الزهرة المسحوقة
- التفاصيل
- مقالات
- مقالات عامة
- في: الثلاثاء، 19 كانون2/يناير 2016 00:14
- أمل الرفاعي
- القراءات: 6846
ذبل شباب منى، منى التي كانت أشبه بزهرة تفتحت بين الأشواك.. فإن كانت الزهور تذبل عندما لا تلقى ما تحتاجه من عناية ومن انتعاش بالماء الذي هو عنصر الحياة؛ فإن المرء الذي لا يجد من يُشعره بإنسانيته، والذي يفتقد إلى من يمنحه الحنان الذي هو عنصر الحياة وغذاء الروح بالنسبة لبني البشر؛ يصبح أشبه بالزهور الذابلة...
لم تكن منى قد لقيت يوما ـ ومنذ طفولتها ـ ما يُغذّي روحها البريئة. كانت تشعر دوما بأنها عبء على عائلتها وبأنها الشخص الإضافي في تلك العائلة المؤلفة من عشرة أفراد، وبأن مجيئها إلى العالم ـ كان كما يُشعرها كل من حولها ـ كان شؤما على عائلتها.
كثيرا ما حاولت منى أن تفهم سبب ذلك النفور وعدم الاهتمام، لكنها لم تكن قد وجدت بين أفراد عائلتها من هو أو من هي على استعداد حتى للإجابة على تساؤلها؛ الذي ظلّ دوما ذلك السؤال المُبهم والأمر الغريب الذي رافق طفولتها المُبكرة، وإلى أن بلغت سنّ الرشد وإلى أن نضجت مداركها؛ حيث كان الأمر قد أصبح حينذاك جليا تماما أمامها.
كانت الابنة الأصغرَ سنا في عائلتها، كان ما تم إعلامها به هو أن والدها قد فارق الحياة وهو لا يزال في أوج الشباب، وبعد ولادتها بأشهر قليلة نتيجة لحادث سير أليم. كان قد ترك عبء تلك العائلة الكبيرة على عاتق والدتها التي لم تكن يوما قد تقبّلت قدرها، وأن وفاته قد جعلتها تُصبح عنيفة عصبية المزاج، وهو ما جعلها تقسو بشكل خاص على منى التي اعتبرها جميع أفراد عائلتها شؤما عليهم.