إذا أراد الإنسان أن يصاب بارتفاع الضغط أو الجلطة فليس عليه سوى أن يحدق في التلفاز طوال اليوم، فقد أصبحت متابعة الأخبار في المحطات الفضائية مشكلة حقيقية، لا نرى سوى القتل والدمار، والمذابح، والحرائق والزلازل والعواصف. صار العالم مسرحا للعنف والشراسة، يتبارى البشر فيما بينهم من هو الأكثر وحشية، تعجز الحيوانات الكاسرة عن مجاراة البشر في هذه المباراة المرعبة أحمل أحزاني على ما وصل إليه الجنس البشري من انحدار وتدني في المستوى الإنساني والأخلاقي وأغفو عسى أن أنسى ما يحصل في عالمنا العربي وفي العالم من مآسي ومجازر لكن الأحلام المرعبة والكوابيس تلاحقني، أرى الدموع صارت بحارا تغرق الناس، والدماء صارت أنهارا تفيض، وجثث القتلى تفترسها الطيور الجارحة، أستيقظ خائفة، أتطلع حولي أجد نفسي في غرفتي، وأكتشف أنها مجرد أحلام لكني أتذكر أن الواقع قد يكون أحيانا أفظع من الأحلام. صارت اليقظة مخيفة، والنوم مخيفا أكثر، التفكير مرعب، والتوقف عن التفكير مرعبا أكثر. قررت أن أتوقف عن مشاهدة التلفاز، لأريح أعصابي المنهارة، وأن أرى بعض الأفلام المسلية على شاشة الكمبيوتر، أغيب في عوالمها وأنسى الواقع المر.
تا بعت فيلم:( الرجل العنكبوت)، فوجئت أنه فيلم يطرح التفوق والقوى الخارقة، يشبه أفلام سوبرمان، وفيه كثير من العنف والقتل والدمار.
اخترت فيلما بعنوان:( الوادي الهادىء)، توقعته فيلما اجتماعيا رومانسيا فيه طبيعة خلابة، فوجئت بفيلم يتحدث عن أسطورة من القرن الثامن عشر عن فارس ميت يخرج من قبره كي يقطع رؤوس الأحياء، بدأ قطع الرؤوس منذ بداية الفيلم، يا لحظي التعس !....
هذه المرة الفيلم بعنوان (تكهنات الفراشة) أوحى لي اسم الفراشة بالطيران والتحليق، عسى أن أحلق خارج هذا الواقع... بدأ الفيلم بحادثة سير وموت زوجة البطل، ثم تتابعت الأحداث الغريبة غير المنطقية... ما هذا؟ فيلم آخر بعنوان (الجمال الأمريكي )، لم أر في الفيلم جمالا، بل رأيت فيلما اجتماعيا ينتقد التفكك الأسري، والمشاكل الاجتماعية والنفسية في أمريكا، ينتهي الفيلم بجريمة قتل، حيث تقتل الزوجة زوجها. هذه المرة ربما يكون الفيلم مسليا ! الفيلم بعنوان (محبوبي أمريكا)، هنا محاولة للقتل وخيانة، الفيلم الأخير الذي رأيته بعنوان (تألق)، فيلم استعراضي عن حياة مطربة... هذه المرة الفيلم رومانسي ! لكن خاب أملي، كانت النهاية مفجعة مع قتل البطل ودموع البطلة.
الأفلام التي رأيتها أمريكية، ومعظم الأفلام الأجنبية المتوفرة أمريكية، ومعظمها تحفل بالعنف والشراسة والقتل واللصوصية والخروج عن القانون والمافيا الخ... حتى أن أحد الظرفاء ادعى أن أحداث اا أيلول في أمريكا لم تكن حقيقية، بل كانت فيلما أمريكيا بارعا عرض على شاشة التلفاز، حيث أنه يوجد بعض الأفلام الأمريكية قدمت أحداثا شبيهة بها مثل فيلم سمك السيف الذي مثل دور البطولة فيه الفنان جون ترافولتا.
ترى هل نحن العرب نحب العنف والإرهاب كما يتهموننا أم أن العنف والإرهاب يصدر إلينا من الدول المتقدمة في كل شيء حتى في صناعة الإرهاب والعنف وتسويقه إلى الدول الأخرى ؟!
إن أمريكا التي تدعي الحضارة والإنسانية و محاربة الإرهاب تنتج وتسوق عددا كبيرا من أفلام الرعب والعنف للكبار والصغار، تنمي النزعات العدوانية لدى الأطفال والشباب، ثم تستغرب النتائج، لقد تحول عالمنا المعاصر إلى فيلم رعب أمريكي مخيف، وصرنا كالمستجير من الرمضاء بالنار