في الكويت أماكن كثيرة معدة خصيصًا لممارسة رياضة المشي، منها ما هو على ساحل البحر، ومنها ما هو في أطراف الضواحي، غير أن أفضلها في نظري ذلك الممشى الذي يسلكه مرتادو مطار الكويت الدولي، والسر في تفضيله يعود الى أنك تمشي فيه مضطرًا لا مختارا، ومن ثم فلا مجال لديك للتراخي والتهاون وهو ما قد يعرض لك في غيره من المماشي، كما أنك بلا ريب ستحرق سعرات حرارية أكثر مما تحرقه في غيره، لأنك في الغالب ستحمل حقيبتك اليدوية أثناء المشي، وهو ما يعني أنك ستمارس رياضتين معا في آن واحد، فأين لك بممشى مثله؟!
إن المعاناة التي يلاقيها مرتادو مطار الكويت في قطع مسافات طويلة منذ اجتيازهم بوابة الدخول الى صالة صعود الطائرة تكشف عن سوء التخطيط، لأن المطار ذو مساحة محدودة، إذا ما قورن بمطارات أخرى، ولا أقصد مطار هيثرو مثلا، ولكن مطارات خليجية مجاورة والمساحة المحدودة يسهل تنظيمها بطريقة توفر على المسافرين عناء المشي الطويل المرهق الذي لا مسوّغ له في مطار بهذا الحجم المتواضع.
إن المشكلة تعود في أصلها الى ان من قام بتصميم المطار راعى بالدرجة الاولى المظهر الخارجي المشاهد من أعالي الجو، إذ يبدو في شكل طائرة تعبر عن هوية المبنى بذكاء، غير ان ذلك كان على حساب ما هو أهم من تلك الشكليات التي لا ينتبه لها إلا قلة قليلة من الركاب الذين يتأملون من نوافذ الطائرة منظر المطار قبيل الهبوط على مدرجه، ولو سألت كثيرا من مدمني السفر عن شكل المطار الخارجي لوجدت أكثرهم يجهل ذلك فما أقل المهتمين بمثل هذه الملاحظة الدقيقة!
لا أدري كيف لا تستشعر إدارة المطار هذا العناء الذي يقطعه المسافر في تنقله بين ممراته الطويلة المتعبة، فهي لم تتخذ أي اجراء ميداني لتجاوز هذا المشكل اللهم إلا بضع عربات متناثرة يتبرع سائقوها بنقل الركاب من ذوي الاحتياجات الخاصة أو كبار السن وتجعلهم فرجة للعابرين، وأما السواد الاعظم فليس لهم إلا الاعتماد على أقدامهم، وفي كثير من المطارات تجهيزات خاصة لتيسير حركة المسافرين عبر المماشي الكهربائية التي تنقل العابرين عليها بسهولة ويسر، فلو تم تجهيز المطار بها لخففت كثيرا من ذلك، ومما يزيد الامر عنتا ان بعض مرافق المطار كالكافتيريا والمسجد لم يراع عند اختيار مواقعها ان تكون متوسطة بشكل يسهل على الجميع الوصول اليها إذ وضعت في مواقع تكون فيها قريبة جدا من بعض صالات الانتظار وبعيدة جدا عن صالات اخرى، وهذا بحد ذاته خطأ تصميمي فادح.
ورغم كثرة الإصلاحات التي تجرى في المطار، إلا ان المسؤولين لم يلتفتوا الى تلك المشكلة مع ان المطار يمثل واجهة البلد الحضارية، ويعكس صورة عن مستوى التخطيط فيها، فهو المنظر الوحيد الذي يراه مسافرو الترانزيت، وهو المسؤول عن الانطباع الاول الذي يتشكل في ذهن زائر الكويت، وهذا يستدعي مزيدا من الاهتمام والرعاية لتتحقق حينها مقولة القائل «ابتسم أنت في الكويت».