أصبحنا نرى الكثير من القنوات الفضائية الموجهة للأطفال، ونسمع عن العديد من المحطات الإذاعية التي تخصص برامج لهم، كما أن أرفف المكتبات تغص بمجلات الأطفال بألوانها الجذابة ورسوماتها الشيقة وموضوعاتها الممتعة، لكن ماذا عن صحف مخصصة للأطفال؟!
تعود فكرة صحافة الطفل إلى القرن الثامن عشر حينما صدرت أول صحيفة للطفل في فرنسا، أما في العالم العربي فكثرت مجلات الأطفال لكن لم يتم إصدار إلا عدد قليل من الصحف الخاصة بهم مثل جريدة (فراشات) التي تم إشهارها بالأردن عام 2005 لكنها شهرية الصدور لذلك هي أشبه بالمجلة.
لقد سرني الاطلاع على فكرة رائدة لإصدار جريدة يومية للطفل العربي تهدف إلى تنمية ثقافته وزيادة معرفته وتشجيعه لأن يكون قارئا مفكرا قدمها الدكتور طارق البكري في كتيبه المختصر والقيّم الذي صدر مؤخرا بعنوان ( نحو جريدة يومية للطفل العربي).
المميز بكتيب د. البكري أنه يقدم خطوطا عريضة ومقترحات عملية حول الفكرة ليسهل تطبيقها، كما أنه يهتم بكل جوانب الفكرة من أهداف واسم وفئة عمرية مستهدفة وموعد إصدار وسعر وإعلانات ونواح فنية وأسلوب وسياسة تحريرية. ركز د. البكري على ضرورة الاهتمام بشكل ومضمون الصحيفة المقترحة فقال: "إن الشكل يمكن استثماره وتكييفه لخدمة المادة الممتازة، فيكون النجاح أكبر حجما وأشد وقعا، فتحقق الرسالة أهدافها جنبا إلى جنب مع الصناعة".
كما ناقش القالب اللغوي الذي ينبغي استخدامه في مخاطبة الطفل إعلاميا فدعا لأن يكون الأسلوب مبسطا وممتعا ومختصرا، ولم يغفل الجانب التربوي والنفسي حيث حذر من عرض مواد العنف والجريمة، ومن التناقض بالأفكار والوعظ المباشر، ونبه إلى أهمية مراعاة التنوع بالمواضيع .
أما أبواب الصحيفة التي اقترحها د. البكري فكانت مميزة لمحاكاتها للصحف اليومية العادية وملاءمتها للأطفال بالوقت ذاته.
والمثير للاهتمام أن د. البكري بدا وكأنه يسعى لأن يحقق الأطفال ما لا حققه الكبار من وحدة عربية منشودة، فمن خصائص الصحيفة التي عددها أنها "لا تنطق باسم دولة محددة ولا جهة حزبية أو عقدية، وتتخذ منهج الاستقلال والتميز"، وأن "تنشد العالمية" وتوجه خطابها "لجميع الأطفال الناطقين بالعربية، والعرب على وجه الخصوص".
إن رؤية الدكتور الفاضل هي فكرة جديرة بالاهتمام والتبني، وخطة منظمة وواضحة، وبداية رائعة لمن يريد أن يساهم في إيجاد بديل إعلامي نافع ومفيد للطفل العربي، وفي بناء شخصية ناجحة متسلحة بالعلم والإيمان.
ليس د. البكري من أوائل من بلوروا فكرة إصدار جريدة يومية للطفل لتكون قابلة للتطبيق فحسب، بل له دراسات قيمة وبحوث إعلامية ثرية، كما عرف بتفوقه في مجال أدب الطفل وتقديمه رؤى جديدة وفريدة ومبدعة لإثراء العالم العربي وخصوصا في المجالات المتعلقة بالثقافة، فهو صاحب فكرة إنشاء جامعة عربية لدراسة الطفولة.
نفخر بأن يضم العالمان العربي والإسلامي شخصية ذات فكر مستنير مثل د. البكري، ونعتز به وبأمثاله ممن يعملون جاهدين لنشر الثقافة ويسعون لتطوير المجتمع في كافة المجالات، أسأل الله عز وجل أن يبارك لهم في علمهم وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين.
التعليقات
د.طارق البكري
للأسف نحن -في وطننا العربي- لم نعود أطفالنا على القراءة منذ الصغر والنتيجة هي ما نراه الأن من ثمار مرة كالعلقم.
أحيي دكتور طارق على المبادرة وعسى يكون فاتحة خير إن شاء الله
كما تحمل أرفف مكتبي مجلدًا لقصص الأطفال قام الدكتور طارق البكري بكتابته , وهو ممتع للكبار أيضًا
واشاركك بما تفضلتي وقلتي بأن العالمان العربي والإسلامي يفخران بوجودعالمٍ مختصٍ مثله , فقد كرس وقته وجهده لتنمية الثقافة عند الأطفال , واتمنى ان يرى مشروع جريدة الطفل العربي اليومية النور قريبًا
جزاك الله كل خير وجعل جهودك الطيبة في ميزان حسناتك
الأخ هشام ماجد
نقطة في محلها بارك الله فيك، إن هناك عدد لا بأس به من كتب ومجلات الأطفال العربية كمجلة ماجد التي كنت أداوم على قراءتها أسبوعيا لما تحويه من مواضيع ممتعة ومفيدة، ولكن العيب في عدم وجود من يشجع على القراءة كما تفضلت.
كما أنني أرى أن الخطأ يقع أحيانا على سوء الترويج، ومجلة فتيات فلة التي تظهر إعلاناتها في قناة سبيس تون هي أكبر نموذج ناجح لحسن الترويج.
الأخت إيلاف
شكرا على التعليق، للأسف لم يكتب الله لي متابعة فقرة الدكتور الفاضل بمنتقى الأوج ولكنني متأكدة من أنها كانت قيمة جدا.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة