أسماء المحمد: أخشى المقاطعة والنفي!
ترجع الصحفية السعودية في جريدة "الحياة" التي تصدر من لندن أسماء المحمد السبب إلى شعورها بأن ثقافة القبيلة كبلتها كأنثى سعودية تحمل كل المحبة والتقدير للأهل والعزوة تقول لـ "إيلاف" : "إنني أدفع ثمنًا غاليًا من طموحي لكوني أنتمي إلى قبيلة معروفة وبعض أفرادها يتقلدون مناصب مهمة قد يطولني ضررهم عند تجاوز الخطوط التي يرونها حمراء من وجهة نظرهم في حال وضع اسمي الكامل". تضيف: " وعوضًا عن مساهمتي في نقل الصورة إعلاميًّا للرأي العام سوف أتفرغ للدفاع عن حقي في تحقيق طموحي أمامهم أو توضيح الاختلاف الناشئ في ما بيننا، وأخيرًا ربما يحمل وجود اسم القبيلة على بعض المواد الصحفية التي تمثل فكرًا منفتحًا ردود فعل تنتهي بالمقاطعة والنفي". وتقارن الصحفية أسماء وضعها بشقيقاتها في الدول المجاورة قائلة: " تجاوزتني في تحقيق ذات الطموح المرأة الخليجية التي قد تكون تنتمي لذات القبيلة لأنها خلقت في مجتمع يحتوى على بنية فكرية واسعة الأفق تتقبل أن تعلن اسم قبيلتها وتحصل على ما تريد". مراسلة"الحياة" في عاصمة السعودية الرياض حققت نجاحًا جيدًا قياسًا بتجربتها الحديثة، من أين جاءت؟ هل قفزت من فانوس أو هطلت من غيمة؟ تجيب: " قبل حوالي 5 أعوام كان لي حضور قوي عبر منتديات الإنترنت التي تحمل فكرًا تنويريًّا ورغبة في تطوير المجتمع وإبراز قضاياه وشجونه أبرزها منتدى ( الصحفي الإلكتروني في صحيفة الرياض - ومنتديات إيلاف – ثم منتدى طوى ) وتشكل في وقتها لدي أمل بأن تحرك هذه المنتديات مجريات الأحداث الي الأفضل ( وفعلًا كان لها دور إلا أنه أقل من طموحي). تكمل :"خلال عامين من التحفيز والدعم من زملاء في الصحافة إضافة إلي من عرفتهم عبر منتديات الإنترنت من الصحفيين ووجدوا في قلمي خامة تصلح للكتابة الصحفية قررت دخول عالم الصحافة، وكان ذلك منتصف عام 2003 تقريبًا وليس تحديدًا".
مشاكل واجهتها في بداية مشوارها الصحفي تبوح بها: " كانت أولى الصعوبات تتجلى في عدم استيعاب وجودي في وسط أتعامل فيه مع الرجل في صورة مباشرة للمرة الأولى في حياتي – وفي داخلي وعلى الرغم من ثقتي في ذاتي ونتيجة لتجربتي السابقة في مجال الأعمال مما أكسبني الخبرة التراكمية والقدرة على السيطرة على الأمور في شكل يرضيني - إلا أن الوسط الإعلامي مختلف من حيث الفئات العمرية وتعدد الثقافات والأطياف الفكرية التي تواجهك وقد تكون في أوقات عدة متلونة".
تعاني أسماء من قلة المصادر وعدم مرونة المسؤولين وبعض القطاعات التي لا تتفاعل إما لعدم اقتناعها بأهمية الإعلام وأهمية إيصال المعلومة إلى الرأي العام أو لخشيتها من المسؤولية. لا تلبي الصحفية الدعوات التي تصلها: " نتيجة لضغوط العمل وعدم توفر الإجازات وبالطبع ينسحب ذلك على الدعوات لتمثيل السعودية في المؤتمرات والملتقيات الخارجية". وتكشف المحمد أن الصحفي الرجل أيضًا يخشى من ذكر اسمه على بعض المواد الصحفية، تقول: " المجتمع يفرض قيودًا أخرى فتكمن المعاناة في خوف المرأة من ذكر اسمها وحتى الرجل أحيانًا في الأخبار والتحقيقات الصحفية مما يجعل مصداقية أي صحفي على المحك إلي جانب عدم سهولة التطرق للقضايا الشائكة والحقيقية والتي تمس التابو أحيانًا أما القضايا التي تحرك الراكد فطرقها يعني التعرض لصعوبات جمة في ظل ضغوط العمل والالتزامات العائلية".
حليمة مظفر: أناضل من أجل حقوقي! الأديبة ومراسلة جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية في جدة حليمة مظفر، تبدو كحمامة بيضاء في الجريدة العربية الدولية، تحلق في الصفحات المحلية السعودية تارة وتطير فوق الصفحات الثقافية ممسكة بغصن سلام بأسنانها تارة أخرى، تلوح به بأجنحتها كلما تعكر صفو الوسط الأدبي، بدأت الكتابة باسم مستعار لكن سرعان ماعادت إلى اسمها الأصلي، سننصت إلى هديلها: "عن نفسي.. فأنا أضع لقبي مع اسمي منذ أول يوم عملت فيه في بلاط صاحبة الجلالة وحتى مقالاتي التي قمت بكتابتها قبل خوضي غمار الصحافة كانت أيضًا تحمل اسمي ولقبي، ولم أحاول أن استخدم اسمًا آخر ولو أن اسم والدي ليس مركبًا لوضعته معه لكنه يصبح طويلًا، لكني أذكر أني نشرت أول مقالين في إحدى الصحف المحلية عندما كنت طالبة في المرحلة الأولى بالجامعة بلقب مستعار هو ( إشراق الجنوب) وذلك لمعارضة أسرتي على أن ينشر اسمي في صحيفة، لكني وجدت جهدي يهدر ومبدأي يتم اغتياله بقسوة".
كيف أقنعت أسرتها بإرفاق اسمها الحقيقي مع أعمالها؟ ترد على سؤال "إيلاف" :" رفضت أن يصاحب أي مقال لي لقب مجهول لا يعرفه أحد وأذكر أني ذهبت إلى والدي وأخوتي بالمقالتين وسألتهم بعد أن قرؤوها " هل بها ما يخدش الحياة أو يخجلكم من وضع اسمي عليها؟!! " فأدركوا رغبتي وهزمت اللقب بالإرادة والإيمان بما أرغب به، بل وتجاوزت هذه المرحلة باستخدام اسمي مباشرة مع نصوصي الشعرية التي أنشرها في الصحف ومواقع النت".
ويعود سبب عدم ذكر بعض الصحفيات إلى أسمائهن الكاملة حسب حليمة إلى تعصب بعض القبائل ولكنها تعتقد أن الوعي بدأ يلغي هذه الظاهرة شيئًا فشيئًا.
حول عدم إرفاق صورتها مع المقابلات الصحفية التي أجريت معها، تقول مظفر: لو وضعت صورتي لأحرقت المسافات الزمنية التي أحاول أن أقطعها الآن بجد واجتهاد من خلال الرؤى الصحفية والكلمة التي أكتبها ولحققت لي الانتشار بسرعة حيث أبحث عنه، لكني مع ذلك لم أرفقها بالصورة والسبب ببساطة أني أريد القارئ أن يحكم علي من خلال الحوار والكلمة التي أطرحها لا من خلال الصورة". هل تقصد المتلقي السعودي؟ تجاوب حليمة: " بالطبع أقصد القارئ المحلي وليس غيره لأنه لم يستوعبها حتى الآن ويعدها مجرد جرأة". تتابع الصحفية في مكتب جريدة "الشرق الأوسط" بجدة: "في مجتمعنا إذا ما نشرت صورة المرأة مع الحوار والمقال فإنها تحقق شهرة كبيرة جدًّا واسعة النطاق كونها خرجت عن النسق الاجتماعي المعروف وهي بذلك تحرق الزمن وتختصره فلا تكون لها سوى سنة أو سنتين أو بضعة شهور في مشوارها الثقافي والصحفي ". وتتساءل حليمة: هل عرفن الكاتبات اللاتي نشرن صورهن من خلال طرحهن ورؤاهن الفكرية التي ينبغي أن تنتشر من خلالها أم من خلال صورتهن التي حسبها البعض جرأة ينبغي أن تحمد عليها بغض النظر عن طرحها، وهذا بخلاف بعض الأخوات اللاتي وضعن صورهن بعد أن أثبتن وجودهن الحقيقي وانتشرن نتيجة كفاح مثلها مثل زميلها الرجل وهذا ما أحبذه".
