الشعب يريد ...
- التفاصيل
- مقالات
- سياسة وأحداث
- في: السبت، 29 كانون2/يناير 2011 18:11
- نوال السباعي
- القراءات: 4033
معجزة يتردد صداها من المحيط إلى المحيط، معجزة، هي هذه الثورة التونسية الشعبية، بالقياس للأوضاع الإنسانية المهينة التي تعيشهاالمنطقة العربية، وبالمقارنة مع حجم التعب الذي أنهك أرواحنا بسبب من طغيان الحكام ونهبهم الخيرات، وسبب من طغيان المحكومين وانهيار المنظومة الأخلاقية في المجتمعات، معجزة باعتبار التداعي الاستعماري علينا ثقافيا وعسكريا، لامتصاص ثرواتنا،ودعم السرطان الإسرائيلي الذي أحدثه في قلب القلب.
هذه الملابسات نفسها،تشكل التحديات الحقيقية لهذه الثورة،التي يستحيل أن يتوقف أثرها على الشعب التونسي وحده، إنه زلزال تنتشر اهتزازاته في منطقتناالتي تمتد حدودها من القهر إلى القهر، كما فيمن يعتبرون أنفسهم "المجتمع الدولي"، الذي مازال يعاني من حالة الصدمة تجاه مايجري في تونس، والذي تردد صداه مباشرة في صنعاء والقاهرة والجزائر، في زمن انفصمت فيه عروة فلسطين إلى شرقية وغربية، وباتت القضية الشماعة التي يعلق عليها الجميع شهواتهم في الالتصاق بالكراسي ، ويشهد فيه لبنان "انقلابا" خطيرا لايعلم إلا الله ماسيترتب عنه في القريب أو البعيد.
المشهد بالنسبة لمن يسمون أنفسهم "المجتمع الدولي" فظيع!، لأنه يخرج من حساباتهم، ويتمرد على مخططاتهم، ويكاد يفلت من قبضة مصالحهم السرية والعلنية، التي تريد في المنطقة ديمقراطيات تخدم مصالحهم فقط، وليس ديمقراطيات تنمو بإنسانها ومجتمعاتها، والأخطر بالنسبة لهذا المجتمع الدولي فيم يجري،أنه لافضل له ألبتة في شيء مما حصل ويحصل ليَدّعي الفضل له فيه!!، فالمنطقة التي استولى عليها الغرب بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، فاستعبد أهلها ونهب خيراتها، بتواطيء بعضٍ من مُستبديها، خاصة فيم بعد 11/9، بدا أنها غير ميتة ولا مستسلمة، وأن الجيل الجديد المولود في "تيه" الوهن والارتكاس،والتمزق بين الشعارات، خرج لتوه من قمقم الصبر والقهر، وتجاوز الحركات التي عملت طويلا لبث الروح فيه على اختلاف مشاربها، إسلامية كانت أم قومية أم علمانية، ورفع صوته بشعار "الشعب يريد "، فهو في تونس لم يكتف بطرد عصابة السراق، بل يريد تغيير الحكومة وسط ضغوط دولية وعربية هائلة لسرقة ثورته،و في مصر يريد إسقاط النظام، هكذا..على النهج الذي سنه التونسيون لهذه الأمةالواحدة، بمقاطعاتها الاثنتين والعشرين، الشعب يريد.. في اليمن والجزائر، ويريد في سوريا وفي الكويت وفي قطر وفي السعودية وفي المغرب، الشعب يريد، وإرادته يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.