ربما لم تعلم هي ؛ أنها إن رشّت له بعضاً من عطره المفضل في الصباح قبل ذهابه أن لمسة يدها ستبقى ترافقه اينما ارتحل وحلّ ،،
وربما لم يعلم هو أن قبلة على جبينها بعيد الضحى سترسم على محياها بسمة تضيء له البيت نوراً ، تجعله فردوساً على الأرض ،،
ربما لم تعلم وربما لم يعلم ،، وتستمر حلقات الظن بين تلك وذاك ، ويدور كلاهما في حلقة مفرغةً والأمل يحدو كل منهما أن يجده الآخر ،،
لقد أصبحت الخلافات الزوجية في مجتمعنا العربي تحتل الدرجات الأولى من سلّم الإصلاحات في المؤسسات الإجتماعيّة وغيرها المعنيّة بالعنف الأسري ، غير أن دور هذه المؤسسات يغيب ليبرز اخيراً بعد تفاقم المشكلة داخل نواة الأسرة ، وقد تكون أغلب المحاولات عجزت عن إيجاد حلول مناسبة وعلاج فعال وسريع داخل الجسد العائلي ليتفشى الداء ويبدأ الأزواج بالبحث عن الدواء إن حاولوا جاهدين فعلاً أن يفعلوا ذلك بأنفسهم بعيداً عن تدخل أطراف من خارج حدود المنزل !!
ونحن هنا إذ كنا بصدد المقارنة لحالات الطلاق بين الدول العربية ، فلا يجدر بنا أن نركّز على تعداد تلك الحالات فضلاً عن ايجاد حلّ جذريّ لها ، والذي ستكون العقيدة الاسلامية والسنة النبوية القاعدة الأساسيّة والمنطلق الأول لذلك كله ، ولن نتطرق إلى الحياة الأسريّة في الدول الغربية وشتان ما بين حياتنا الزوجية الإسلامية بكل أسباب الخلافات داخلها إن وجدت وبين معيشة الغرب التي بنيت على أسس خاطئة و سلوكيات وإباحات للزوجين أو الأولاد على حدّ سواء ، ويكفي أن تربيتنا الإسلامية لأبنائنا بنيت على رواسخ وقيم عجزت جميع الديانات عن إيجاد ثوابت مماثلة لها ، وعليه ينبغي علينا كمجتمع إسلامي
أن نعزز قيمنا المحمدية واسسنا العقائديّة وممارستها وتطبيقها في حياتنا الأسريّة والإجتماعيّة
كي نتخلص من آفة الخلافات الزوجية والفيروسات التي تتخلل حياة كل شريكين ، وتؤثر فيما بعد على الأولاد سلوكياً ونفسياً وحياتهم الاجتماعية وتعاملهم مع العالم الخارجي .
إن أخصائيي علم الاجتماع والباحثين فيه غالباً يتبادر إلى أذهانهم أول الأمر أن اساس أي خلاف زوجي يرجع إلى عدم استيعاب او فهم أحد الطرفين للآخر ، أو ان هناك ثغرة ما في تواصل الزوجة مع زوجها وبالعكس ، وكأنهما يشكلان خطّان متوازيان في مسار مستقيم يرفض أحدهما أن ينحني كي يلتقي مع الخط الآخر ، أو ان يرتقي أحدهما لحظة كي يتقاطع في نقطة معينة مع شريك حياته ؛ إن هذا أحد الاسباب الهامة والرئيسة بلا شك ، إلا أننا إن أردنا الرجوع إلى أصل المشكلة لحل فروعها فحقّ علينا أن نعود إلى أسس الاختيار السليم لكل من الخاطبين قبل الزواج ، وإذا أردنا أن نردّ هذا إلى أحد القواعد الفقهيّة فإحداها تقول : درء المفاسد أولى من جلب المنافع ، إذن فتجنب الوقوع في علاقة زوجيّة فاشلة أولى من التسرّع في الخطو على درب قد يكون الرجوع منه صعب والحياد عنه أصعب ، إلا أن أمرّ الأمرّين حلو ، فقد يكون في انفصال الزوجين راحة لأحدهما وندامة للآخر ، او راحة لكليهما على سواء ، إلا أن الأصل في ذلك كله كما سبق ذكره هو الاختيار ، وقد قيل في ذلك :
وأول خبث الماء خبث ترابه وأول خبث القوم خبث المناكح
وإن كان رسولنا الكريم قد حثّ على الزواج بقوله : " من استطاع منكم الباءة فليتزوج " ، إلا أن منهاجنا القويم علّل حرصه على حسن الاختيار بأهميّة ذلك على الحياة الأسريّة وما يترتب عليها من تأثير على المجتمع الاسلاميّ ككلّ .
ومن أهم الأمور الواجب ذكرها في اختيار الزوجة أو الزوج :
- الكفاءة في النكاح : " والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات " ، النور :26 ، وقد اختلف عدد من الفقهاء في أوصاف الكفاءة والاسس القائمة عليها ، فقال أبو حنيفة : هي النسب والدين ، وقالوا السلامة من العيوب ، إلا أن النقطة الرئيسة التي علينا أن نسلط الضوء عليها هي البيئة ، وقد أورد الإمام أحمد شيئاً من هذا فقال أن اوصاف الكفاءة خمسة : هي الدين والنسب والحرية والصناعة والمال ، أما عن النسب ففيه روايتان ؛ إحداهما : أن العرب بعضهم لبعض أكفاء ، الثانية : أن قريشاً لا يكافئهم إلا قرشيّ وبنو هاشم لا يكافئهم إلا هاشمي . تحفة العروس(18) .
والفهم المأخوذ مما سبق أن مكان المعيشة وطرق العيش واسبابه ، قد تكون أمراً هاماً علينا أخذه في عين الاعتبار في اختيار الزوج ، وما يصحب ذلك من التربية واخلاق الأهل ومن حولهم ،
وإن تزوجت فكن حاذقاً واسأل عن الغصن وعن منبته
واسأل عن الصهر وأحواله من جيرة الحيّ وذي قربته
غير أن العلماء يرون أن الكفاءة في النكاح بشكل اساسي يقصد بها الدين ،( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ، ( التوبة : 71 )
لا خير في حسن الفتاة وعلمها إن كان في غير الصلاح رضاؤها
فجمالها وقف عليها إنما للناس منها دينها ووفاؤها
- النظر إلى وجه المخطوبة أو الخاطب : فكل نفس بشرية تهوى الجمال وإن كان جمال الجوهر خير من جمال المظهر " فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " .
إن المتمعن في حالات الخلافات الزوجية ، ينبغي أن يردّ مسائل الاختلاف هذه الى الاختيار اولاً ، فلو أن التكافؤ موجود لما وقعت المشكلات في اغلب بيوتنا ، ولما تفاقمت الاوضاع تدهوراً ، فالتكافؤ العلمي والثقافي والمادي والتربوي والديني قبل أي شيء ، كل تلك الامور تحدد لنا كيفيّة الاختيار السليم ، فلو تخيلنا معاً أننا قمنا فعلاً باختيار مبنيّ على قواعد سليمة وبيّنة ، فكيف ستكون حياة أسرنا آنذاك ؟؟ ، بل وكيف سينعكس ذلك على سعادتنا الروحيّة ؟
ما أجمل أن يكون بيتنا كالجنة في جماله وسكينته وطيب رائحته ، ولن يكون كذلك إلا بتفاهم الطرفين واستيعاب كل منهما للآخر ومحاولة تغيير جادة لأي سلوك خاطئ او تصرف غير سليم ، برويّة وهدوء وأسلوب وجيه ، فحسن التعامل يؤتي ثماره الفضلى ، وقد يكون أفضل ما نعبر به عن تعاملنا مع بعضنا :
مرسل -- رسالة – طريقة الإرسال – المستقبل
فإن قام كلّ منا بحفظ حقوقه وواجباته تجاه زوجه وبيته ، سيغمر الحب قلوبنا ، حينها ستجمعنا المحبة !
