خوفا من عقلها تجد البعض يحلو له أن يضع الأقفال على فمها وعينيها وأذنيها فتغدو لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم وإن حدث فبإذن، وخوفاً من إغوائها وفتنتها يحلو للبعض الآخر أن يزيد فيحكم الإغلاق بنقاب – ولا أقصد هنا من ترتديه بإرادتها لسبب أو لآخر- وهكذا تبدو المرأة فى مكانها " محلك سر " ، لا زالت تطالب بشارع آمن، ومكان عمل آمن ، وحتى "بيت" آمن!
لا زالت بالفعل " محلك سر" تفتقد الأمان فى كل مكان تغشاه، ووسط هذا كله تجد تبريرات جاهزة من الشيوخ والمثقفين لما يمارس تجاه المرأة من قهر .
ولأن الأمان والكرامة لا تمنحها مساحات زائدة من أقمشة ولا توصيات من كهنة عصريين، وإنما عقول فاهمة وإرادات عادلة، فإنك تندهش عندما تجد نداءات أو كتابات منصفة كالذي كتبه الشيخ عائض القرني فى جريدة الشرق الأوسط مؤخراً مفنداً جوانب ظلم المرأة فى مجتمعاتنا ، فعن ظلمها ماديا يقولً: "ظُلمت المرأة عند الجهلة في مالها ثلاث مرات، مرة قبل زواجها يوم كان أبوها الجافي وأخوها القاطع يحاسبانها في آخر كل شهر على راتبها، ويقتران عليها بالنفقة، وظلمت مرةً ثانية من زوج بخيل شحيح تسلط على مالها وحرمها حرية التصرف فيما تملكه، وظلمت مرة ثالثة لما طلقت فمُنعت من أبسط حقوقها المالية، فخسرت المال والزوج والأطفال والبيت والحياة الأسرية.
وفى شأن آخر تظلم المرأة فيه أيضا، يقول:" المرأة مظلومة عند الكثير من القساة الجفاة الجهلة بالشريعة، فإن تأخر زواجها لسبب من الأسباب الخارجة عن إرادتها قالوا: عانس حائرة بائرة ولو أن فيها خيرا لتزوجت، وإن طُلقت قالوا: لو أن عندها بعد نظر، وحسن تبعُّل، وجميل خُلق، لما فارقها زوجها، وإن رُزقت كثيراً من الأبناء والبنات قالوا: ملأت البيت بالعيال، وأشغلت الزوج بالأطفال، وإن لم ترزق ذرية بأقدار إلهية، قالوا: هذه امرأة عقيم لا يمسكها إلا لئيم، والبقاء معها رأي سقيم".
فقرات أخرى من المقال الذى أراه من أجمل ما كتب ومن شيخ ، مثلت هذه الفقرات رداً قوياً على من يقول " هوه الستات عايزين إيه"، " أو من يدعو على قاسم أمين باعتباره محرر المرأة وأنه جرها إلى الشقاء، أو حتى من يقول " ما انتوا أخدتوا كل حاجة ناقصكم إيه"، يقول القرنى:
"وإن تركت مواصلة التعليم وجلست في بيتها تشرف على أولادها قالوا: ناقصة المعرفة، ضحلة الثقافة، رفيقة جهل، وإن واصلت التعليم وازدادت من المعرفة قالوا: أهملت البيت، وضيعت الأسرة، وتجاهلت حقوق زوجها.
وإن لم يكن عندها مال قالوا: حسيرة كسيرة فقيرة أشغلت زوجها بالطلبات وكثرة النفقات، وإن كان عندها مال وأرادت التجارة والبيع والشراء قالوا: تاجرة سافرة مرتحلة مسافرة، لا يقر لها قرار ولا تمكث في الدار، عقت الأنوثة وتنكرت للأمومة.
وإن طالبت بحقوقها عند زوجها وأهلها قالوا: لو أن عندها ذوقا وحسن تصرف لنجحت في حياتها الزوجية ولكنها حمقاء خرقاء، وإن سكتت فصبرت على الظلم ورضيت بالضيم قالوا: جبانة رعديدة، لا همة لديها ولا حيلة في يديها، وإذا ذهبت إلى القاضي ورفعت أمرها للحاكم قالوا: هل يعقل أن امرأة شريفة عفيفة تنشر أسرارها عند القضاة وتشكو زوجها وذويها عند المحاكم؟ أين العقل الحصيف؟ وأين العرض الشريف؟
وإنما يحصل هذا الظلم والإقصاء والتهميش للمرأة في المجتمعات الجاهلة الغبية، فهي عندهم من سقط المتاع ومن أثاث البيت تُورث كما تورث الدابة، ويُنظر إليها على أنها ناقصة الأهلية قليلة الحيلة ضعيفة التكوين، تحتاج إلى تدبير وتقويم وتوجيه وتهذيب وتعزير، بل بعض المتخلفين الحمقى لا يذكرها باسمها في المجالس بل يعرض ويلمح ويقول مثلا: (المكلف)، (والحرمة)، و(المرأة أكرمكم الله)، و(راعية البيت) لئلا يفتضح بذكر اسمها، وهذه غاية النذالة، ونهاية الرذالة".
وهى لدينا نحن المصريين " الحكومة" ، ومؤخراً " جوانتانامو" كما سمى أحد السعوديين زوجته على الموبايل، أما الشيخ فيستطرد فى مقاله قائلاً:" وهي مخلوق كريم، وجنس عظيم، فالنساء شقائق الرجال، وأمهات الأبطال، ومدارس المجد، وصانعات التاريخ، وشجرات العز، وحدائق النبل والكرم، ومعادن الفضل والشيم، وهن أمهات الأنبياء، ومرضعات العظماء، وحاضنات الأولياء، ومربيات الحكماء، فكل عظيم وراءه امرأة، وكل مقدام خلفه أم حازمة، وكل نازح معه زوجة مثابرة، فهنّ مهبط الطهر، وميلاد الحنان والرحمة، ومشرق البر والصلة، ومنبع الإلهام والعبقرية وقصة الصبر والكفاح.
فيا أيها المتنكرون لحقوق المرأة لقد ظلمتم القيم وعققتم الفضيلة، وجهلتم الشريعة، ونقضتم عقد الوفاء، ونكثتم ميثاق الشرف، فأنتم خاسرون لأنكم ناقصون، ناديتم على أنفسكم بالجهل والغباء، وحكمتم على عقولكم بالتخلف والحمق، فتبا لمن ظلم المرأة وسحقا لمن سلبها حقوقها".
إلى هنا اكتفى باقتباسات مقال الشيخ وندائه، ووصفه للظلم والإقصاء والتهميش للمرأة بأنه يحدث في المجتمعات الجاهلة الغبية، لأترك للقارئ العزيز مهمة تصنيف مجتمعاتنا التى تدعى التحضر والعصرية.
أفعل ذلك كله، ليس دعاية للشيخ الذى لا أعرفه شخصياً، وإنما دعاية لرفع الظلم عن الإنسان عامة والمرأة خاصة ، المرأة التى تحتفل هذه الأيام بمرور 30 عاماً على اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، وعقبال 60 سنة تمييز!
التعليقات
لذا لا بأس إن هم نصورا في الدنيا الفانية، فنحن لنا إن شاء الله الآخرة، والآخرة خيراً وأبقى.
أختي الكريمة : من نسائنا المنقبات السعوديات من أظهرتها القنوات التلفازية وهي تتلقى درع التميز والتفوق في أحد أشهر جامعات فرنسا !!. ثمة فرق بين أن تنتقب المرأة وتمارس دورها في تنمية مجتمعها وبين أن : تنزوي في ركن فلا يكون لها دور أي دور ، ومعلوم أن الإنزواء قد يكون حتى من " السافرة الجاهلة ، كما أن الإندماج حتى الثمالة هو من أخص صفات - أعزكم الله وأكرمكم - " العاهرات " ، فهل يعد هؤلاء ممن ترتقي بهن المجتمعات ؟!!.
أما المرأة الفاضلة فلا ريب أنها هي الأم والأخت والزوجة والبنت ، وهي هي التي أكرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مقامها ومنزلتها ، ولسنا بحاجة إلى قانون من شرق ولا من غرب ، أولئك لم يتجاوزوا النظر إلى احتمالية كونها " بشرا " إلا قبيل سنوات لاتعد في عمر الأمم شيئا ، وحين أرادوا لها الإكرام جعلوها دمية يلهو بها الغادي والرائح . وحده الإسلام من أعزها وجعلها في الموضع اللائق لكن نعم علينا اللإرار كما قال الشيخ بأننا لم نطبق مايمليه علينا ديننا بشأن المرأة تطبيقا صحيحا ، والحل عندها يكون بالرجوع إلى منهلنا العذب ، ويوم أن نطبقه في كل شئوننا لا في شأن المرأة فحسب ، أجزم أننا لن نحتاج لنظام أو قانون من هنا أو هناك نستند إليه بل إن كل الأبصار غربيها وشرقيها ستشرئب إليه سائلة القرب والإقتباس .
نحن نعاني مشكلات تربوية كبيرة، والمشرفون على التعليم بكل مراحله لا يعطون هذه المشكلة حقها من الاهتمام. لم ندرس الأخلاق كعلم مستقل في المدرسة بحجة أننا ندرّس الدين، لكننا أهملنا تدريس الدين واعتبرناه مادة ثانوية، وأغلقنا الجوامع خارج أوقات الصلاة، فما حصل أبناؤنا ديناً ولا أخلاقاُ.
أفهم أن الشعب إذا فهم الدين صار خطراً على الحاكم، ولكن هل يشكل تدريس الأخلاق نفس هذه الخطر أيضاً؟
بعض شوارعنا وأسواقنا كالغابات، وعلى المرأة أن تسير ومعها صيادين مسلحين ببنادق وكلاب للحراسة. لكني أخاف من النقاب فلا أعلم من تحته: أرجل هو أم امرأة؟
أعجبت بقول الشيخ القرني: المرأة مخلوق كريم، وأتبنى كل حرف فيه، وعلينا الارتقاء لمثل هذا الفهم.
بيفرجها الله!
إحصائية : 11 جائزة فقط للمرأءة من مجموع 550 جائزة نوبل ، الفرق وأضح والظلم اوضح .
من الأسباب التي أدت الى ذلك : سيطرة الزكور على العالم ، كتب التاريخ التي ألفوها الرجال كان من الطبيعي ان ينحاز الرجال لبني جنسهم ، فهم الناس الخاطئ للدين ، قبول المراءة بهزا الوضع وأيضا انشغال المرأءة بالأمور التافهة .
ووأخيرا لك جزيل الشكر والتقدير على هزا المقال الرائع .............................. .............................. ........
وتحياتى لكم جميعا
ناهد إمام
أتفهم أن الكاتبات هنا - وهن كما أحسب ولا نزكي على الله أحدا - من الفاضلات ولا أتهمهن أبدا بتعمد الإساءة للمنتقبة ، غير أن الرد أحيانا يقصد من ورائه كف أي فكر مغاير يريد أن يتصيد في الماء العكر ، ودمت والكاتبة وجميع الكتاب والقراء بأكمل صحة وأتم عافية
اما فيما اوردته سابقا عن الظلم الذي يلحق بالمرأة ... فانا اتفق معك ... فما زالت المرأة تهان وتظلم باسم العادات التقاليد ...
كأبسط الامثلة ... الزوجة العاملة قد سمح لها بممارسة العمل خارج المنزل ولكن مع بقاء دورها داخل المنزل الذي اقصد به الاعمال المنزلية من طبخ وتنظيف وخدمة افراد المنزل وما الى ذلك ... والهم الاكبر اذا كانت اما ايضا ... الا يحق لها ان تحظى بقسط من الراحة !؟!
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة