منذ إلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية في 1924 والمسلمون أصبحوا كالايتام على موائد اللئام، فتفرقت الدولة إلى دويلات وتحولت الأمة إلى شعوب وأقليات! حتى صدق فيهم قول الشاعر المسلم:
أنى التفت إلى الإسلام في بلد
تجده كالطير مقصوصا جناحاه
وهذه الحال غيب أخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبر قوله: 'توشك ان تداعى عليكم الامم، كما تداعى الأكلة على قصعتها'، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ولكن الله القدير يسر لهذه الامة زعماء وعلماء وحكماء يبقون جذوة الامل مشتعلة وشعور الوحدة حيا في قلوب المسلمين، أمثال الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز والداعيةالشهيد حسن البنا والمجاهد الشهيد عبدالله عزام وغيرهم من الاخيار والابرار، ولا نزكي على الله تعالى احدا.
وفقيد الكويت والعالم الاسلامي في يومنا هذا هو رجل بأمة ورجل للامة، اما كونه رجلا بأمة فهذا ما يدركه كل من اطلع على نشاطاته الواسعة وهمته العظيمة، واما كونه رجلا للامة فيدركه كل من عايشه ورآه يبذل وقته وماله وصحته للاسلام والمسلمين.
إنه المرحوم باذنه سبحانه عبدالله العلي المطوع ذو المفاخر الكبيرة والمآثر الكثيرة، ولعل ابرزها سخاءه اللا محدود وصدقاته اللا معدودة واوقاته التي خصصها ابتغاء مرضاة الله تعالى داخل القطر وخارجه، حيث تحظى المراكز الاسلامية حول العالم بدعمه الجزيل، والناس يصطفون طوابير امام موظفيه الذين خصصهم لمتابعة الحالات الانسانية ودعمها ماليا، وغير ذلك مما لا يعد ولا يحصى من اوجه الخير والبر، التي جعلته حقا ممن يصدق فيهم قول الشاعر العربي:
لعمرك ما الرزية فقد مال ،،، ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد فذ ،،، يموت بموته خلق كثير
إنه الداعية والمحسن عبدالله العلي المطوع من مواليد 1926 ميلادية، رئيس مجلس ادارة جمعية الاصلاح الاجتماعي، ورئيس مجلس ادارة مجلة 'المجتمع' الاسبوعية، والتاجر الكويتي المعروف بصفاء السريرة ودماثة الخلق، حتى كانت من ضمن عباراته المأثورة قوله: 'من ملك زمام التغافر فقد ملك زمام الأمور'.
وبرع، رحمه الله تعالى، في العديد من المجالات الخيرية والتطوعية والتجارية، حيث كان دؤوبا ومجدا في عمله الخاص والعام على حد سواء، حتى غدا مثالا حيا لحديث الرسول عليه السلاة والسلام : 'إن الله يحب إذا عمل احدكم عملا ان يتقنه'.
وإن كان الموت حقا على كل انسان بموجب قوله سبحانه: 'كل نفس ذائقة الموت، ثم الينا ترجعون'، وقوله عز وجل: 'كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام'، فإن هناك من يخلد اسمهم بذكرهم الطيب وعملهم الصالح وسيرتهم العطرة، والعم (ابو بدر) رحمه الله تعالى، من اولئك الذين يبقون معنا وان رحلت اجسادهم عنا، وقد قال الشيخ حامد العلي قصيدة في رثائه منها هذه الابيات:
'إذا ما الندى ألقى النوال بكفه
تفجر ينبوع من الخير جاريا
يمد يد الإحسان للناس كلهم
وحتى عدو الحقد يعطيه ثانيا
وليس عميد القوم من كان حادا
ولكن عميد القوم من كان شافيا'
إن أبا المساكين وإمام المحسنين باق لم يرحل بما خلفه من بعده، مما لا ينقطع عمل ابن آدم منه، بفضل الله تعالى، ثم فضل الاسرة الكريمة التي احسن تربيتها حتى كانت، وستظل بعونه سبحانه وفية لمبادئ الخير وملتزمة بميادين الاجر وسائرة في دروب الاحسان، التي سار عليها الفقيد الغالي وقام بحقها، اللهم اكرمه فطالما اكرم خلقك، وارحمه فقد كان يرحم عبيدكم، واجزه خيرا كما كان يسابق في الخيرات، والحمد لله اولا وأخيرا.