خلفه ونظر إليها بإعجاب ثم قال:
" أحب الطريقة التي تتحدثين بها . لم أتعرف سابقاً على شخص يتحدث بهذه الطريقة, ما عدا من يرد ذكرهم في الكتب ومن هم من أناس صخوري."
أناس صخورك؟؟..""
قال "أنا في الحادية عشر .ليس لدي أب أو أم . توفوا جميعاً ., أنا أعيش هناك مع" ستيفن كان" وهو رجل رائع يعزف على الكمان ويصطحبني في زورقه لصيد الأسماك., وسوف يشاركني في ذلك عندما سأصبح أكبر سناً., وأنا أحبه جداً وأحب أناسي الصخريين أيضاً..."
كانت الآنسة تريفور تستمتع بحديثه بشكل كبير . كان ذلك الفتى الوحيد من بين جميع من قابلتهم من الأولاد, من تحدّث إليها بالأسلوب الذي كانت ترغب أن يتحدث به, لكما أنه كان قد فهم ملاحظاتها دون الحاجة إلى تفسير. سألته "ما الذي تقصده بأناسك الصخريين"
قال بول " نورا إحداهم وهي الأفضل من بينهم . وأنا أحبها أكثر من الآخرين لأنها كانت أولّهم. هي تعيش حول المنطقة, لها عينان سوداوان وشعر أسود., وهي تعرف كل شيء عن حوريات البحر وعن الأعشاب البحرية. عليك أن تستمعي إلى القصص التي ترويها عن كل ذلك. ثم هناك البحّاران التوأم, هما لا يعيشان في أي مكان لأنهما يُبحران طوال الوقت, لكنهما يأتيان في كثير من الأحيان يأتيان إلى هذا المكان ويتحدثان إلي. هما من الأشخاص المرحين ولديهما كل شيء في هذا العالم, بل وأكثر مما في هذا العالم, لو كنت فقط تعرفين ذلك... هل تعلمين ما حدث ذات مرّة لذلك البحار التوأم الأصغر ؟. حسناً, كان قد أبحر في غابة قمرية, وهي كما تعلمين, خطّ الأثر الذي يتركه القمر البدر على سطح الماء عندما يرتفع عن البحر., كان التوأم الأصغر قد أبحر على طول خط القمر إلى أن وصل إلى القمر. وجد هناك باباً ذهبياً صغيراً, فتحه وأبحر داخل القمر وكانت له هناك الكثير من المغامرات الرائعة...
كتبت عن كل ذلك في دفتر مذكراتي. كما أن هناك سيدة الكهف الذهبية . كنت قد عثرت ذات يوم على كهف كبير إلى جانب الشاطئ, دخلت إليه ووجدت هناك السيدة الذهبية. لتلك السيدة شعر ذهبي يصل إلى قدميها, كانت ترتدي ثوباً يشبه في لمعانه الذهب الصافي., وكانت تحمل قيثارة ذهبية تعزف عليها طوال اليوم -- قد يكون بإمكانك أن تسمعي الموسيقى لو أصغيت جيداً, لكنك ستعتقدين بالتأكيد بأن تلك الموسيقى هي صوت الرياح التي تهب بين الصخور. لم أتحدث مع نورا مطلقاً عن تلك السيدة الذهبية لأنني أخشى أن يجرح ذلك مشاعرها., فهي تحزن حتى لو صادف أن تحدثت لفترة طويلة مع البحارين التوأمين. وأنا أكره أن أجرح إحساس نورا لأنني أحبها أكثر من جميع الأشخاص الصخريين.
قالت تريفور" بول! ما مدى الصحّة في كل ما رويته الآن؟"
حدّق بها بول باستغراب واعترض قائلاً " لا شيء بالطبع! اعتقدت بأنك سوف تُدركين ذلك على الفور. لو كنت أعلم أنك لن تدركين ذلك لكنت حذّرتك من أنه ليس فيها أي شيء من الصحّة. اعتقدت أنك من النوع الذي قد يُدرك ذلك."
قالت الآنسة تريفور بحماس " أنا هكذا بالطبع ! كنت سأدرك ذلك لو أنني توقفت عن التفكير. حسناً, بدأ الوقت يتأخر, علي الآن أن أعود رغم أنني لست أرغب في ذلك, لكنني سوف أعود من جديد لكي أجتمع بك. ألن تكون هنا بعد ظهر الغد؟"
أجاب الفتى" نعم , لكنني كنت وعدت التوأم الأصغر أن ألقاه إلى جانب الصخور بعد ظهر الغد , لكن بإمكاني أن ألقاه بعد غد . أتعلمين, هذا هو الجيّد في أناس الصخور., بإمكان المرء أن يعتمد عليهم , فهم يكونون هنا كلما رغب المرء في ذلك. لن يهتم التوأم الأصغر بذلك فهو لطيف الطباع. ولكن, يا إلهي, لو كان ذلك الموعد مع التوأم الأكبر!... أستطيع القول بأن التوأم الأكبر حادّ الطباع لذا تُراودني أحياناً بعض الشكوك بشأنه., وأعتقد أنه قد يصبح قرصاناً هذا لو تجرأ على فعل ذلك! أنت لا تعلمين كم يصبح عنيفاً في بعض الأحيان كما أن هناك ما هو غامض فيه بالفعل."
كانت الآنسة تريفور وهي في طريق عودتها إلى الفندق قد تذكرت دفتر المذكرات. حدثت نفسها وهي تبتسم:
" عليّ أن أجعله يُطلعني على ذلك الدفتر. الواقع أن هذا الفتى عبقري بالفطرة. عندما يخطر ببالي أنه قد يصبح بحاراً في المستقبل! ليس بإمكاني أن أفهم كيف سيتم ذلك بدأت أحبه بالفعل . حسناً, يجب أن تميل المرأة لشيء ما. قد لا يحتاج المرء لمعرفة الأشخاص لسنوات طويلة لكي يحبهم."
كان بول بعد ظهيرة اليوم التالي بانتظار الآنسة تريفور على صخور خليج نويل , لكنه لم يكن بمفرده وإنما كان برفقته رجل طويل القامة بوجه ذي تقاطيع خشنة وبلحية يعلوها الشيب. كان يرتدي ملابساً خشنة ويبدو من صيادي الشاطئ. لكن أكثر ما كان يلفت النظر في ذلك الرجل عيناه العميقان الطيبتان. وبذلك كانت الآنسة تريفور قد مالت إليه . كان الرجل عندما وصلت, قد انتقل إلى الطرف الآخر وكان قد وقف هناك لبعض الوقت مُحدقاً بالبحر , بينما كان بول والآنسة تريفور يتحدثان معاً , ثم توجه نحو الخليج واختفى في بيته الصغير الداكن.
حينئذ قال بول بجدّية " جاء ستيفن معي لكي يتأكد بأن من أن أتحدث إليها سيدة صالحة."
" قالت الآنسة تريفور بضحكة مكبوتة :
" آمل أن يكون قد وجدني كذلك."
قال بول " أووه , هذا بالتأكيد, وإلا لما كان سيذهب ويتركنا بمفردنا!. ستيفن هذا شخص حريص جداً بالنسبة لمن يسمح لي بمعاشرتهم, حتى أنه كان قد طلب مني, قبل أن أصادق التوأم الصخريين, أن أقسم على ألا أدعهما يكيلان الشتائم. أنا أدرك أحياناً من نظرة التوأم الأكبر بأنه يرغب أحياناً بأن يشتم ,لكنني لا أسمح له بذلك لأنني وعدت ستيفن...أنا على استعداد لأن أفعل أي شيء لأجل ستيفن , فهو في غاية الطيبة معي. ستيفن هو الذي ربّاني , أتعلمين كم يحرص على أن يقوم بذلك بشكل جيد ., نحن سعداء تماماً هنا, كل ما أرغب به هو أن يكون لدي المزيد مما أقرأه من الكتب. نحن نذهب معاً إلى الصيد وعندما نعود مساء أساعد ستيفن في تنظيف الأسماك ثم نجلس أمام الباب ويبدأ ستيفن بالعزف على الكمان. نحن نجلس هناك أحياناً لساعات . نحن لا نتحدث كثيراً وإنما نجلس ونفكر., وبإمكاني أن أقول ليس هناك الكثير ممن هم مثل ستيفن...
ولم تتمكن الآنسة تريفور من الاطلاع على دفتر المذكرات لا في ذلك اليوم ولا في الأيام التي تلته . كانت كلما أشارت إلى ذلك يصطبغ وجه بول بالحمرة ويقول بحرج :
" أووه, ليس بإمكاني أن أطلعك عليه ! الحقيقة أنني لم أطلع عليه أحد حتى ستيفن ولا حتى نورا. دعيني أطلعك على أمر آخر بدلاً عن ذلك, وهو أمر حدث معي ذات مرّة ومن زمن بعيد., وسوف تجدينه أكثر تشويقاً من ذلك الدفتر, لكن عليك أن تتذكري بأنه ليس حقيقياً ! عليك ألا تنسي ذلك , هل بإمكانك ذلك؟. "
" وافقت الآنسة تريفور بالقول" سوف أحاول ذلك."
" حسناً, بينما كنت جالساً هنا ذات ليلة في وقت غروب الشمس -- كما كنت في الليلة التي تقابلنا بها-- وصلت إلى البحر سفينة رائعة وصعدت إليها. كانت السفينة متلألئة أشبه بداخل صدفة بحرية وكان شراعها أشبه بضوء القمر. وبذلك أبحرت عبرها باتجاه الغروب. تصوري ذلك! كنت قد أصبحت داخل الغروب ! وما هو الغروب برأيك ؟ الغروب أرض مُغطّاة كلياً بالزهور, وهو أشبه بحديقة جميلة جداً , أما الغيوم فهي مَسكبة (مضجع) تلك الزهور . كنا قد أبحرنا من مرفأ كبير جداً, مرفأ أكبر من الفندق الذي تقيمين فيه بآلاف المرات. ثم ترجلت من السفينة على سهل كبير من الورود ومكثت هناك لمدة طويلة, لمدة عام كما بدا لي, لكن البحار التوأم الأصغر قال لي بأنني لم أكن قد تغيبت أكثر من بضع ساعات أو ما شابه ذلك... الوقت في أرض الغروب أطول بكثير مما عليه هنا. وأنا الآن سعيد جداً لعودتي إلى هنا, فأنا أشعر دوماً بالسعادة عندما أعود إلى الكوخ والى ستيفن. والآن ! لابد أنك تُدركين بأن كل ما رويته لك لم يكن قد حدث على الإطلاق!.."
لم تكن الآنسة تريفور قد تخلّت بسهولة عن موضوع دفتر المذكرات , لكن بول كان يرفض اطلاعها عليه, وكان ذلك قد دام لفترة طويلة. كانت تأتي يومياً إلى الخليج وتقابل بول الذي كان يُصبح يوماً بعد يوم أكثر قرباً إليها. كان بول فتىً غريب الطباع, كان مرحاً, ذكياً كما كان عفوياً جداً. ومع ذلك , لم يكن فيه ما هو غير ناضج أومأ هو غير سوي. كان بول فتىً بكل معنى الكلمة مُحباً للمزاح والمرح , لكنه لم يكن يُجيد التحكم بما قد يعتريه من وقت لآخر من سرعة الانفعال , رغم أنه , وهذا ما كان قد أعلم به الآنسة تريفور, لم يكن يُظهر ذلك للسيدات. حيث قال:
" قد أغضب جداً من التوأمين البحارين في بعض الأحيان وحتى أنني قد أغضب من ستيفن رغم أنهم جميعاً في غاية الطيبة معي., لكن لا يمكن أن أغضب منك أو من نورا أو من السيدة الذهبية , هذا غير ممكن."
كان لدى بول ما يرويه يومياً للسيدة تريفور من قصّص جديدة عن مغامراته الرائعة على الصخور أوفي البحر , وكان يحرص دوماً على أن يؤكد لها مُسبقاً بأنها ليست واقعية. كانت مخيلة الفتى أشبه بمَوشور يحوّل كل شعاع من نور يقع عليه إلى قوس قزح. كان يُحب الشاطئ والبحر جداً., وكان العالم الوحيد بالنسبة إليه هو العالم لذي يقع إلى أبعد من خليج نويل هو عالم الخيال ., كما لم تكن له من رفقة سوى ستيفن . قال ذات مرة للآنسة تريفور :
"وها هي أنت الآن , أنا أحبك أيضاً لكنني أعلم بأنك سوف تغادرين قبل أن يمر وقت طويل , وبذلك لست أترك لنفسي العنان لأن أحبك تماماً كما أحب ستيفن والصخور."
ثم استغرق في تأملاته بطريقته الساحرة تلك وأعلن أخيراً :
" بإمكاني بالطبع أن أحبك أكثر من البحارين التوأم ومن السيدة الذهبية وأعتقد أيضاً بأن بإمكاني أن أحبك بقدر محبتي لستيفن, ولكن ليس بقدر محبتي لنورا! أووه ! لا , لن أحبك بقدر محبتي لنورا ... كانت الأولى كما ترين وكانت هنا دوماً. أشعر بأنني لن أتمكن, وهذا بالتأكيد, من أن أحب أي شخص كما أحب نورا."
وكان بول ذات يوم , بعد ذهاب ستيفن إلى السيد , قد اصطحب الآنسة تريفور إلى ذلك البيت الصغير وعرض عليها ما لديه من كنوز. ثم تسلقا السُلم في إحدى زوايا العليّة التي ينام فيها , إلى نافذة صغيرة مربعة تُطلّ على البحر حيث بإمكان المرء أن يسمع من هناك هدير البحر وأنين الرياح ليلاً ونهاراً. كانت لدى بول العديد من المحارات النادرة ومن الأعشاب البحرية والطحالب ومن أجزاء غريبة الشكل من حطام السفن ومن البقايا الطافية لمخلفات السفن, كما كان لديه رفّ صغير مليء بالكتب. قال بول بحماس :
"هذه الكتب رائعة كان ستيفن قد جلبها لي, وهو, في كل مرّة يذهب فيها إلى المدينة لشحن أسماكه ,يجلب لي معه كتاباً جديداً."
سألته الآنسة تريفور" ألم تذهب قطّ إلى المدينة؟"
" أووه , بلى , ذهبت مرتين , اصطحبني إليها ستيفن. كانت مكاناً رائعاً! وكنت بعد عودتي قد تحدثت عن ذلك لأناسي الصخريين ., كان علي أن أعلمهم عما شاهدته وعن كل ما جرى هناك. كما كانت نورا قد اهتمت بذلك للغاية . أما السيدة الذهبية فلم تكن تُصغي إلي. هكذا هم الأشخاص الذهبيين."
سألته الآنسة تريفور وهي ترقبه عن كثب:
" هل ترغب في العيش في المدينة وبأن يكون لديك كل ما تريد الحصول عليه من الكتب, وبأن تلعب مع أصدقاء وصديقات حقيقيين, وأن تزور تلك الأراضي الغريبة التي يتحدث عنها البحارة.
نظر إليها بول بذهول ثم قال بتردّد:
" أنا... لا أدري ... لا أعتقد بأنني سوف أحب كثيراً ألا يكون ستيفن ونورا هناك أيضاً."
لكن تلك الفكرة الجديدة التي كانت الآنسة تريفور قد طرحتها عليه ظلّت معلّقة في ذهنه., وكانت تعود إلى ذهنه بين فترة وأخرى, وكانت في كل مرّة تبدو أقل جدّة وأقلّ غرابة.
تساءلت الآنسة تريفور" لِم لا ؟ يجب أن يحصل هذا الفتى على فرصته. كما لن يكون لي بعد الآن أي أولاد, وسوف يكون بول هو البديل للولد الذي لم أرزق به."
