تتابعت الآيات القرآنية الكريمة التي تأمر المسلمين بتحقيق الوحدة والأخوة فيما بينهم ومنها قوله عز من قائل : ( وكونوا عباد الله إخوانا ) ، كما أتت الأحاديث النبوية الشريفة لتعزز هذه المعاني السامية ومنها قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ) .
وسنستعرض في هذه المقالة خطوة إسلامية مبدعة في طريق الوحدة المنشودة بعون الله تعالى ، وهي تأسيس ( الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين ) : إن من أبرز مساوئ سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 م إضافة إلى تمزيق الأمة الإسلامية إلى دول مسلمة متفرقة ، هي ضياع المرجعية الشرعية للمسلمين في أمورهم دينهم الدنيوية والأخروية ، مما شتت المسلمين بين الآراء المختلفة دون وجود ولي أمر واحد للمسلمين يختار من بين هذه الفتاوى المتعددة ما هو أصلح للناس .
ولكــن – ولله الحمــد – فقــد تأسس في العاصمة البريطانيــة بتاريخ 11/7/2004 م ( الاتحاد العالمـي للعلماء المسلمين ) برئاسة العلامة د.يوسف القرضاوي وعضوية عشرات العلمـاء من شتـى المذاهب والطوائـف الإسلامية ، وتشكل له مجلس أمناء منهم الشـيـخ د.خالد المذكور ، ومجلس حكمـاء منهم المشايخ يوسف الحجي ود. عجيل النشمي و د. محمـد الشريف ، حفظهم الله ورعاهم أجمعين .
ولخص البيان التأسيسي للاتحاد أهم أهداف عمله فيما يلي : ( تعزيز دور الإسلام في الحياة كونه سبيلاً للحرية والكرامة والإصلاح ، والتقريب بين الحكام والمحكومين المسلمين وتطبيق الشورى والوسائل الديمقراطية ، وصيانة حقوق المرأة التي كفلها الإسلام ورفض التقاليد والأهواء التي مست تلك الحقوق ، والإقرار بواقع اختلاف وتنوع المدارس الفقهية والفكرية الإسلامية والاستفادة من ذلك ، وتقديم الإسلام للعالم بصورته الحقيقية السمحاء والوسطية والعقلانية ) وغير ذلك من الأهداف الجليلة .
جزى الله تعالى علماءنا الأفاضل خير الجزاء عن أمة الإسلام ، ووفقهم سبحانه للنجاح في أداء رسالتهم بل رسالة المسلمين جميعاً .
ختاماً : إن التجربة التي استعرضناها معاً تمثل نموذجاً واضحاً على وجود المبدعين والنشطين في وطننا الإسلامي الكبير ، مما يوجب علينا أن ننفض الكسل ونبدء العمل من أجل اللحاق بركبهم والتنافس معهم في دروب الإبداع والتميز المتعددة ، والله أكبر ولله الحمد .