كانت الهتافات في السبعينات تطالب بمنع البنوك الربوية من الاستمرار ولكن ترجع صداها - ما البديل؟. كانت ولا زالت البنوك من مستلزمات الحياة ولا يمكن الاستغناء عن خدماتها: القروض – الخدمات التجارية – الودائع – الحوالات – بيع وشراء العملات الأجنبية – شيكات مصرفية – خزينة للمال. كان المطالبين بتطبيق الشريعة بين واقع الحاجة إلى هذه الخدمات وبين أزمة الوقوع في الربا. وعندما تتولد الحاجة عند الناس يتولد السعي للوصول الحل. كان لابد لمجموعة أن تبدأ المغامرة وتبدأ التحدي في بناء صرح الاقتصاد الإسلامي. بهذه الروح بدأت مجموعة من البنوك الإسلامية الرحلة التي لا يعرف نسبة نجاحها أحد وفي مقدمة هذه البنوك- بنك دبي الإسلامي في عام (1975) و بنك البحرين الإسلامي في عام (1979) وبيت التمويل الكويتي في عام (1977). ومنذ السبعينات وحتى الآن ونسبة نمو المؤسسات الإسلامية والبنوك الإسلامية في ازدياد لفت أنظار مستثمرين العالم.

من الأخبار التي تعكس اهتمام مستثمرين العالم في الاقتصاد الإسلامي: أن أكبر بنوك العالم تفتح قطاع إسلامي غير ربوي: منها بنك سيتي (نيويورك) و (HSBC) كلهم لديهم قطاع يتعامل وفق الشريعة الإسلامية!

ويدل ذلك على أن التعامل وفق الشريعة الإسلامية مربح وأنه يوجد سوق كبير يريد التعامل فيه. والمسلمين يفضلون التعامل مع البنوك الإسلامية على التعامل مع البنوك الربوية حتى لو كان يكلفهم ذلك. على سبيل المثال بيت التمويل الكويتي سعر الفائدة التي يأخذها وفق الشريعة الإسلامية أغلى من سعر الفائدة التي تتعامل بها البنوك الربوية ومع ذلك فإن 70% من الكويتيين يتعاملون مع بيت التمويل و30% فقط يفضلون البنوك الأخرى.

أثمرت التجارب الأولى للبنوك والمؤسسات الإسلامية لوجود حجر الأساس في صرح الاقتصاد الإسلامي. لم يعد تأسيس شركة إسلامية أمر مستحيل وخارج عن الطبيعة بل أصبحت هناك تجربة حية يتعلم منها كل من أراد أن يؤسس بنك إسلامي أو مؤسسة إسلامية. ومازال الاقتصاد الإسلامي يتطور وينمو بشكل كبير.

الفرق بين المؤسسات الإسلامية والربوية هو أن المؤسسات الإسلامية: تخرج الزكاة لأرباحها – تعكس صورة الدين الإسلامي السمح الذي لا يقبل باستغلال الناس (الربا) ولا الاحتكار – تبني مجتمع إسلامي داخل الشركة وتؤثر على الموظفين تأثير إيجابي – وأيضا إضافة حضارة جديدة في الاقتصاد العالمي وهي الحضارة الإسلامية.

إن عرفنا القوة بأنها: قوة عسكرية – قوة إعلامية – قوة اقتصادية – قوة سياسية فإني أقول إن القوة الاقتصادية يجب أن تكون في المقدمة لأن جميع القوى تأتي تبعا للقوة الاقتصادية.

قوة عسكرية: كيف يمكننا شراء الطائرات والعتاد العسكري أو شراء جيش كامل! (كالجيش الأمريكي) بدون وجود المادة لتمويل ذلك!
قوة إعلامية: كيف يمكننا تأسيس قنوات تلفزيونية أو مجلات – جرائد ومواقع تهدف إلى نشر الفكر الإيجابي؟
قوة سياسية: كيف يمكن دعم الحملات الانتخابية والتأثير على السياسة العامة بدون القوة الاقتصادية؟

لا شك إن القوة الاقتصادية تأتي في المقدمة .. فبالمال يمكن شراء الإعلام – التعليم – السياسية – الجيش وأكثر من ذلك.. فالدعوة إلى الإسلام تحتاج إلى الدعم المالي لبناء المساجد والمدارس والمعاهد الدينية وكفل البيوت وضمان مأكلها ومشربها .. كل ذلك من باب الدعوة إلى الإسلام .. لذلك نعم أقول بالمال يمكننا شراء كل شيء حتى.. الإيمان!

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية