THE UNFORGOTTEN ONE

غير المَنسية

للكاتبة لوسي مونتغومري

كانت تلك ليلة الميلاد . لم يكن هناك أي جليد أو ثلوج أو رعد وبرق., وإنما كانت ليلة معتدلة تُزين سماءها نجوم خافتة الضياء. وكانت نسمات لطيفة تهب بين الفينة والفينة  بين أشجار التنّوب وفي الأعشاب الذابلة المنتشرة في كل مكان على طول ممرات الحديقة , ويصدر عنها حفيف خافت. كانت تلك الليلة أشبه بليلة من ليالي مطلع الربيع أو من ليلي نهاية الخريف أكثر من ليلة في شهر كانون الأول ( ديسمبر)., لكنها ليلة الميلاد ... كان هناك ضوء يتوهج من خلال الظلام  خلف كل نافذة من نوافذ "إنكليسايد" أشبه بوردة حمراء تتمايل بين نباتات دائمة الخضرة.

كان الأطفال في طريق عودتهم إلى المنزل , بعد أداء صلاة الميلاد ., كانوا كعادتهم : فريتز ومارغريت  معاً,  ولادي برفقة نورا , واثنان من أولاد روبرت بالنيابة عن روبرت الذي كان قد توفي من أربعة عشر عاماً . وبذلك كان من الضروري أن تكون كافة التحضيرات قد أعدّت لكي يتم استقبالهم أحسن استقبال في بيت العائلة , من أضواء بهيجة ومأكولات شهيّة وترحيب حّار..

كان الطبيب فريتز وصغاره آخر القادمين., دخلوا الفناء بين نباح الكلاب وصيحات التهاني البهيجة التي استقبلهم بها الجميع أمام الباب. قالت الأم وهي تعانق أول أولادها وتقبّل وجهه :

" ها قد أصبح الجميع هنا "

ثم كان هناك الكثير من القبلات ومن تبادل الأمنيات ومن الضحكات. لكن ناني كانت الوحيدة بين تلك المجموعة التي كانت قد اعتزلت الجميع ووقفت بعيداً في ظلّ موقد غرفة الجلوس . كتمت ناني نشيج امتعاض ومسحت بيديها الصغيرتين دموع المرارة التي كانت تسيل على خديها. ثم تمتمت بين دموعها :

" لا, لسنا جميعاً هنا. الآنسة إيفيس ليست هنا... آه! ...

كيف بإمكانهم أن يكونوا بمثل هذه البهجة ؟ كيف بإمكانهم أن ينسوها."

لكن لم يكن هناك من سمع أو التفت إلى ناني, فلم تكن سوى الفتاة اليتيمة الصغيرة , فتاة تعيش في إنكليسايد على الإحسان. صحيح أنهم كانوا جميعاً بغاية الطيبة معها, وبأنهم يحبونها كثيراً , لكنهم قد ينسونها عن غير قصد في مثل تلك المناسبات التي تكون فيها الاجتماعات عائلية ., فلم تكن توحدّها معهم  رابطة الدم,  وبذلك كانت تُترك على الفَضلة...

لم تكن ناني تتحّسس مطلقاً من ذلك, وكان كل ذلك من الطبيعي بالنسبة إليها., لكن قلبها كان مُحطّماً في تلك الليلة  لأنها شعرت بأنهم لم يتذكّروا الآنسة إيفيس...

كانوا قد تجتمّعوا بعد العشاء أمام موقد غرفة الجلوس الذي تم تزينه بمناسبة ليلة عيد الميلاد بالنباتات الخضراء وبنباتات ثمر العلّيق., حيث كان من المتعارف عليه بينهم أن يتجمّعوا على شكل دائرة حول الموقد, وأن يُحدّث كل منهم الآخر عما جلبه له العام الفائت من خير وشرّ ومن حزن وبهجة. لكن الدائرة كان ينقصها شخص واحد هذا العام, ومع ذلك, لم يكن أي منهم قد تحدث عن ذلك...

كانت هناك ابتسامة على كل وجه وكان هناك نغمة سعادة في صوت كل منهم.

جلست الأم وجلس بجانبها الأب في وسط الدائرة , بشعرهما الأشيب ووجهيهما الجميلين اللذين ترتسم عليهما قصة حياتهما المُترفة., وجلس الطبيب فريتز على الأرض إلى جانب الأم أشبه بصبي صغير., كان رأسه الكبير الأشيب الشبيه برأس والده على حجرها وكانت إحدى يديه القويتين الناعمتين , اللتين تُشبهان بنعومتهما يدي امرأة على طاولة العمليات , تُمسكان بيدها. كما جلست إلى جانبها نورا الرقيقة ذات السنوات العشرين التي لازالت أشبه بطفلة على الرغم  من أنها مُدرسة في المدرسة الحكومية.  كانت النيران القرمزية تنعكس على وجهها الفَتيّ الجميل الذي يُتوّجه شعر أشقر ناعم, وعلى عينيها الزرقاوين الحالمتين وعلى وجنتيها وصدرها. كان في أحد أصابعها خاتم من اللؤلؤ, لم يكن فيه في اجتماع ليلة الميلاد في العام الماضي. وكان لادي , الذي يبدو أشبه بشخص من طراز بدائي لا يمكن أن يشاهد المرء مثله سوى في كتب القديسين, جالساً إلى جانب  الموقد ., ولادي هذا  شاب وسيم  يَشعّ المرح من عينيه. كما جلست في الجهة الأخرى مارغريت يدها بيد والدها ., وهي امرأة  تتميّز برقّة طباعها., ثم كان هناك أيضاً طفليّ روبرت التوأم اللذين يُشبه كل منهما الآخر بحيث يتعذّر معرفة من منهما سيسيل ومن هو سايد.

كان زوج مارغريت وزوجة فريتز يُلاعبان الأولاد في الردهة  تصل صيحاتهم المرحة إلى الرواق. كان بإمكان ناني أن تكون معهم لو رغبت في ذلك, لكنها فضلّت البقاء بمفردها في الزاوية المظلمة للرواق,  وأن تحدّق بعينين حسودتين تعيستين بتلك المجموعة المُرحة وأن تستمع إلى أحاديثهم  ونِكاتهم وضحكاتهم وبداخلها احتجاج غير مجدٍ. آه !.. كيف بإمكانهم أن ينسوها بهذه السرعة ؟...لم  يمرّ بعد عام كامل على وفاة الآنسة إيفيس... كانت في ليلة عيد الميلاد الفائت جالسة بينهم هنا حول الموقد. كان حضورها اللطيف الورع يجعل منه مركزاً للعائلة حتى بأكثر من حضور الأم والأب.  والآن...ها هي نجوم شهر كانون الأول ( ديسمبر) تلمع فوق قبرها بينما ليس هناك من يتذكرها في هذا الجَمع السعيد المرح . لم يتم النطق باسمها  ولا حتى مرة واحدة., ويبدو أن حتى هذا الكلب العجوز قد نسيها  وها قد جلس الآن إلى جانب مرغريت بغبطة  يُحدّق بالموقد ويُرمش بعينيه بغبطة ..

همست ناني وهي تسمع  ضحكة من القلب استقبلت بها قصّة رواها الدكتور فريتز:

" لم يعد  بإمكاني الاحتمال أكثر من ذلك !"

ثم  تسلّلت إلى المطبخ . ارتدت معطفها وقبعتها وتناولت  إكليلاً صغيراً من زهور الياس البري من  صندوق كان تحت الطاولة وهي تُحدث نفسها :

" كانت الآنسة إيفيس تُحبّ الياس البرّي... كانت تُحبّ كل ما ينمو من نباتات خضراء.

وعندما فتحت باب المطبخ لكي تخرج  شعرت بلمسة باردة على يدها ., كان الكلب العجوز واقفاً هناك يهزّ ذيله وينظر إليها بعينين حزينتين, وكأنه يرجوها بصمت أن تصطحبه معها.

قالت ناني وهي تُربت على رأسه:

" فإذن أنت أيضاً تتذكرها جيبي!  فإذا لتأت معي."

تسلّلا معاً في العِتمة. كان الظلام دامساً لكن المنزل لم يكن بعيداً جداً عن المقبرة, التي تقع إلى جانب الطريق خارج منطقة الأعشاب الخضراء.  توجهت ناني مباشرة إلى نقطة  ظليلة , ركعت على الأعشاب الذابلة ووضعت الإكليل على قبر الآنسة إيفيس .,أخذت دموعها تتساقط على حافته  ثم أجهشت بالبكاء وهي تقول:

" آه... آنسة إيفيس ! آنسة إيفيس" أنا افتقدك كثيراً !  لا يمكن أن يكون هناك عيد ميلاد بدونك... كنت دوماً طيبة ولطيفة للغاية معي ... لا يمكن أن يمرّ يوم دون أن أتذكرك وأتذكر كل العبارات الرقيقة التي كنت تقولينها لي... أنا أحاول أن أكون فتاة صالحة كما أردت مني أن أكون, لكنني أكره أن ينسوك... نعم! أنا أتألم لذلك! لن أنسك أبداً يا آنسة إيفيس الغالية! وأنا أفضل أن أبقى معك هنا بمفردي معك وفي الظلام من أن أعود إليهم."