ولو ارتقى كل منا بزوجه وزوجته ، كما الحال بين الأصدقاء ، فنجلس جلسة حوار لكتاب معين في ليلة ما ، ونحتسي كوب قهوة مساء يوم آخر ، ونستذكر أياماً جميلة مضت ونتواعد من جديد كالعاشقين ، ونزور الاماكن والأطلال مرة أخرى ، حينها ستتوجنا الصداقة !
أسعد الله جميع بيوت المسلمين ،، وبارك لهم في كلّ خير
التعليقات
هكذا انا ارى .......
فعلاً ابدعتي واتمنى لكي التقدم والمتابعة
زميلتك مها دولة.:-*
ربما يكون في كلامك لمسة من ألم تصفين فيه واقعاً محزناً بين الأزواج
لكنني أرى أن الزوجة تملك القدرة الاعظم ونصيب الأسد كما يقولون في جعل الحياة الزوجية مثالية بحكمتها وصبرها وخلقها واحترامها لزوجها ،، وحسن تربيتها لأبناءها ،،
ربما لم يعلم
ربما لم يعلم كليهما
بالفعل لربما نعلم العديد والكثير من الأمور
ولكن في يوم ما في لحظةم،ا نتفاجأ أننا لا نعلم شيء بل أي شيء
نعم كلنا نسير في فلك الإختيار ونجتهد في إختيار نصفنا الثاني
إختيار رفيق دربنا
إختيار ذلك الكيان الذي به تكتمل هذه الحياة
تلك الروح التي نظنها هائمة وتائهة في الحياة
لربما نجدها ولرما نظن أننا وجدنها ضمن عديد من الإجتهاد
نجتهد في كل شيء من نسبه وأصله وفصله وكيانه ووضعه المادي
نتذكر أنه لا بد أن يكون ذو خلق
نتذكر أنه لا بد أن يكون هذا الزواج ضمن إطار ديني وتحت ظلال الإسلام
وحينما تكون الواقعه
ننسى عديدا من معايير بالغة في الأهمية بل نصبناها في حياتنا كقواعد ثابتة لن نتعدها ما حيينا
ننسى كل شيء وإن ركزنا فنركز على الجاه والمنصب والسعة المادية
ننسى من ترضون خلقه ودينه
ننسى خيركم خيركم لأهله
ننسى ونسسى بل نتناسى أحيانا عديدا من تلك المرتكزات وتلك المسلمات التي نسير عليها في حياتنا بل جعلناها نصب اعيننا كخريطة واضحة المعالم لنسير عليها في حياتنا
بعد كل هذا نتفاجأ أننا زوج وزوجة تحت ضلال بيت واحد
هدوء
سكينة
في ليلة وضحاها بات البيت مستنقعا للخلافتا والمشاكل الأسرية
يهرب الزوج
تكشر الزوجه
تسن الحماة أنيابها
يعلوا الصراخ
مشكلة تلو مشكلة
حصل الطلاق
دمر البيت
لا بيت
زوج في جهة وزوجة في جهة أخرى وأبناء ضائعين
لم الخلاف ؟! ما السبب ؟ أين مكمن المشكلة ؟!
في النهاية مكمن المشكلة متجذر فينا لأننا دوما نتشدق بكثير من الأخلاقيات والرموز والمسلمات وحينما تكون الواقعة نلقي بها وراء ظهورنا وأهم تلك القواعد أن نسب المرء فينا هو خلقه وجاهه فينا هو أدبه وعلمه ، وبيته فينا ليست الجدران وإنما قلب نابض بمخافة الله ، وغير ذلك محض هراء ، هي نصوص لا نفهمها ونستدل بها لمجرد الإستدلال وهي عن واقع التطبيق في حياتنا بعيدة جدا بل مهمشة او مقتولة .
لربما لم يعلم
وهي لم تعلم
أن أكرمكم عند الله أتقاكم وأن خير التقوى في أن يقي المرء منا أهله سوء الموضع والختام .
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة