فقد أصبح الهدف الأساسي من الكتابة للكثير من الكتّاب هو التجريح والاستهزاء والسخرية من المختلفين معهم بالرأي أو التوجه أو المذهب وتحقيرهم والمبالغة في انتقادهم لتحقيق مصالحهم الخاصة أو مصالح جماعاتهم دون أدنى اعتبار إلى كون الكتابة رسالة سامية ووسيلة مثلى للمساهمة بالإصلاح والتنمية، وأنه يمكن من خلالها مناقشة القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وعرض المشاكل واقتراح الحلول للمساهمة في بناء الوطن، إذ من الملاحظ أن الصحف قد تحولت من ناقل للخبر والمعلومة إلى آلة للحرب الكلامية ولتبادل الاتهامات والسجال العقيم والتنابز بالألقاب، ولم نعد نقرأ إلا القليل من المقالات التي تحتوي مضامين فكرية أو علمية أو ثقافية.
كما أغفل هؤلاء أن ما يسطرونه تتم قراءته من قبل الكثيرين وأنه من خلال كلمات قليلة يوجهونها للمجتمع يمكن أن يؤثروا بالرأي العام سلبا أو إيجابا وقد يهيجوا النفوس ويثيروا المشاعر ويزرعوا الفتنة.
والملفت للقارئ هو أن هجوم بعض الكتاب لم يقتصر على كتّاب الصحف المنافسة بل امتد ليشمل كتّاب الصحيفة ذاتها التي يكتب فيها، فترى كتاب صفحة ما يهاجمون كتاب الصفحة المقابلة لها والعكس صحيح، وكتاب صفحة المقالات ينتقدون كتاب الصفحة الأخيرة والعكس صحيح أيضا، وآخرون يطعنون بالعلماء ويغتابونهم! بل وأننا أصبحنا نرى أن الجدال والخلاف قد وصل إلى العلماء أنفسهم فصاروا يهاجمون بعضهم البعض على صفحات الصحف!
أما الغريب فهو أن تتخطى هذه الزوبعة حدود الصحف المحلية لتشهدها الصحف العربية، حين يقوم تكتل أو جهة أو شخص بنشر ما يضر البلاد والعباد في صحيفة مصرية، ظنا منه أنه يحقق بذلك انتصارا لنفسه ورأيه دون أي اكتراث بحالة الاحتقان السياسي التي تمر بها البلاد.
أدعو الجميع – وأوّلهم نفسي – لتذكر أننا محاسبون أمام الله تعالى على كل حرف نكتبه، وأقول لكل كاتب: عبّر عن رأيك بعيدا عن الشطط والانفلات وعارض الآخرين لكن دون أن تتخطى حاجز الاحترام والاتزان، اكتب ما ينفع الناس وشاركهم بأفكارك وآرائك الصالحة المصلحة دون تقصير في انتقاد الأخطاء، واصدع بالحق ولا ترض أبدا أن يُنشر اسمك مع كلمات بعيدة عن صفاء المعنى وجمال الفكرة، حارب الفساد والظلم لكن بأسلوب بعيد عن الإساءة والقذف والتشهير وتنافس مع غيرك تنافسا شريفا وليكن قلمك سيالا بالخير والسمو، ولتكن خادما لدينك ووطنك وأمتك.
وتذكر أولا قول الله جل وعلا: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)، ثم قول الشاعر:
وما من كاتـب إلا سيفنى ... ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء ... يسرّك في القيامة أن تراه
رسائل:
- الشكر الجزيل لنواب مجلس الأمة الغيورين على الأخلاق والقيم الذين ساهموا بإلغاء الحفل الختامي لمسابقة (ملكة الأناقة) التي تناولتها بمقالي (أناقة بدون لباقة!)، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم، أما الصحيفة المغمورة المنظمة للمسابقة فنستنكر منها الهجوم على هؤلاء النواب الأفاضل، ونرفض تلاعبها الواضح بالحقائق وإعلانها خلو المسابقة من أي شيء يعارض تعاليم الإسلام والعادات والتقاليد وادعاءها أن جدول الحفل الملغى لا يحتوي على فقرة لاستعراض النساء المشاركات أمام لجنة تحكيم، ونقول لها: لن تخدعي قراءك فقد قرأوا برنامج الحفل وما يحتويه من مفاسد في أعدادك السابقة!
- أسعدني انطلاق الحملة الوطنية لحماية البيئة، كما سرّني سماع تطبيق الفكرة التي طرحتها في مقال (صندوق استثماري) على أرض الواقع، حيث أبدت مجموعة من الشباب المتطوع استعدادها للمرور على أي جهة أو منزل لاستلام الأوراق المستعملة لإعادة تصنيعها، بارك الله في جهودكم ونفع بكم الوطن.
___________________________________________________
تم نشر المقال بالعدد 72 من صحيفة الحركة الصادر في 11/6/2007