لقد أضحى الجميع بالمغرب يؤمن بضرورة الانخراط الفعلي في سياق التحولات الرامية للإقلاع بالإعلام المغربي، والمطلوب حاليا، بعد رصد مكامن الضعف والنقط السلبية، هو فتح آفاق جديدة لتمكين القطاع السمعي البصري من عدم التفريط في موعده مع التاريخ.
ومن الملاحظ أن جل الحوارات والنقاشات حول هذا القطاع مازال تطغى عليها الاندفاع والسطحية وتجنب التطرف للجوهر. باعتبار أن تحرير القطاع السمعي البصري بالمغرب الذي يصفق له الجميع لا يعني بالضرورة إنعاش السوق المغربية في هذا المجال وتطوير الإنتاج الوطني ودعمه. فهناك أكثر من 60 طلبا بخصوص إنشاء محطات تلفزية وإذاعية حرة بالمغرب. وذلك في وقت تجاهل فيه مشروع قانون القطاع السمعي البصري مسألة الحصص وغض الطرف عن مقتضيات حماية الإنتاج الوطني، علما أن قوانين مختلف الدول في هذا المجال اعتنت بهذه المسألة بقدر من الأهمية.
ومهما يكن من أمر، فإن منافسة استقطاب المشاهدين تقتضي أولا وقبل كل شيء وضع استراتيجية احترفية واضحة المعالم والمقاصد، لاسيما فيما يرتبط بتأهيل الموارد البشرية والمؤسسات العاملة في المجال السمعي البصري، باعتبارها ـ مع تحرير القطاع ـ مؤسسات تجارية محضة تعمل وفق مبدأ الربح والاستثمار ولعل أكبر إشكالية يواجهها المغرب في هذا الصدد هي تلك المتعلقة بالإنتاج السمعي البصري بمثابة ثقافة وفكر، في حين أن قانون السوق والتسويق يفرض التعامل مع المنتوج بمنطق تجاري على أساس أنه سلعة.
وفي هذا الصدد دعا أكثر من صوت إلى ضرورة التفكير في آليات لحماية الإنتاج الوطني لاسيما وأنه مازال لم يمتلك بعد عناصر المنافسة، خصوصا وأن الاتفاقية الخاصة بالتبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة لازالت غامضة فيما يخص شقها الثقافي.