"لا تصير منافق" هي العبارة التي توجهها شياطين الإنس والجن للإنسان العائد إلى الله، كلما رأوه يكثر من الطاعات في مكان أو زمان معين دون غيره، مثلما يحدث للكثيرين ممن يعودون إلى الله سبحانه ودينه القويم في أوقات الأزمات العائلية أو الامتحانات الدراسية أو غيرها، فهل ما يقوله أولئك الشياطين صحيح! أم أنها (كلمة حق يراد بها باطل)؟
بلا شك فإن الإجابة الثانية هي الصحيحة لأن الإنسان بطبيعته الضعيفة القاصرة يصبح أقرب من الله تعالى في مواطن الشدة واليأس من الأسباب الأرضية، فيحاول في هذه الأوقات أن يستند إلى قوة الله عز وجل التي لا يخيب من التجأ لها واعتمد عليها. وحجة عدم الوقوع بالنفاق التي يستخدمها الشياطين للحيلولة دون لجوء الإنسان إلى ربه سبحانه هي حيلة قديمة، كاد أن يقع بها الصحابي (حنظلة) رضي الله عنه عندما قال: نافق حنظلة! وذلك لما رأى نفسه قريباً من الله عز وجل عندما يجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينسى هذا الجو الروحاني والشعور الإيماني عندما يعود إلى بيته ويلاعب زوجته وأبناءه.
فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: (لو تدومون على الحال الذي تقومون بها من عندي لصافحتكم الملائكة في مجالسكم وفي طرقكم وعلى فرشكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
إذاً فالمسألة طبيعية ولكن المهم ألا نعقد العزم على مفارقة ما نحن عليه من صلاح بعدما تقضى حاجتنا، بل ندعو الله أن يثبتنا على الهداية وأن نستمر عليها طوال حياتنا.
وأن نتوب ونستغفر كلما أبعدنا الشيطان الإنسي أو الجني عن صلاحنا أو تديننا بمعصيةٍ هنا أو ذنب هناك، لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: (التوبة تجب – أي تمحي – ما قبلها) وقال عليه الصلاة والسلام: (أتبع السيئة الحسنة تمحها).
خلاصة الحديث أن تقلب النفس طبيعة بشرية ملازمة لنا، لكن يجدر بنا أن نستغل مواسم قربنا من الله عز وجل ودينه القويم بأقصى ما نستطيع مصداقاً لقول الشاعر العربي:
إذا هبت رياحك فاغتنمها ،،، فإن الخافقات لها سكون
وأن نتجنب المعاصي والذنوب قدر الإمكان، ولو وقعنا بها - لا قدر الله - فإننا نتبعها بالتوبة والاستغفار.
نبضة: "لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين، وحقائق اليوم أحلام الأمس، وأحلام اليوم حقائق الغد" (حسن البنا).