تحدثت في الجزء الأول من هذه المقالة عن أبرز فعاليات مؤتمر (التوازن والاعتدال: هوية أمة) والذي أقيم تحت رعاية وزير الطاقة وبتنظيم من شركة الابداع الأسرية، وعددت في ذلك الجزء أهم ضيوف المؤتمر بجانب لفتي نظر المهتمين إلى ضرورة التنسيق بين المؤتمرات والحملات التوعوية التي تتضارب في مواعيدها وتفاصيلها الأخرى في كثير من الأحيان. وأحاول في هذا المقال أن أعرِّف القراء الكرام على مشهدين برزا في المؤتمر الخامس لشركة الإبداع والمقام في مارس الماضي، لما فيهما من التجديد والفائدة إن شاء الله تعالى:
أولاً- المنتدى الشبابي: حيث أقيم على مدى ثلاثة أيام من المؤتمر وعبر أربعة جلسات مختلفة، منتدى للشباب والفتيات ناقشوا فيه بأنفسهم علاقتهم بالدين والثقافة والإعلام والمجتمع، فكانت الفعالية مغايرةً للصورة التقليدية التي يتحدث فيها الشيوخ ويستمع الفتيان لهم.
جاءت أ. بثينة الابراهيم بفكرة مبتكرة وجديدة إذ قبلت أن تدرج هذه الفعالية الشبابية الجديدة ضمن برنامج المؤتمر الذي تنظمه سنويًا ويلقى نجاحًا متزايدًا، وأظنها لم تخسر شيئًا في تجربتها المميزة هذه بل بالعكس، حيث وفرت لشباب وفتيات الكويت والوفود الخارجية المشاركة منبرًا للتحاور الهادئ والتعبير الراقي عن آرائهم، بدلاً من أن يمارسوا الجدال العقيم على صفحات المواقع الالكترونية بلا جدوى أو توجيه.
وزاد الفعالية إبداعًا كونها قد نظمت وأديرت بالكامل من قبل شباب مجتهدين هم: فهد النصر الله وعبد العزيز الغربللي ومصعب الرويشد ومهند السويدان، وفتيات نشيطات هن: غنيمة العتيبي وفاطمة العربيد ومفاز السويدان وجنان الوزان، وكانت نتاج عملهم يدل على رجاحة عقل ورحابة فكر أبناء وبنات الكويت ورقي قدرتهم على التنظيم والتنظير في آنٍ واحد.
ثانيًا – مهرجان الفن الإسلامي العالمي: الذي قدمت به فرقة الإمارات للإنشاد وفرقة native deen الأمريكية وفرقة روابي القدس الأردنية باقة من الأناشيد الجميلة في لحنها والهادفة في محتواها، وجاء تنوع المنشدين والفرق المصاحبة لهم ليرضي كافة الأذواق المحبة للفن الملتزم من جانب، وليقدم برهانًا جديدًا على ثراء واتساع مساحة الإبداع والترفيه دون عصيان الله عز وجل من جانب آخر، إنطلاقًا من قول الشاعر:
هذي أغاريدي فقم ،،، أنشد بها أحلـى وتــر
مترنمين بطهرهـا ،،، ما بين أصناف البشر
ليست لقينة فاجـر ،،، كــلا ولا لفتـى كـفــر
هل عزنا أو مجدنا ،،، يأتـي بألحــان أخـر!
وصحب المهرجان في ليلتيه "أوبريت" مسرحي وشعري وإنشادي جميل، نظم كلماته الشاعر محمد غنيم وقدمه للجمهور الممثل وجدي العربي وابنته الطفلة الموهوبة بسملة والأخ يوسف الأنصاري والمنشد عبد القادر عوينات، فجزاهم الله تعالى خيرًا على ما أبدعته أقلامهم وصدحت به حناجرهم وعلى ما قدموه من رسالة واضحة في بيان أن (التوازن والاعتدال) هما هوية أمتنا الإسلامية منذ خلق سيدنا آدم عليه السلام وقبل قتل قابيل لأخيه هابيل بسبب شرارة التطرف التي اندلعت في البشرية منذ تلك الجريمة.
ختامًا: بمنتدى شبابي بديع ومهرجان للفن الإسلامي العالمي استقبلت الكويت مؤتمر شركة الإبداع الأسرية الخامس، والتي اخترته ليكون موضوع مقالي هذين لما له من ثقل جماهيري ووزن فكري، وكيف لا وهو الذي يجتذب للكويت جمهورًا من دول الخليج العربية الشقيقة، هم أنفع لبلادنا وبلادهم من جمهور يأتي سعيًا لليالي غنائية فارغة أو أسواقٍ تجارية تعج بالمتسكعين!