تعددت التعريفات العلمية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات Corporate Social Responsibility CSR إلا أنه يمكن عرض مجموعة من التعريفات العلمية من مصادر مختلفة لهذا المفهوم.
فلقد عرف أحد الكتب الأجنبية الشهيرة في مبادئ إدارة الأعمال كتاب Business عام 2000 ل William Pride وآخرون مفهوم المسؤولية الاجتماعية CSR على أنه الإقرار بأن لأنشطة الشركة أثر على المجتمع ، وبالتالي ضرورة أخذ هذا الأثر في الاعتبار عند صنع قرارات الشركة.
وطرح أ. د. محمد العزازي عام 2004 في محاضراته في مقرر منظمات الأعمال والمجتمع بكلية العلوم الإدارية – أكاديمية السادات للعلوم الإدارية نفس المفهوم للمسؤولية الاجتماعية من حيث أن المنظمة يجب أن تكون مسئولة عن تصرفاتها وأنشطتها التي تؤثر على الأفراد والمجتمعات والبيئة المحيطة بها، إلا أنه أضاف بالحديث عن وجود نوعين آخرين للمسؤولية وهما المسؤولية الاقتصادية للمنظمة أمام أصحاب الأسهم والمسؤولية القانونية أمام الحكومة ، وأنه يتعين على منظمات الأعمال إحداث توازن بين هذه المسئوليات ، بل إحداث تكامل بينهم.
وتبني التقرير العلمي الصادر عن وزارة الاستثمار المصرية بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2007 تحت عنوان " حلول قطاع الأعمال للتنمية البشرية"، تبنى هذا التقرير المفهوم الذي يقضي بأن الشركة ليست مسئولة عن آثارها المحلية فحسب ، بل عن الآثار الاجتماعية والبيئية لأنشطتها أيضا ، ومن ثم تضع الشركة الأنظمة التي تضمن أخذ هذه الآثار بعين الاعتبار في عملية صنع القرارات اليومية وأن تشترك مع الأطراف المعنية من أجل ضمان التحسين المستمر.
بينما عرفت موسوعة Wikipedia عام 2009 مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على أنه مرادف لمواطنة الشركة وعلى أنه شكل لإلزام الشركة لنفسها بقواعد تدخل في نموذج الأعمال التجارية ؛ بحيث تضع الشركة لنفسها آلية تنظيم ذاتية من شأنها أن تراقب وتضمن التزام الشركة بالقوانين والمعايير الأخلاقية والمعايير الدولية. فإدارة الشركة تتمسك بمسئوليتها عن آثار أنشطتها على البيئة والمستهلكين والموظفين والمجتمع المحلي الذي تمارس نشاطها فيه ، كما أنها مسئولة عن آثار أنشطتها على أصحاب الأسهم وجميع الأطراف المشاركة على الساحة ، كما يتضمن هذا المفهوم سعي الشركة بشكل يتسم بالمبادرة إلى تعزيز المصلحة العامة ووقف أي أنشطة تضر بالمصلحة العامة ، وإلى الأخذ في الاعتبار مفهوم المصلحة العامة عند صنع واتخاذ القرار.
وقدم بنك نيويورك ميلون BNY Mellon عام 2009 تعريفه لمسئوليته الاجتماعية على أنها بمثابة برنامج للشركة قائم على القيم المشتركة ، ويعتمد على النجاح في التزام الموظفين بهذه الشركة بهذه القيم ، وهو يعكس التزام الشركة باستدامة الحفاظ على البيئة والمجتمع ، وهي التزامات للإدارة أمام أصحاب الأسهم والموظفين والمجتمعات المحيطة بالشركة، وهذه الالتزامات ترتبط بمعايير عالية للحوكمة والأخلاق وبتقديم المنتجات والخدمات بما يحقق توقعات العملاء والأطراف الأخرى المشاركة وبما يحافظ على الموظفين الأكفاء في الشركة ويجذب موظفين أكفاء جدد ، وبما يقدم دعما كبيرا للمجتمع المحلي للبنك، ويحسن من الآثار البيئية والاجتماعية لأنشطة الشركة وأنشطة مورديها.
ومن خلال البحث في الأسس المنطقية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات؛ يمكن ملاحظة أن هذا المفهوم يرتبط بمفاهيم أخرى مهمة لإدارة الشركة من أجل استمرارية الشركة ونموها وتوسعها في المجتمع، وهذه المفاهيم هي :
- أخلاقيات الأعمال Business Ethics
-مواطنة الشركة Corporate Citizenship
- حوكمة الشركات Corporate Governance
-العقد الاجتماعي الجديد New Social Contract
- مفهوم الثروة طويلة الأجل Long Term Wealth
وبناء على تحليل التعريفات العلمية المختلفة للمسؤولية الاجتماعية للشركات، وتحليل الأسس المنطقية لهذا المفهوم؛ جاء تعريف د/أحمد السيد الدقن عام 2012 للمسؤولية الاجتماعية للشركات في المجلة المصرية للتنمية والتخطيط الصادرة عن معهد التخطيط القومي، كما يلي: " التزام رسمي عن اقتناع من جانب إدارة الشركة بالتوازن والتكامل في تحقيق مصالح شركائها من أصحاب الأسهم والعاملين بالشركة والمقرضين والحكومة والموردين والموزعين والمستهلكين ومؤسسات المجتمع المحلي الرسمية والمدنية والجمعيات الأهلية والمواطن؛ وذلك لتحقيق الاستدامة البيئية والمجتمعية؛ وذلك من خلال مساهمة الشركة في تغطية تكاليف مشروعات هذه المؤسسات، ومن خلال تحقيق هامش معقول غير مبالغ فيه في أرباح الشركة من مشروعاتها الاقتصادية، وفي المقابل يعمل هؤلاء الشركاء على الوفاء بالتزاماتهم في مساندة إدارة الشركة على تحقيق أهدافها في استدامة الشركة ونموها وتوسعها، ويأتي كل هذا في إطار نوع من عقد اجتماعي جديد بين كل هؤلاء الأطراف لتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع ."