لازال المغرب يعاني كثيرا من ضعف جاذبية الاستثمارات مقارنة مع بلدان أخرى، وبالتالي لازال مطالبًا بإنجاز الكثير لتحسين جاذبيته في عيون المستثمرين.
على امتداد عهد الحكومات التي توالت على المغرب، لم نكن نسمع إلا خطابًا واحدًا بخصوص الاستثمارات، ألا وهو أن المغرب يمتاز بجاذبية قل نظيرها في مجال الاستثمارات. لكن رغم كثرة سماعنا لهذا الخطاب لم نلاحظ تدافع المستثمرين الأجانب على باب المغرب. فأين يكمن الخلل بالضبط هل فينا نحن أم فيهم؟
و لعل أفضل طريقة للإجابة على هذا السؤال هي مقارنة وضع المغرب بخصوص الاستثمارات بالبلدان المنافسة له مثل تونس والجزائر ومصر والأردن وتركيا وبولندة ورومانيا. وهذا ما قامت به دراسة، لازالت تكتسي طابع السرية إلى حد الآن، وقد خلصت إلى كون المغرب يحتل المراتب الأخيرة بين الدول بخصوص وضعية جاذبية الاستثمارات، وذلك بحجة الأرقام والبيانات إضافة لمعاينة الواقع.
فلماذا تفضل الشركات العالمية التوجه إلى تونس مثلا عوض المغرب؟ الجواب بسيط ولا يتطلب طول تفكير، لأن تونس في مجال الضرائب أكثر سخاء من المغرب. فالضرائب على الدخل بتونس لا تتجاوز 35 في المئة بينما هي 41 في المئة بالمغرب. و الضريبة على القيمة المضافة تحوم حول ما نسبته 18 في المئة في حين أنها 20 في المئة بالمغرب. علما أن تونس فاقت المغرب كثيرا في مجال مناطق التبادل الحر.
علاوة على أن الشركات التي تصدر على الأقل 80 في المئة من إنتاجها تعفى من الضريبة على امتداد عقد من الزمن، وبعد هذه المدة تستفيد من تخفيض تصل نسبته إلى 50 في المئة بعد 10 سنوات من الإعفاء النهائي بتونس. أما الأرباح المحققة و المعاد استثمارها فهي معفية من الضرائب.
أما بخصوص التنمية الجهوية، هناك بتونس امتيازات غير موجود مثيلها بالمغرب، إذ أن الاستثمارات المحققة في المناطق ذات الأولوية معفية من الضرائب على الأرباح إطلاقا بتونس، وذلك على امتداد عقد من الزمن، كما تستفيد من تخفيض بنسبة 50 في المئة في العقد التالي للتأسيس.
هذا بخصوص تونس، أما بالنسبة للأردن فقد حددت نسبة الضريبة على الدخل في 30 في المئة و نسبة الضريبة على القيمة المضافة لا تتعدى 13 في المئة. علاوة على أنها أرست نظامًا ضريبيًا خاصا بمناطق التبادل الحر والمناطق الصناعية. فكل الاستثمارات و رؤوس الأموال المخصصة لتوسيع أو نمو الوحدات القائمة أو لتحديثها و عصرنتها معفية من الرسوم و الضرائب إذا كانت ستساهم في توسيع الوحدة بنسبة 25 % من حجمها الأصلي.
أما ماليزيا، فقد ذهبت من هذا، إذ أن نسبة الضريبة على الدخل تتموقع فيما بين 20 و 28 في المئة فقط بالنسبة للمقاولات المتوسطة و الصغرى. أما نسبة الضريبة على الشركات فلا تتجاوز 28 في المائة و الرسوم على المبيعات لا تتعدى بأي حال من الأحوال نسبة 10 في المئة.
إن ماليزيا من أجل تحسين جاذبية الاستثمارات الأجنبية إليها لا تعتمد على مساعدات مباشرة تمنح عند إحداث وحدات جديدة من طرف الأجانب وإكراميات بخصوص التشغيل أو التمويل، وإنما تعتمد على تطبيق نظام ضريبي يجلب الاستثمار، وهذا أضمن وأجدى من جميع الإكراميات والهبات الممكنة، باعتبارها تظل صدقات في مظهرها، أما التسهيلات الضريبية فهي مضمونة لأنها مرتبطة بآليات ومنظومات دائمة ومستديمة.
كما أن تركيا تعتمد هي الأخرى نظاما ضريبيا مخففا، و كذلك الحال بالنسبة لبولندا.
فأين المغرب من كل هذا ؟ هذه هي الأسباب الأساسية الكامنة وراء ضعف جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية مقارنة مع البلدان المنافسة له في هذا المجال.