أصبحنا جميعا في حقل من ألغام انتهاكات الحقوق على مرآة من العالم , كل حقوق الإنسان في العالم العربي غدت مباحة لمن يأتي وينتهكها , لم تعد هناك مقدسات تخص الإنسان , ولاحدود لايجب الاقتراب منها لكونها تعني حق إنسان بعينه في مملكة خصوصياته . إننا نتحدث كثيرا , نتحدث أكثر من كل شعوب الأرض , بيد أنه حديث يخلو من أي تطبيق , بل إننا نمارس عكس ما نقول .
في كل بلدان العالم يُصدر الكاتب كتابا أو كتابين فتراه يغدو نجما ويمكن أن يعيش دون سؤال لئيم مدى الحياة , ذلك أن كل جهة تحفظ له حقوقه , اعتبارا من المطبعة ولغاية المكتبة التي تبيع نسخ كتبه , بل حتى إلى شبكة الانترنيت التي تقوم بالترويج لبيع تلك الكتب الإلكترونية , مرورا بالسينما والتلفاز ومختلف وسائل الإعلام , بينما في عالمنا العربي تجد كاتبا بلغت مؤلفاته أطول من قامته وقامة أمه وأبيه وتراه رغم ذلك يتسول لأن كل حقوقه منتهكة . أجل لقد تحدثنا عن حقوق الملكية الفكرية , وقانون حماية حق المؤلف طويلا , وصدرت مراسيم وقرارات تثبت هذا الحق , ولكن في الوقت ذاته وتماشيا مع هذه القرارات التي تتخذها وزارات الثقافة والإعلام والمؤسسات واتحادات الكتاب العربية فإن التجاوز على حقوق المفكرين والمبدعين العرب يبقى كما هو لايحركه ساكن , وما ذلك إلا لأن هذه الجهات الرسمية لاتتخذ خطوات حاسمة في هذا الأمر . في بلاد العالم يمكن لدول بكل حجمها تتدخل لحماية حقوق مؤلفيها إذا حدث ذلك في دولة أو حتى قارة أخرى بينما عندنا فلأمر لايكاد يشبه سحابة لايوليها أحد الاهتمام . منذ نحو عشر سنوات كتبت نصا ا أدبيا عن مرض الإيدز , ولكنني بعد شهور فوجئت بتمثيلية تلفزيونية مأخوذة عن هذا النص , ويومها لم أقدم أي اعتراض لأحد , وفي العام الماضي 2002 فوجئت بتمثيلية تلفزيونية أخرى مأخوذة عن إحدى قصصي المنشورة , وهذه المرة أجريت اتصالا مع من قام بذلك , وبعد بعض الحديث وتقديم الأدلة له , حتى المقاطع الحوارية التي أخذها من القصة , اعتذر وانتهى الأمر . كما أن الأمر لايخلو من سنة إلى أخرى بظهور عمليات السطو على نتاجات أدبية أخرى سواء من كتبي أو من بعض المجلات الأدبية التي أكتب فيها . أما الآن وبينما أدخل بعض المواقع الثقافية على شبكة الإنترانيت فوجئت بنشر مقالتي : / الأفكار تنبض بروح أصحابها / منشورة في جريدة الوطن القطرية باسمي في عددها الصادر بتاريخ 2-2-2003 بدون أن تعود الجريدة إلي لأخذ موافقتي على نشر المقالة التي يبدو أنها أخذتها من إحدى المطبوعات وبدون أن تشير حتى إلى المصدر الذي أخذت عنه هذا النص الأدبي الذي يمكن العودة إليه في أرشيف الجريدة بالتاريخ المذكور في قسم / أقلام حرة / . والأكثر من هذا فإنني عندما خاطبت إدارة تحرير الوطن في أكثر من رسالة إلكترونية لبيان سبب هذا السطو على نتاجي الفكري وإن كان ذلك مباحا , فإن هذه الإدارة لزمت الصمت ولم ترد . وكأنها تبرر لنفسها هذا السطو ولاتكلف نفسها حتى عناء الرد أو الاعتذار وكأن الرسالة وردت من كلب وليس من إنسان كاتب هو عضو في اتحاد الكتاب العرب , وعضو في جمعية القصة والرواية السورية , وله سلسلة مؤلفات أدبيةأطول من قامته , وفائز بالعديد من الجوائز الأدبية في أكثر من بلد عربي , وله نتاجات أدبية في مجالي ا لقصة والرواية منشورة في كبرى المجلات الثقافية العربية والعالمية , وعلى مختلف مواقع شبكة الإنترنيت في العالم . أجل فإن الموضوع بات أكبر من أن يتجاهله المرء وهو لم يعد يمس الحضارة بأي صلة إن كنا ندعي بأننا نرغب في أن نكون مجتمعات حضارية ونواجه العالم بممارساتنا وسلوكياتنا الحضارية , إنني أناشد جميع الهيئات الفكرية والثقافية وكل من يعنيه أن يتمتع الكاتب بكافة حقوقه التي شرعها له القانون ليس في بلادي سورية فحسب , بل في كل الوطن العربي أن يتدخلوا في هذا الانتهاك الصارخ بالتجاوز على حقي الفكري ولعلها تكون الخطوة الأولى لإعادة الاعتبار للكتاب العرب وللحركة الفكرية العربية وأن تكون الخطوة الأولى لإعادة حقوق كثيرة متجاوَز عليها لأدباء ومبدعين عرب آخرين , ذلك أن المجتمعات الحضارية كلها تتآزر في سبيل بلوغ الحقوق إلى أصحابها وهي بتقديري مسألة تاريخية وأخلاقية تعنينا جميعا بأن نكون قد حققنا هذا الإنجاز الحضاري ووضعناه في ذاكرة ما صنعناه لأجيالنا القادمة , وإنني أناشد بالدرجة الأولى زملائي الأدباء الأعضاء في الأمانة العامة للأدباء والكتاب العرب , واتحاد الكتاب العرب في سورية ووسائل الإعلام الحرة الكريمة ومن يعنيه تطبيق قانون حماية حقوق الملكية الفكرية بقول كلمة الحق في هذا الأمر .
نص المقال المنشور في جريدة الوطن في العدد الصادر بتاريخ 2-2-2003:
http://www.nashiri.net/articles/general-articles/251-y--o.html
عبد الباقي يوسف
روائي وقاص سوري
الجمهورية العربية السورية
محافظة الحسكة – ص ب 267
هاتف منزل : 0096352367462
خليوي : 0096394384267
البريد الإلكتروني :