ثم جاء أخيراً اليوم الذي أطلعها فيه بول على دفتر مذكراته ... بعد أن أحضر إليها بول لدفتر وكانت قد جلست على الصخور بجانب البحر قال لها:
" سوف أذهب للتجوّل حول المكان وللتحدث مع نورا بينما تقرئين الدفتر, أخشى أن أكون قد أهملتها مؤخراً – لابدّ بأنها تضايقت من ذلك."
تناولت الآنسة تريفور الدفتر الذي كان عبارة عن عدة أوراق خِيطت معاً وتم تجليدها بغلاف من القماش. كان مليئاً وبكامله تقريباً بكتابات بخطّ يدّ طفولية ., لكنه كان مع ذلك في غاية الترتيب على الرغم من الأغلاط الإملائية ومن الأغلاط في علامات الوقف والفواصل. كان عبارة عن مزيج غريب من الأفكار الطريفة والتخيّلات , وتملأ العديد من صفحاته الأحاديث المتبادلة بينه وبين البحّارين التوأم ., بينما احتل سرد المغامرات الخاصّة لبول باقي الصفحات. لم تكن الآنسة تريفور قد استغرقت الكثير من الوقت في قراءته بالكامل , لكنها كانت في بعض الأحيان تجد بأن من المستحيل أن يكون من كتب مثل تلك المذكرات فتى لايزال في الحادية عشر., كما كانت في أحيان أخرى تجد فيه بعض العبارات الطفولية الساذجة التي جعلتها تضحك ببهجة. بعد أنهت الآنسة تريفور قراءة الدفتر وأغلقته وجدت ستيفن خلفها.
سألها " ما رأيك بما ورد فيه؟"
" أعتقد بأنه رائع, بول فتى في غاية الذكاء."
قال ستيفن باقتضاب " اعتقدت ذلك دوماً " ثم دسّ يديه في جيوبه وحدقّ بكآبة في البحر.
لم تكن الآنسة تريفور قد وجدت من قبل فرصة التحدث معه في غياب بول, وبذلك قررت أن تستفيد من عدم وجود بول وقالت:
" أود معرفة بعض الأمور المتعلقة ببول , أو بالأحرى كل شيء عنه . هل هو أحد أقاربك ؟"
قال ستيفن دون اكتراث , لاتزال يده في جيبه وقد بدأ يضغط بأسنانه بقوة على غليونه -- لكن لم يكن بإمكان الآنسة تريفور أن تلحظ ذلك :
" حسناً, كان من المفترض أن أتزوج والدته, كانت فتاة جميلة جداً تعيش قرب الشاطئ, لكنها كانت قد أغرمت بحب شاب جاء للتدريس في مدرسة المنطقة ثم تزوجا وذهبت معه. كان ذلك الشاب رجلاً طيباً , هذا ما عرفته الآن , رغم أنني لم أكن في السابق على أي استعداد للتفكير به بشكل إيجابي... لكنها كانت مع ذلك غلطة منها فلم يكن بإمكان راشيل أن تعيش بعيداً عن البحر. كانت قد حزنت جداً وبدأت تتوق إلى البحر الذي كان عالمها وهذا ما أدى إلى أن تحطم قلبها. كانت بعد وفاة زوجها قد عادت إلى المكان الذي تحبه لكن ذلك كان بعد فوات الأوان. لم تعش أكثر من شهر واحد وكان الطفل بول في عامه الثاني...
لم يكن هناك من قد يعتني به ,كما لم يكن لدى راشيل أو لزوجها أي أقرباء., وبذلك أخذته وفعلت كل ما بإمكاني لأجله ... ولكن ربما لم يكن ذلك بالكثير..."
قالت الآنسة تريفور, ولكن بالأحرى بنوع من التنازل:
" أنا متأكدة بأنك قدمت له الكثير , لكنني أعتقد بأن عليه أن يحصل الآن على أكثر مما كان إمكانك أن تمنحه له . يجب أن يتم إرساله إلى مدرسة ؟ "
هزّ ستيفن رأسه تعبيراً عن التأييد وقال:
" ربما! ربما ! لم يكن قد التحق بالمدرسة لأن مدرسة الميناء بعيدة جداً. كنت قد علّمته القراءة والكتابة كما اشتريت له ما كان بإمكاني تأمينه له من كتب, لكن لم يعد بإمكاني أن أفعل أكثر من ذلك لأجله."
قالت الآنسة تريفور:
" لكن بإمكاني أن أفعل ذلك , كما أن لدي الرغبة بأن أفعل ذلك , فهل ستتخلى عن بول لأجلي ؟ سوف يحصل بذلك على جميع الميّزات. أنا ثرية ... وبإمكاني أن أفعل الكثير لأجله."
استمر ستيفن بالتحديق بالبحر ثم قال أخيراً :
" كنت أتوقع أن أسمع منك شيئاً من هذا القبيل , لست أدري . لو اصطحبت بول معك سوف يصبح رجلاً أكثر ذكاء وأكثر غنىً ولكن هل سيكون ذلك من الأفضل له ؟ وهل سيكون أسعد مما هو عليه الآن ؟ هو ابن والدته, وهو يحبّ البحر وأسلوب الحياة فيه. ليس لديه أي شيء من والده ما عدا محبته الشديدة للكتب. لكنني لن أختار له ... بإمكانه أن يذهب معك لو رغب بذلك ... بإمكانه أن يفعل ذلك !."
وكان بول في النهاية قد رغب بذلك., نظراً لأن ستيفن كان قد رفض الإدلاء بالكثير من الحجج بغية التأثير عليه أو لمحاولة إقناعه بالبقاء, مما جعل بول يعتقد بأن ستيفن لم يكن يأبه كثيراً فيما إذا كان سيبقى معه أم سيتركه ويذهب مع الآنسة تريفور... كما كان قد انبهر أيضاً بالآنسة تريفور وبإغراءات الكتب والمعرفة التي سوف تزوده بها.
وبذلك قال وهو يتنهد بعمق:
" أعتقد بأنني سوف أذهب معك."
كانت الآنسة تريفور قد ضمته حينئذ إلي صدرها وقبلته بشعور غامر من الأمومة. كما كان بالمُقابل قد قبّل خدها بحياء وهو يعتقد بأن من الرائع أن يعيش معها على الدوام...
كان قد شعر بالسعادة وبالحماس ., كانت سعادته كبيرة وكان حماسه إلى الحدّ الذي أدى إلى ألا يتأثر كثيراً عندما آن أوان الرحيل...مما جعل الآنسة تريفور تجد بأنه أخذ الأمر بكثير من السهولة., وتشعر بذات الوقت برغبة مُبهمة بأن يكون بول قد أبدى على الأقل قدراً أكبر من الحزن... وكان ستيفن أيضاً قد ودع الفتى الذي يُحبه أكثر من حياته دون أن يُظهر له مقدار ما كان فيه من انفعال عاطفي. , كان قد تردّد للحظة وقال بأناة :
" وداعاً بول , عليك أن تكون ولداً صالحاً, وأن تتعلّم كل ما بإمكانك أن تحصل عليه من العلوم , ولو حدث وشعرت بأنك لم تتأقلم فبإمكانك دوماً أن تعود..."
وكانت الآنسة تريفور عندما انطلقا في طريقهما قد سألته وهي تبتسم" هل ودّعت أصدقاءك الصخريين"
قال بول " لا, لم ... لم أتمكن من ذلك ... لم أعلمهم بأنني سأرحل. سوف يُحطم ذلك قلب نورا. أرجوكِ, من الأفضل ألا أتحدث عنهم بعد الآن. فقد لا أرغب برفقتهم عندما سيكون لدي الكثير من الكتب, والكثيرون ممن سوف ألعب معهم من الفتيات والفتيان."
انتقل بول مع الآنسة تريفور بالسيارة إلى مدينة تبعد مسافة تقارب العشرة أميال لكي القطار في اليوم التالي . وكانت الآنسة تريفور بعد تناولهما الشاي في منزل إحدى صديقاتها التي كانا سيمضيان الليلة معها قبل إكمال رحلتهما , قد اصطحبت بول في نزهة إلى إحدى الحدائق. كان بول بعد عودتهما متعباً وهادئاً , لذا أرسل للنوم في غرفة نوم فاخرة الأثاث كانت قد أفزعته بروعتها وذلك كان بقي وحيداً هناك...
استلقى بول في البداية بكل سكون على الوسائد الُمترفة العُطرة. كانت تلك هي الليلة الأولى التي سيُمضيها بعيداً عن العليّة التي تطلّ على البحر التي بإمكانه أن يلمس سقفها المائل بيده . كان بول عندما تذكر ذلك قد أحسّ بثقل على صدره, وانتابه شعور غريب بالحنين, كان قد افتقد صوت ارتطام مياه البحر فوق الصخور., ولم يكن بإمكانه أن ينام بدون تلك التهويدة. دسّ وجهه في الوسادة لكن شعوره بالحنين و بالوحدة تصاعدا وأصبحا أسوأ فأسوأ وبدآ يتسببا له بألم في صدره مما جعله يتأوه. آه.. كم كان يرغب بالعودة إلى منزله!... لا, من المؤكد أنه لم يكن قد رغب بمغادرته... نعم, لم يكن يقصد أبداً أن يغادر منزله. هناك تلمع النجوم الآن فوق الميناء., سيكون ستيفن جالساً أمام الباب , وحيداً تماماً مع كمانه. لكنه لن يعزف عليه... سيكون جالساً هناك مُحنياً رأسه... لابد أن ما يعتري قلبه الآن من شعور الوحدة ينادي, عبر الأميال التي تفصل بينهما, شعور الوحدة في قلب بول. آه!.. لا يمكن أن يكون قد قصد بالفعل الرحيل عن ستيفن.
وما ذا عن نورا ؟ ستكون نورا الآن جالسة بانتظاره فوق الصخور... نعم, هي الآن بانتظاره بشوق ... بانتظاره هو بول الذي لن يأتي إليها بعد الآن... وهو يكاد برى أمامه الآن وجهها الفاتن وهي تنقل نظرها حول المنطقة بكل شوق بانتظار قدومه.
جلس بول في السرير تخنقه دموعه. آه..! ما هي أهمية الكتب والمدن الغريبة ؟... ومن هي الآنسة تريفور , صديقة شهر واحد؟ بالمقارنة بنداء البحر وبستيفن الطيّب وبالعيون العميقة لأناس الصخور؟ لا... لا ... ليس بإمكانه أن يُبعد عنهم على الإطلاق ... على الإطلاق...
انسلّ بهدوء خارج السرير , وبعد أن ارتدى ملابسه في الظلام, كان قد أضاء المصباح قليلاً وفتح الصندوق الصغير الذي كان ستيفن قد أعطاه له قبل سفره, ذلك الصندوق الذي يحتوي على كتبه وعلى كنوزه, أخرج منه قلماً وقطعة صغيرة من الورق وكذلك دفتر مذكراته. ثم كان بيدّ مرتعشة لكثرة ما كان فيه من لهفة , قد كتب فيها ما يلي :
" عزيزتي الآنسة تريفور!
أنا عائد إلى منزلي, لا تقلقي علي لأنني أعرف الطريق. علي أن أعود... هناك ما يناديني ... لا تتضايقي فأنا أحبك ولكن ليس بإمكاني البقاء... تركت لك دفتر مذكراتي , بإمكانك أن تحتفظي به ... لكن علي بالفعل أن أعود إلى ستيفن وإلى نورا.
بول
وضع تلك الحاشية الصغيرة ودفتر المذكرات على الطاولة, ثم أطفأ المصباح وتناول معطفه وخرج بهدوء. كان المنزل هادئاً جداً. كتم أنفاسه ونزل السلالم على رؤوس أصابعه ثم فتح الباب الأمامي وخرج . كان يعرف الطريق التي تقود مباشرة إلى منزله., لكنه عندما وصل إلى جانب الطريق اصطدم بكلب مسعور. كان الوقت متأخراً ولم يكن هناك أحد في ذلك الشارع الهادئ. ركض بول إلى أن كاد يتوقف عن التنفس, ثم مشى على نحو يُثير الشفقة إلى أن تمكن من التقاط أنفاسه, وعاد بعد ذلك للركض من جديد, ولم يجرؤ على التوقف عن الركض إلى أن أصبح خارج تلك المدينة البغيضة التي تبدو أشبه بسجن كان ينغلق حوله, وعن ذلك المنزل الذي يحجب عنه رؤية النجوم حيث تزحف الريح فيه من خلال المناطق الضيقة فقط أشبه بالأشياء المقيدة الذليلة بدلاً من أن تهبّ بكبرياء فوق المناطق الشاسعة للبحر.
ثم بدأت المنازل تصبح أقل وأكثر تباعداً إلى أن تركها خلف ظهره. سحب نفساً عميقاً, كان ذلك أفضل., كان بالأحرى خانقاً بالطبع فلم تكن حوله أية هضاب أو حقول أو غابات كثيفة في كل مكان , واستمر في السير إلى أن أصبحت سمائه أخيراً فوق رأسه , كانت تبدو تماماً كما هي في كوخه في خليج نويل ... تعرّف على النجوم وكأنهم أصدقائه, فكم من مرّة كان ستيفن قد أشار إليها عندما كانا يجلسان معاًُ إلى جانب باب ذلك البيت الصغير.
لم يعد الآن يشعر بالخوف على الإطلاق. كان يعرف الطريق إلى منزله, وكانت كل خطوة تُقرّبه من خليج نويل ومن نورا ومن ستيفن ومن أصدقائه الصخريين . بدأ يُصفّر وهو يتوجه إلى الأمام بكل ثبات.
وصل إلى خليج نويل عندما كان الفجر على وشك البزوغ
كانت السماء فوق الميناء من ناحية الشرق بلون أزرق سماوي رائع الجمال, وكانت الريح تهبّ من هناك لاذعة ومنعشة. كان بول في غاية الإرهاق لكنه ركض بخفّة على الصخور المنحدرة إلى جانب الخليج. كان ستيفن هناك على وشك إنزال زورقه إلى البحر ., وكان عندما شاهد بول قد حدّق به ولمع على وجهه تعبير غريب من الجذل والبهجة .
شعر بول فجأة بالبرد... كانت طفرة بهجته قد كبحت في مهدها. فلم يكن قد غامره الشك وهو في طريقه إلى منزل, في ذلك الطريق الطويل المتعب, نعم , لم يكن قد غامره أي شك بالتأكيد طوال ذلك الطريق ... ولكن الآن؟
ثم صاح " ستيفن! ها قد عدت ! كان علي أن أفعل ذلك !... كان علي ذلك !... ستيفن! هل أنت سعيد ؟ هل أنت سعيد بعودتي ؟"
كان وجه ستيفن خالياً من أي تعبير أكثر من أي وقت مضى, لأن ذلك الانفجار العاطفي الذي يخشاه بول كان قد مرّ بحكم العادة أشبه بتفشي لمحة سريعة من ضوء الشمس بين الغيوم المتلبدة, ثم قال:
" أعتقد بأنني سعيد بعودتك ... نعم أنا كذلك ... كنت بعض الشيء آمل أن تعود ... من الأفضل أن تذهب الآن لكي تتناول إفطارك..."
وبذلك كانت عينا بول قد أشرقتا أشبه ببزوغ الفجر , ذلك لأنه أدرك بأن ستيفن كان مسروراً بعودته , كما أدرك بأنه لم تعد هناك حاجة للمزيد من الكلام... وبأن كل شيء بينهما قد عاد الآن كما كان في السابق قبل مجيء الآنسة تريفور ... عادا إلى تلك الرفقة المثالية التي لا يمكن أن يُفسدها شيء...
قال بول" سوف أذهب أولاً لرؤية نورا وسأعود بعد ذلك لتناول إفطاري..."