ثم جلست ناني الصغيرة إلى جانب القبر, وتمدّد الكلب العجوز إلى جانبها على التراب وثبّت نظره على لوح الرخام الأبيض. كان الظلام دامساً بحيث لم يكن بإمكان ناني أن تقرأ العبارات المكتوبة عليه لكنها كانت تعرف غيباً كل كلمة كُتبت عليه .

" ذكرى الغالية  إيفيس ميوود توفيت في 20 كانون الثاني ( يناير) من العام 1902 وفي سن  ال 45. "

كما كُتبت تحتها بعض العبارات التي كانت المتوفاة اختارتها بنفسها وأوصت بكتابتها:

"لا تتمنوا لي ليلة سعيدة, وإنما تمنوا لي صباحاً جميلاً في يوم مُشرق."

ولكن , آه! ...ها قد نسيها الجميع , نعم ,  نسيها الجميع الآن !

بعد أن مرّت ساعة على جلوس ناني إلى جانب القبر كانت قد شعرت فجأة بالفزع لدى سماعها وقع أقدام تقترب من القبر . وبما أنها لم ترغب بأن يراها أحد هناك , زحفت بسكون واختبأت خلف شاهدة الضريح في ظلّ شجرة الصفصاف وتبعها الكلب العجوز إلى هناك...

كان ذلك الدكتور فريتز. كان يتوجه إلى الضريح وهو يعتقد بأنه سوف يكون بمفرده مع المُتوفاة., وبذلك ركع إلى جانب القبر ووضع رأسه على الشاهدة. وقال برقّة:

" إيفيس! إيفيس العزيزة ! جئت الليلة لكي أزورك في قبرك لأنني شعرت بأنني سوف أكون هنا أقرب إليك من أي مكان آخر., ولأنني أرغب بالتحدث إليك كما كنت أفعل منذ طفولتنا في كل ليلة عيد ميلاد... صديقتي الغالية العطوفة إيفيس! افتقدتك كثيراً هذه الليلة, ليس من كلمات قد تعبر عن مقدار ما أحنّ إليك., وإلى انعكاس نيران الموقد على وجهك اللطيف وإلى استقبالك الودّي لي... مرارة الفراق تعتصر قلبي ...لم يكن  بإمكاني حتى أن أتلفظ باسمك وسط كل تلك المجموعة المرحة وتلك الرفقة الطيبة ... كنت أشعر بحزن شديد بمجرد النظر إلى مقعدك الخالي. إيفيس , أريد أن أعلمك بما حققته خلال العام الفائت :  تمّ إثبات نظريتي وبذلك تمّ تبنيها وهذا ما حقق لي الكثير من النجاح والشهرة. كنت قد تحدثت إليك عن ذلك في العام الماضي , وكنتِ قد استمعت إليّ وآمنت بما قلته رغم أنه لم يكن قد أُثبت بعد... إيفيس الغالية ! شكراً من جديد على كل ما منحتني من ثقة ولإيمانك بي ولما كُنته لي , وأنت لا تزالين كذلك بالنسبة إلي... جلبت لك ورودك وهي ورود نضرة بيضاء وعَطرة كما كنت أنت طوال حياتك..."

وعلى إثر انسحاب الدكتور فريتز , وصل إلى مسامع ناني صوت وقع أقدام تُسرع إلى القبر مما منعها من النهوض. كان ذلك لادي , لادي المرح  اللامُبالي العديم الإحساس  (كما كانت سابقاً فكرتها عنه).

قال لادي : " ورود؟ هذا يعني أن فريتز كان هنا ! إيفيس  العزيزة ! جلبت لك زهور السوسن. آه إيفيس!... أنا أفتقدك كثيراً ... كنت مرحة وطيبة للغاية, وكنت تَفهمين الناس جيداً . جئت الليلة لكي أقول لك بأنني أفتقدك كثيراً. يبدو المنزل شبه خالٍ بدونك.  إيفيس, أنا أحاول أن أكون رجلاً أفضل, وحتى أفضل مما كنت تريدين مني أن أكونه. امتنعت عن كل ما كنت فيه من طيش , وأنا أحاول أن أرتقي بنفسي إلى المستوى الأخلاقي الذي كنته أنت... كان الوضع أفضل عندما كنت طفلاً, حيث كان من السهل عليّ أن أشعر بالراحة عندما أُفضي لك بما في نفسي. نعم, صحيح أنني أنعم بأفضل أم في العالم , لكننا أنت وأنا كنا أفضل صديقين حميمين, ألم نكن كذلك إيفيس؟"

شعرت  بأن علي أن أهرب الليلة إلى هنا وأن أتخلص من كل ما يُثقل كاهلي بالبكاء على قبرك كالطفل. لو كان أحدهم قد تحدث عنك لكنت سوف أحيّيه!..."

