بحضور عدد كبير من الأدباء والأكاديميين والصحفيين، نظمت مؤسسة نجلاء محرم الثقافية ندوة استضافت فيها الأديب الجزائرى إبراهيم مشارة، وقد افتتحت الأديبة نجلاء محرم اللقاء بالترحيب بالضيف وبالجزائر ممثلة فى شخصه، مرورا بحالة التباعد التى تنتاب الأقطار العربية
بحضور عدد كبير من الأدباء والأكاديميين والصحفيين، نظمت مؤسسة نجلاء محرم الثقافية ندوة استضافت فيها الأديب الجزائرى إبراهيم مشارة، وقد افتتحت الأديبة نجلاء محرم اللقاء بالترحيب بالضيف وبالجزائر ممثلة فى شخصه، مرورا بحالة التباعد التى تنتاب الأقطار العربية كافة داعية إلى أن يقوم المثقفون بدورهم مادام المسئولون قد انصرفوا وتجاهلوا أهمية الترابط والتلاحم بين العرب، وحثت الحضور على تصور حدوث هذا اللقاء قبل خمسين عاما حيث حالة التضامن والترابط والعروبة والأخوة مزدهرة وحية، وقبيل تقديم الأديب إبراهيم مشارة تلت النشيد الوطنى الجزائرى.
استعرض "إبراهيم مشارة" مسيرة الأدب الجزائرى منذ مطلع القرن العشرين وحتى اليوم، وتناول إشكالية اللغة التى جابهت العديد من الأدباء والمفكرين الجزائريين فى بداية القرن العشرين الذين كتبوا بالفرنسية وقال أنهم كانوا يناطحون "مالرو" و"جيد" لكن النفى داخل اللغة أبعدهم عن ذاكرة القارئ العربى، وقال إن هذه الإشكالية قد بهتت للغاية وكادت تزول بعد سنوات طويلة قضاها الجزائريون فى ترسيخ اللغة العربية ونشرها وتعليمها والتشجيع على استخدامها ومقاومة المناهضين لها والمتعالين عليها.
ثم انتقل إلى سِيَرِ الكتاب الجزائريين ودور كل منهم فى دفع مسيرة الأدب الجزائرى بدءاً من بن هدوقة ومولود فرعون مرورا ببوجدرة حتى الطاهر وطار وأحلام مستغانمى.
وتطرق الأديب "إبراهيم مشارة" للحديث عن السينما الجزائرية باعتبارها أحد الروافد الثقافية لافتا النظر إلى الفيلم الجزائرى المشارك فى مهرجان "كان" الأخير 2010 والذى قوبل بالرفض والاستنكار فى مهرجان "كان" لاتخاذه خطا معارضا للتوجهات الغربية اليمينية.
وقد أشارت الأديبة نجلاء محرم إلى إسهام الجزائر القيم فى التقديرات العالمية حيث كان "ألبير كامى" المولود بالجزائر لأبوين فرنسيين هو أصغر حائز على جائزة نوبل، ووكان لـ"نور الدين مرسلى" و"حسيبة بولمرقة" باع كبير فى إحراز بطولات العالم وذهبيات الألعاب الأولمبية فى العدو، وفى مجال السينما نال فيلم "وقائع سنين الجمر" السعفة الذهبية فى مهرجان كان عام 1975.
وفى المداخلات التى أعقبت حديث الأديب الجزائرى سأله الشاعر "عطية شواش" عن رغبة الجزائريين أنفسهم فى التمسك باللغة العربية وعما إذا كانوا يحبذون هذا التوجه أم لا؟ وهل يؤثر التيار السلفى فى الجزائر على حركة الإبداع؟ وهل هناك توجهات سياسية وثقافية لمواجهته أم لا؟
وأجابه الأديب إبراهيم مشارة بأن الجزائريين شعبا ودولة يتمسكون باللغة العربية، وأن المعارضة الجزائرية ليست مؤثرة وبأن الكتب السلفية شائعة جدا إلا أن هناك تيار ثقافى يهتم بالاعتدال الفكرى ويؤمن بحرية الإبداع.
وكانت مداخلة الأستاذ الدكتور محمود عبد الحفيظ حول الأدب الشعبى الجزائرى هل هناك اهتمام بتدوينه وتوثيقه؟ وأجاب الأستاذ إبراهيم مشارة بأن الأدب الشعبى الجزائرى أدب ثرى جدا نظرا لتعدد الثقافات المكونة لنسيج الشعب الجزائرى وأن الاهتمام به حديث ويُرجى أن يكون مواكبا لعراقة هذا الأدب.
أما الأديب السورى خليل العجيل فقد لفت النظر إلى دور المدرس المصرى والمدرس السورى فى تدعيم اللغة العربية فى الجزائر. بينما استفسر كاتب الأطفال "عبد الرحمن بكر" عن بعض مجلات الأطفال الجزائرية التى شكلت وجدانه صغيرا وعما إذا كانت ما تزال تصدر أم لا. وتوالت المداخلات من الحاضرين حول الثقافة الجزائرية والعلاقات الثقافية المصرية الجزائرية ومدى استقرار اللغة العربية، وأهم هذه المداخلات جاءت عبر الأساتذة محمد عبد المنعم وجمال سعدة وعبد الرحمن لطفى.
حضر اللقاء لفيف من المثقفين والأدباء والصحفيين والمهتمين بالثقافة مثل الأساتذة: نبيل مصيلحى وعبد الخالق عبد الخالق وحاتم جمال الدين وأحمد المليجى ويسرا البطريق وتوحيد بيومى وعلاء عاطف وغيرهم.
واختتمت الأديبة نجلاء محرم الندوة الثرية التى لاقت تفاعلا ملحوظا من روادها بشكر الأديب "إبراهيم مشارة" وبرجاء لجميع الحضور أن يقوموا بمد يد التواصل لكل مثقف عربى مؤكدة أن هذه مهمة واجبة على جميع المثقفين العرب، وأنهت اللقاء بعبارة: "لقد عقدنا العزم أن تحيا الجزائر وسوريا واليمن.. وأن تحيا مصر حاضنة لجميع أحبتها"
وبعد ختام الندوة كان هناك الكثير من اللقاءات الهامشية التى أبدى خلالها الحضور تقديرهم البالغ للأديب "إبراهيم مشارة" مثنين على ثقافته الغزيرة وعمق رؤيته وتناوله للثقافة العربية عامة والجزائرية خاصة، وأكدوا أن لقاءهم به كان إضافة كبيرة لرصيدهم المعرفى ولروح المودة التى نسعى إليها، وضربوا موعدا جديدا للقائه أثناء معرض القاهرة الدولى للكتاب فى نهاية يناير القادم.