من جديد تعود د. سعاد الصباح إلى البحث في التاريخ .. التاريخ الكويتي تحديدا، حيث تسبر أغوار مراحل التأسيس وإرساء قواعد بناء الكويت .
ترحل د. سعاد الصباح مرة أخرى في كتابتها لسيرة زوجها سمو الشيخ عبدالله مبارك الصباح الذي يعد من أهم مؤسسي الكويت الحديثة وواضعي لبنات بنائها العصري المتطور. إذ تدرج في عدد من المناصب الهامة على رأسها منصب نائب الحاكم في أواخر الخمسينيات، بالإضافة إلى رئاسته للأمن العام وتأسيسه للجيش الكويتي
حمل الكتاب عنوان (صقر الخليج .. عبدالله مبارك الصباح) وهو طبعة جديدة مزيدة ومنقحة عما سبق وأصدرته بالعنوان ذاته في عدة طبعات منذ العام 1995.
في الكتاب توثق د. سعاد الصباح مسيرة زوجها سمو الشيخ عبدالله المبارك الصباح، فضمنته أدق تفاصيل حياته منذ ما قبل ولادته بقليل وحتى ما بعد وفاته بقليل، وما رافق ذلك من أحداث شملت معظم سنوات القرن العشرين، وكان لها الأثر الكبير في رسم خريطة الكويت سياسيا واقتصاديا وإنسانيا فضلا عن رسمها جغرافيا أيضا، مع الإشارة للأحداث العالمية الكبرى أو الإقليمية المهمة، ذات الأثر.
يتكون الكتاب مما يقارب من 700 صفحة من القطع المتوسط، وينقسم إلى ستة فصول ومقدمة للطبعة الخامسة مع مقدمة الطبعة الأولى، وكذلك الخاتمة، وصور للوثائق التي تم الاعتماد عليها في توثيق ما ورد في الكتاب، سواء كانت أجنبية أم عربية، بالإضافة إلى الفهارس ومقتطفات من تعليقات الصحافة العربية على الكتاب.
تقدم الكاتبة في هذا الكتاب الضخم حياة زوجها عبدالله مبارك فكأنما تسرد سيرة وطن في رجل، وكلما قرأته هذه الأجيال الشابة تعلمت منه مبادئ الفروسية والرجولة والشجاعة والكرم والوطنية، على اعتبار أن عبدالله المبارك كان منارة عالية، وبرجا من أبراج الكويت يدل المسافرين والسفن والبحارة ويفتح لهم طريق السلامة إلى موانئ القرن الواحد والعشرين.
وقد توجهت المؤلفة بإهداء إنتاجها الفكري هذا إلى "أولاد الرجل الكبير عبدالله مبارك وإلى أحفاده وإلى الأجيال الكويتية القادمة التي ستضيء لها هذه السيرة العطرة معالم الطريق إلى المستقبل"، وقالت: "إنها سيرة رجل عصامي، صنع نفسه وساعد في صنع بلاده وترك لقومه تراثا عظيما يفاخرون به ".
ينظر لعبدالله المبارك على أنه واحد من مؤسسي دولة الكويت الحديثة، وأحد المهندسين الأوائل الذين خططوا وشيدوا، وعمروا، وأقاموا الدعائم الأساسية لكويت ما بعد ظهور النفط.
من الناحية المنهجية للكتاب، سارت د. سعاد الصباح في صفحاته على خطة واضحة المعالم، حيث اختارت في المنهج الأول أن يتم تصنيف الكتاب ضمن كتب التراجم أو السير الذاتية، لأن موضوعه هو "قصة حياة الشيخ عبدالله مبارك الصباح ودوره في بناء الكويت الحديثة". ويبدو جليا للقارئ أن هذا الرجل كان شخصية استثنائية، حيث نجح في الإفلات من "أسر المجتمع التقليدي الذي نشأ فيه"، مع تطلعه إلى آفاق المستقبل الرحبة، ودعم قوى التغيير في الكويت، بل إنه شارك في صنعها، مع العلم أنه أصغر أبناء الشيخ مبارك الكبير مؤسس الكويت، وهو بذلك عم لكل شيوخ الكويت الذين حكموها منذ العشرينيات من القرن الفائت.
وأما المنهج الثاني، فالكتاب بحث في التطور السياسي والاجتماعي وعملية التحديث وبناء المؤسسات في الكويت، فلم يركز على السمات الشخصية المجردة لصاحب السيرة، وإنما درسها في سياقها الاجتماعي. والكتاب من ناحية ثالثة يبحث في العلاقات العربية والدولية، فيدرس صفحات من تطور الأوضاع العربية، وقضية انضمام الكويت إلى جامعة الدول العربية قبل الاستقلال، ويعرض لجذور الأطماع العراقية في الكويت، وعلاقات التعاون والتنافس في آن بين بريطانيا والولايات المتحدة في منطقة الخليج، وهي علاقات كانت بين قوة استعمارية متراجعة يخفت نفوذها وقوة أخرى شابة صاعدة خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية، وسعت لوراثة نفوذ الدول الأوروبية وبناء إمبراطورية جديدة لها.
تتميز الطبعة الجديدة للكتاب بحرص الكاتبة على متابعة كل ما صدر عن مرحلة الخمسينيات من كتب أو ما تم نشره من وثائق لم تكن متاحة من قبل عند إصدار الطبعات السابقة، وقد استفادت بذلك من الوثائق الجديدة التي نشرها مركز المحفوظات والتراث والتوثيق في كتاب أصدره عن الشيخ عبدالله المبارك عام 2010، وكذلك من كتب السيرة الذاتية لعدد من ضباط الجيش الكويتي الذين تعرضوا بالتفاصيل لعملية بناء الجيش ولدور الشيخ عبدالله مبارك الصباح، ومن المجموعة الكاملة لمجلة الكويت اليوم، والتي كانت بعض أعدادها غير متاحة للكاتبة من قبل.
تقول د سعاد الصباح عن كتابها هذا في طبعته الجديدة: "إن هدفي الوحيد هو إظهار وجه الحقيقة لمرحلة مهمة في تاريخ الكويت".
ويتزامن صدور الكتاب مع افتتاح معرض الكتاب العربي في الكويت .