تعترف حليمة مظفر: "لن أكذب عليك من الطبيعي أن أسرتي ستعترض لكني كما ناضلت من أجل وضع الاسم مع طرحي الصحفي ونصوصي الأدبية، فلن أتردد من أجل وضع صورة تكون نافدة تعريف للقارئ ليس أكثر، علي أن أحقق غرضي في الانتشار الحقيقي وجذب القارئ لفكري وطرحي أولا ويدرك قيمة ما أكون عليه ومن ثم تأتي الصورة عارضة لا نقطة البدء في مشواري". كافحت حليمة حتى استطاعت تثبيت أقدامها في الصحافة، استغلتها صحيفة عندما عملت في دهاليزها بنشاط طوال 6 شهور دون أن تقبض ريالًا واحدًا لكنها اعتبرتها بوابة للدخول إلى الصحافة بعدما انتقلت الى جريدة "الشرق الأوسط" التي منحتها حقها الأدبي والمعنوي!
تكشف الصحفية مظفر النقاب عن نظرة المجتمع السعودي للصحفية قائلة:"اعتقد أن النظرة الاجتماعية لكل من الصحفية وكذلك زميلها الصحفي هي واحدة تتمثل بأنهما متطفلان وغير مرغوب بهما ولا قيمة لما يفعلانه لأن المجتمع حتى الآن لم يدرك أهميتهما كما هو حال الصحفيين في الدول الأخرى، والدليل ببساطة هو تعامل المسئول الذي يقصده الصحفي أو الصحفية الذي يحسب أنه متفضل عليه أو عليها". توضح: "لكن الصحفية بالطبع تعاني أكثر لأن النظرة الاجتماعية تنظر إليها أنها متحررة ومختلطة بالرجال بشكل مباشر". وأخبرت الصحفية حليمة مسؤولة ذات مرة أن ما تفعله حرام من خلال الاختلاط والاحتكاك بالرجال في العمل ويعد كبيرة تحاسب عليها، وردت عليها مظفر أننا الصحفيات لسنا في ميدان عملي مختلط مع الرجال لتصحيح نظرتها وظنها، وسألت الصحفية في جريدة "الشرق الأوسط" : "كيف تفعلين سيدتي مع زملائك الرجال بالوزارة التي تعملين بها...ألست على احتكاك بهم وبشكل مباشر من خلال منصبك ؟! كذلك نحن نفعل، وهناك فرق بين الخلوة والاختلاط الفوضوي وبين الاحتكاك العملي المفروض".
بين فلوريدا والإحساء
أسماء أحمد التي تعمل مندوبة لجريدة" الرياض" في الإحساء (شرق السعودية) تشير إلى أنها تعجز عن شكر الجريدة التي فتحت لها أبواب العمل في صفحاتها وتركتها تشارك دون ضرورة إلى الإشارة إلى اسم عائلتها، تقول: "حتى بعض الكتاب الرجال كانوا يكتبون بأسماء غير كاملة وحقيقية، قرأت كتابًا للباحث الأستاذ محمد القشعمي يشير في سياقه إلى الاسماء المستعارة التي كان يرتديها بعض الكتاب المحليين، الصحافة النسوية تعيش مرحلة مزدهرة وشخصيًّا لن أتردد في الكتابة باسمي الكامل متى ما تجاوزت الظروف الخاصة التي تحول دون الظهور عبره حاليًا".
السعودية خلود عبداللطيف التي ستحصل على الماجستير من جامعة فلوريدا هذا العام في تخصص الصحافة ترفض الكتابة باسمها الصريح بسبب عمها: "والدي اشترط علي عندما رغبت في دراسة الصحافة أن لا أتعاون مع الصحف باسمي الكامل تلبية لرغبة عمي الذي يرى أن عملي في الصحافة لا يتناسب وموقعه الوظيفي"!