ما الذي استجد في حلب مع انطلاق الاحتفالات بإعلان حلب عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2006. ما الذي استفادته المدينة، وما الذي أفادت به الثقافة الإسلامية؟ هذا ما يحدثنا عنه محمد جمال طحان في هذا المقال. اختيرت مدينة حلب الشهباء عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2006، واختيار مدينة حلب عاصمة للثقافة الإسلامية تم بناء على اقتراح رفع إلى مؤتمر وزراء الثقافة الإسلامية الثالث الذي عقد في 2002 في مدينة الدوحة حيث أقر واعتمد في مؤتمر وزراء الثقافة الرابع الذي عقد في ربيع العام 2004 في الجزائر.
وكانت اليونسكو قد سجلت حلب مدينة إسلامية مهمة وهي من التراث الإنساني العالمي الذي يجب الحفاظ عليه. وفضلا عن ذلك فان حلب القديمة هي أكبر مدينة في العالم الإسلامي. وهي مدينة قال عنها المتنبي:
كلما رحبت بنا الروض قلنا حلب قصدنا و أنت السبيل
فيك مرعى جيادنا و المطايا وإليها وجيفنـا و الذميل
ووصفها الأخطل الصغير بقوله:
نفيت عنك العلى و الظرف و الأدبا وإن خلقت لها إن لم تزر حلبا
لو ألف المجد سـفرا عن مفاخره لــراح يكتب في عنوانه حلبا
وحسب تقارير منظمة اليونيسكو فإن العمارة الإسلامية بحلب تتميز بقضيتين هامتين وهما : التعدد الزمني والوظيفي لهذه المباني فنجد جامعاً مثلا من عام 16 للهجرة جانب باب إنطاكية هو جامع الشعيبية ونجد عمائر تعود إلى العصر الأموي وكل ما شهده العصر العباسي من فترات حمدانية مرداسية- زنكية - أيوبية ثم الفترة المملوكية ثم العثمانية ، كما نجد التعدد الوظيفي للعمارة. حلب الكبرى الآن فيها ألف جامع وفيها 50 كنيسة ..فيها مئات الخانات 40و سوقاً مسقوفاً. القلعة المسجلة في جينس كالأولى في العالم من حيث القدم والمساحة ، هذا التعدد الوظيفي والزمني جعل منظمة اليونسكو تعتبر مدينة حلب من أهم المدن الإسلامية المحتفظة بتراثها فالعمراني. وحسب النقيبات الأثرية التي جرت في القلعة وفي منطقة تل القرامل بجانب حلب اكتشف هناك سكناً يعود إلى الألف الحادي عشر قبل الميلاد أي عمر المدينة أكثر من 12 ألف سنة وبالتالي مرت عليها أكثر من ثلاثين حضارة هذه الحضارات تم استيعابها وهضمها في إطار الحضارة العربية الإسلامية المتسامحة ، هذا من الناحية العمرانية أما من الناحية الفكرية وعن المعيار الذي طرح ماذا قدمت المدينة من تراث فكري وثقافي وأدبي للعالم ، نجد بعض الأسماء التي تحتل المكان الأول على مدى التاريخ العربي الفارابي. الخوارزمي. المتنبي. الصنوبري. الأصفهاني صاحب الكتاب الأغاني . إلى جانب عشرات الأدباء والشعراء والأطباء.على أساس ذلك كله تقررت حلب عاصمة للثقافة الإسلامية هذا العام.
لدينا أيضا فترة الأيوبيين المشهورة ببلاطها الفكري وبالعمارة الضخمة جدا إلى جانب المعيار الثالث وهو الدور الاقتصادي الكبير لمدينة حلب كمحطة عالمية على طريق الحرير طريق التوابل و طريق المنسوجات ، ويشهد على ذلك عدد الخانات الكبير وعدد الأسواق فيها.
هذه الإحتفالية الضخمة والتي تستمر عاماً كاملاً ، خلالها نعرض وجهنا الحضاري الحقيقي من غير زيف فهو وجه التسامح والاحترام الكامل لكل الأديان والأجناس والأعراق .
هناك كل شهر ندوة كبرى عالمية يشارك فيها حوالي خمسين باحثاً من كافة دول العالم تتناول قضايا العمارة والفكر والاقتصاد و التراث والفن وغير ذلك وسكون هنا أيضاً إعادة طباعة الكتب التي كتبت عن حلب وطباعة كتب جديدة .
والمحور الآخر هو ترميم المباني الأثرية والتي ستشمل كشف سور مدينة حلب القديمة.
بدأ الاحتفال بحلب عاصمة للثقافة الإسلامية يوم الجمعة 17/3/2006 بافتتاح الجامع الأموي الكبير بحلب بعد ترميمه الذي استمر قرابة عقد من الزمن ليصدر في أبهى حلّة تظهر الفن المعماري الإسلامي على مر العصور.