ثم كان لادي قد جفل فجأة لدى سماعه وقع أقدام تقترب خلفه, كانا أولاد روبرت . كانوا قد جاؤوا خِفية لزيارة القبر, وكانوا على وشك أن يعودوا على أدراجهم عندما وجدوا شخصاً هناك.

قال لادي بصوت أجش" مرحباً, وهكذا جئتم أنتم أيضاً لزيارتها !"

قال سيسيل بكآبة " نعم, كان... كان علينا أن نفعل ذلك. لم يكن بإمكاننا أن نأوي إلى فراشنا , يبدو كل شيء موحشاً  بدون ابنة العم إيفيس."

وقال سايد " كانت طيبة جداً معنا "

قال سيسيل تخنقه دموعه " كانت تتحدث معنا بكل لطف لكنها كانت أيضاً تحب المرح."

قال لادي بصوت خفيض:

" أيها الأولاد , لا تنسوا أبداً ما كانت تقوله لكم ابنة العم إيفيس, عليكم أن تُصبحوا رجالاً لكي تفخر بكم "

ثم غادر الجميع معاً , الأولاد وعمهم .

وعلى الفور من مغادرتهم جاءت نورا وهي تتسلل في الظلام من بدء هبوب الرياح بين الأشجار.

همست "  آه...  إيفيس كم أرغب برؤيتك ! أود أن أروي لك كل شيء... عن ..عنه. ...  كنت ستفهمينني تماماً. فهو أعزّ وأفضل حبيب قد تحصل عليه فتاة. كنت أنت أيضاً ستعتقدين ذلك...آه إيفيس!  إيفيس,  أنا أفتقدك جداً! وحتى أن هناك ما يُعكر صَفو سعادتي لأن ليس بإمكاني أن أتحدث معك عن الأمر كما كنت أفعل سابقاً... أود أن أشعر بوجودك إلى جانبي, أردت أن أراك إيفيس الغالية , كنت دوماً معنا..."

بعد أن غادرت نورا المقبرة وهي تُجهش بالبكاء جاءت مارغريت , مارغريت الصارمة الجديّة وقالت:

" ابنة عمي الغالية, العزيزة علي كأخت لي. وجدت بأن علي أن أزورك الليلة. ليس بإمكاني أن أصف لك كم  أفتقدك , وكم أفتقد نصائحك وأحكامك العقلانية  البعيدة النظر, وكم أفتقد صحبتك المأمونة. أردت أن أعلمك بأنني رزقت في العام الماضي بطفل , إيفيس! كم كنت ستسرين بذلك لأنك تعلمين أكثر من أي شخص سنوات المرارة التي عشتها قبل ذلك, وكم كنا  سنسعد بالتحدث معاً عن طفلي, كنا سنتشارك في تنشئته نشأة جيدة إيفيس ! إيفيس , ترك لي فقدانك فراغاً لا يمكن أن يملأه أحد!..."

كانت مارغريت لاتزال واقفة إلى جانب القبر عندما جاء العجوزان.

قالت" أمي ! أبي! أليس الطقس بارداً لمجيئكم إلى هنا "

قالت الأم " لا مارغريت , لم يكن بإمكاني أن آوي إلى فراشي دون أن أزور قبر إيفيس. ربيتها مذ كانت طفلة, حيث كانت والدتها وهي على فراش الموت قد عهدت بها إلي. كانت بالنسبة إلي كالابنة تماماً ومثلكم جميعاً, وأنا أفتقدها جداً, طوال الوقت, وفي كل يوم, وفي كل لحظة!..."

وقال الوالد العجوز بصوت مُتهدّج:  يفتقدها الجميع , كنا جميعاً نحبها , كانت فتاة طيبة , إيفيس فتاة طيبة جداً , ليلة سعيدة إيفيس."

قالت مارغريت برقّة " لا تقل ليلة سعيدة, وإنما لتقل لها ذات صباح مُشرق عِمت صباحاً , كانت تلك رغبتها كما تعلم . لنعد الآن , بدأ الوقت يتأخر. "

كانت ناني عندما غادر الجميع قد انسلّت ناني من الجهة المظلمة . كان قد خطر ببالها بأنه لم يكن من المناسب أن تُصغي إلى  أحاديثهم لكنها كانت قد شعرت بالحياء, وبذلك لم تكن قد أعلنت عن وجودها  لمن جاؤوا لزيارة قبر إيفيس. لكن قلبها كان قد امتلأ بالبهجة والسعادة وقالت:

" آه!  آنسة إيفيس! أنا سعيدة جداً, سعيدة جداً ! لم ينسوك . لم ينسك أي منهم . أنا آسفة لأنني كنت قاسية في حكمي عليهم.  وأنا الآن في غاية السعادة لأنهم لم ينسوك., وقد ازدادت محبتي لهم أكثر لأنهم فعلوا ذلك....

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية