إن مدريد ومرتادي مساجدها الرئيسية شهدوا عرسا حقيقيا باستقبال عمرو خالد في المركز الثقافي الاسلامي "السعودي"، باعتباره الداعية الاسلامي الكبير الذي عرفته الأمة من خلال برامجه التلفازية الرائعة التي كنا نتمنى لو أنه اقتصر عليها في تأدية دور عظيم في هذه الفترة القاسية في حياة الأمة ، وأنه لم يخرج من ذلك الدور
المؤتمر والدعوة إليه وادعاءات موقع الأستاذ عمرو :
على هامش دعوة قامت بها الأمم المتحدة والحكومة الاسبانية والحكومة التركية ، زار الأستاذ عمرو خالد العاصمة الاسبانية منتصف شهر كانون الثاني يناير ضمن مجموعة من خمسمئة من الشخصيات التي لبت الدعوة الى المؤتمر الأول لتحالف الحضارات الذي عقد في مدريد يومي الخامس والسادس عشر من شهر كانون الثاني الجاري ، وقد عقدت خلال هذين اليومين ثمانية عشرة مائدة بحث ، وكان الاستاذ عمرو خالد قد تحدث خلال سبعة دقائق فقط هي الوقت المخصص لكل مداخلة من خلال هذه الموائد ، وذلك خلافا لما جاء في الموقع الالكتروني الرسمي للاستاذ عمرو ، والذي ذكر "أنه كان المتحدث الرئيسي" في مؤتمر تحالف الحضارات الضخم الذي كان من الاستحالة أن يولي أحدا من الحضور وقتا ليكون فيه متحدثا رئيسيا يغير تاريخ الكرة الأرضية ونظرة العالم ووسائل إعلامه للاسلام والمسلمين كما جاء في هذه الصفحة من أخبار كاذبة ملفقة وغير لائقة من حيث المغالاة في دور الاستاذ عمرو خالد في هذا المؤتمر!! والذي بدا من خلالها وكأنه شخصية عالمية شديدة الخطورة والأهمية !! إلى درجة وصلت بالموقع أن ذكر أن الأستاذ عمرو تجول في شوارع مدريد ولاحظ –هكذا بالحرف – ( أن عددا كبيرا من الاسبان قد غيروا نظرتهم للاسلام والمسلمين ) بعد مداخلته التاريخية!!! وأعظم من ذلك وأخطر منه أن يُصر الموقع الالكتروني للأستاذ عمرو على أنه جاء المؤتمر بصفته ممثل عن شباب العرب والمسلمين في العالم !! بينما لم يخرج دوره في المؤتمر عن كونه شخصية اسلامية مدعوة الى مثل هذا المؤتمر باعتباره "إعلاميا اسلاميا" بارزا في المنطقة العربية = كما جاء بالحرف في نص النشرة الخاصة بالمؤتمر = له دوره الإعلامي الكبير والخطير في التأثير الايجابي الملموس على شرائح واسعة جدا من الناس .وإذا كان هناك من مؤتمر شبابي آخر قصده بالحديث موقع الأستاذ عمرو فإن أحدا في مدريد لم يعلم به اللهم إلا بعض كبار المسؤولين في أحد المراكز الاسلامية وأحد أعضاء المجموعة المسماة "صناع الحياة" والتي لايتجاوز عدد أفرادها في مدريد الشخصين فقط!.
على الرغم من الاهتمام الكبير جدا الذي أولته وسائل إعلام بعض الدول العربية لهذا المؤتمر ، والآمال الضخام التي علقتها دول أخرى عليه فلقد مرّ على وسائل الاعلام المسموعة والمرئية في إسبانية =وفي كل أوربة= وكأنه لم يكن ،وذلك بسبب السجالات العنيفة التي نشأت بسببه بين قوى اليمين واليسار الاسبانيين ، حتى أن بعضهم كتب يقول "تحالف إيش !!وعن أية حضارات يتكلمون؟؟" ، ونعى آخرون باللائمة على الحكومة الاسبانية أن استخدمت هذا التوقيت بالضبط لعقد المؤتمر لحاجة انتخابية في نفوس الحكام الاشتراكيين يبدونها قبل شهرين فقط من موعد الانتخابات الاسبانية العامة ، ناهيك عن أن معظم الشخصيات التي تمت دعوتها إلى هذا المؤتمر هي شخصيات حكومية من الدرجة الثانية نال منظموا المؤتمر الكثير من الانتقادات اللاذعة بسبب درجة أهميتها سياسيا وثقافيا وفكريا ،والبعض الآخر رؤساء منظمات دولية تابعة لحكومات معروفة بعينها ، وهناك بعض الشخصيات المستقلة البارزة من حملة جوائز نوبل للسلام وبعض الكتاب والمفكرين والاعلاميين ورجال الدين.
ولانهمل أن الصحيفة شبه الوحيدة التي اهتمت في اسبانية بالمؤتمر كانت صحيفة الباييس الناطقة الرسمية باسم الحزب الاشتراكي الحاكم .
من رشحه وممثل عن من؟:
لاأدري بالضبط من هي الجهة التي رشحت الأستاذ عمرو خالد لحضور هذا المؤتمر الذي كان ينبغي أن يمثل المسلمين في أوربة فيه البروفسور الشاب الفيلسوف المفكر الاسلامي بالغ الأهمية "طارق رمضان البنا " ، أو الأستاذ الداعية الشاب اللامع "عمار شاكر" ، وشخصيات شبابية أوربية مسلمة أخرى يمكنها أن تتحدث على الأقل باسم المسلمين في أوربة الذين بقوا في هذا المؤتمر دون ممثل منهم عنهم ، فتمثيل الكتل البشرية لايكون بهذه الطريقة العشوائية "العربية" التي استنسختها معظم الجماعات الاسلامية من حكام العرب الذين فرّ معظمهم من حكمهم الديكتاتوري المقيت !!، ولايكون بأن يدّعي فلان من الناس كائنا من كان = أو يلزمونه= تمثيل هذه الشريحة أو تلك ، ولكن تمثيل البشر يكون عن طريق انتخابات شريفة نزيهة تتم في مختلف التجمعات والجمعيات والمؤسسات الشبابية الرسمية المعترف بها على مختلف مشاربها وانتماآتها وأفكارها وسياساتها في كافة الدول الاوربية ، ثم يتم تشكيل مجلس عام لهذه المنظمات ينتخب بدوره لجنة عليا تقوم هي بانتخاب ممثل عن هذه الشريحة من الناس ، أو عن طريق ترشيح جهات اكاديمية ومؤسسات موثوقة في أوربة نفسها ومحافل ثقافية مطلعة ، ولكن يبدو أننا حتى في هذه مضطرون أن نسير ليس على "خطى الحبيب" ولكن على خطى حكامنا "هيصة وحيصَ بيص " !!
أمر آخر شديد الخطورة نأخذه على الأستاذ عمرو ، وهو حديثه "مؤخرا" بلسان الجاليات المسلمة المقيمة في الغرب ، وهو ليس من الذين ولدوا أو عاشوا سنين طويلة في الغرب ، وهو ليس على صلة مباشرة بالمجموعات التي تسمى صناع الحياة في أوربة ، ولاحتى يعرف شيئا عن حقيقة نشأة هذه المجموعات ولا طبيعة عملها ، وهي مجموعات نشأت بصورة عشوائية كذلك دون توجيه مباشر ولاعناية خاصة بأفرادها ، تخبط الكثير منها وهو يبحث عن طريقه دون أن نتقص شيئا من صدق نيات شبابها ولا رغبتهم الكبيرة في خدمة هذا الدين ، أضف إلى ذلك أنه لايليق بالأستاذ عمرو أن يدّعي موقعه الالكتروني أنه يمثل شباب المسلمين خاصة في أوربة وهو لايعرف شيئا ألبتة عن ساحة الدعوة الشبابية في أوربة ولم يختلط بهم ولم يتعرف إلى ممثليهم بل إن المجموعات المسماة بصناع الحياة في أوربة لاتسمح لأحد بالاقتراب منه ولا الحوار معه ، ولايمكنه والحال هذه ولايستطيع أن يقول أنه يمثل شباب المسلمين في اوربة!! ولا الحديث بلسانهم ولا حتى النصح لهم فيم يتعلق بموضوع "الاندماج" الذي أكل عليه الدهر وشرب ، ولم يعد يتحدث عنه إلا الآتون من بلادنا لايعرفون ماذا يحصل في أوربة بالضبط ! ، كما أن الأستاذ عمرو ليس من المطلعين على نماذج التعايش الثلاث الرئيسية المطروحة على الساحة الأوربية في هذا المجال والتي تعتبر دراستها والإحاطة بها شرطا أساسيا ورئيسيا للكلام في هذا الموضوع ، وقد ظهر هذا واضحا في لقائه مع مسلمي مدريد الذي دعى له المركز الثقافي الاسلامي على هامش زيارة الاستاذ عمرو الى مدريد لحضور مؤتمر تحالف الحضارات. فلقد أجرى استفتاءا يمكن أن نترك هامشا لعشرات من إشارات الاستفهام والتعجب عليه ، استفتاء عام على طريقة البرلمانات العربية الاشتراكية الثورية التقدمية !! ، أعجب مافيه أن موقع الأستاذ عمرو سماه "استفتاء علمياً" وهو أبعد مايكون عن الاستفتاء العلمي ، بل إنه يمكن للأي طالب في المرحلة الثانوية في اسبانية أن يفند شروط الاستفتاء العلمي قبل أن يصف مثل هذا الاستفتاء بالعلمي ، كان استفتاءا جماهيريا عشوائيا جميلا وهاماً ومحببا للنفوس ، وكان واحدا من أهم الأساليب التي يمكن لمحاضر جماهيري غير أكاديمي أن يستخدمها لإحياء اهتمام جمهوره وتحفيز مشاركته في المحاضرة ، ولكنه وللأسف الشديد لم يكن استفتاء علميا يمكن أن تحمل نتائجه إلى مؤتمر عالمي بمثل هذه المواصفات التي يتمتع بها مؤتمر تحالف الحضارات الأول في مدريد.
سر النجاح بين حب الناس المذهل وحقد الحاسدين :
وهذا لايعني أن مدريد ومرتادي مساجدها الرئيسية لم يشهدوا عرسا حقيقيا باستقبال عمرو خالد في المركز الثقافي الاسلامي "السعودي"، باعتباره الداعية الاسلامي الكبير الذي عرفته الأمة من خلال برامجه التلفازية الرائعة التي كنا نتمنى لو أنه اقتصر عليها في تأدية دور عظيم في هذه الفترة القاسية في حياة الأمة ، وأنه لم يخرج من ذلك الدور ليختلط الحابل بالنابل وليفقد بريق تلك الدعوة الربانية التي استجابت لها القلوب والنفوس وتفتحت لها الأحاسيس بحب الله ورسوله.
الأستاذ عمرو خالد داعية كبير لايشق له غبار ، ومحاضر لامع وإعلامي من طراز فريد جعل منه الإعلام الاسلامي والغير اسلامي في بلادنا نجما جماهيريا ، ولم يكن لهذا النجم أن يسطع لولا أنه قدم للمشاهدين مادة على غاية من الأهمية كان الناس في أشد الحاجة إليها ، ليس من الناحية الدينية فحسب ، بل من الناحية الأخلاقية والتربوية .
لم يكن سرّ نجاح عمرو خالد أبدا مايقوله البعض ، من شكله الأنيق العصري ، ولا لحيته الحليقة ، ولا إلى آخر هذه الترهات الذي ذهب إليها بعض المتقولين هنا وهناك ، فلا شكله أنيق ولاعصري ولايمثل من قريب أو بعيد أي نوع من أنواع تصورات الثياب المعاصرة لمن هم في مثل عمره من الرجال ، ولاعلاقة لحلقه لحيته في الموضوع ، وإنما هي أمور استحوذت على بعض من لاعمل لديهم إلا تخصيص كل أوقاتهم لانتقاد الآخرين بصورة غير موضوعية غيرةً وحسداً وثباتاً على ماوجدوا آباءهم عليه من عادات وتقاليد مهما كانت هذه العادات والتقاليد مغرقة في الجاهلية مع ادعائها أنها من الاسلام والاسلام منها براء !!. وهذا لايعني أننا لانأخذ عليه وبشدة تغاضيه عن ذكر المراجع التي يعود إليها في إعداد برامجه أو حتى الأشخاص الذين يساعدونه في إعداد هذه البرامج أو يقومون بإعدادها كاملة ، وذلك على الرغم من أنه قام في العديد من المرات بالإشارة من قريب أو بعيد إلى هذه المراجع ، ولكن هذا لايكفي فإن الأمانة العلمية تقتضي أن تذكر المراجع بحرفيتها حتى لو أدى ذلك الى غضب البعض منه أو تصنيفه ضمن جماعة معينة أو تنظيم معين .
إن الدور الهائل الذي يقوم به عمرو خالد في نقل كل ماكُتب أثناء الصحوة الاسلامية الأخيرة بأيدي كبار الكتاب والمفكرين الاسلاميين إلى جمهور لايقرأ ، هذا الدور وحده كفيل برفع الرجل إلى مقام كريم يستحقه في هذه الأمة ، ولكن وكذلك من حق أولئك الكتاب والمفكرين عليه وعلى الأمة أن تُذكر المراجع الخاصة بهم في كل حلقة إعلامية يقدمها الاستاذ عمرو ، هذا إذا لم نتحدث عن الكتب التي تَصدر باسمه وتُصَدر بصورته !!.
سرّ نجاح الأستاذ عمرو خالد = من وجهة نظري على الاقل= يكمن في ثلاثة أمور متلازمة : أولها الحديث بلغة يستوعبها مسلموا اليوم من الناطقين بالعربية وممن يفهمونها ، وثانيها الابداع المثمر المستمر وعدم تكرار نفسه ، وثالثها البحث والدرس والعمل الدؤوب المضني لاستخراج المادة المناسبة لما يفتقده المسلمون اليوم في حياتهم الايمانية والسلوكية.
مثل عمرو خالد ومعه وفي نفس الفترة الزمنية بدأ كثيرون ممن كنت أول من أطلق عليهم لقب "الدعاة الشباب " ، وقد بدؤوا جميعا بنفس القوة وبنفس الطريقة وكان إقبال الجمهور عليهم عظيما على الرغم من لحاهم الطويلة وملابسهم الوطنية المحلية ، إلا أن معظمهم سقط في دوامة التنكب عن الاصرار على خطاب ديني حديث بلغة العصر بسبب انصياع معظمهم لموجات النقد الداخلية التي صبّت جام غضبها عليهم من مختلف وسائل الاعلام التي يسيطر عليها الاسلاميون في بعض بلادنا التي تخلط بين الدين والعادات والتقاليد الى درجة أن جعلتها ديناً لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه!!، فضلا عن وقوعهم في الخطأ الفادح المتمثل في الاصرار على تجديد ولاآتهم السياسية لأرباب وأولياء الأمور ممن لايتجرأ أحد على مجرد الاشارة إليهم وإلى جرائمهم في طول الأمة وعرضها ، ولاننسى عدم قدرة معظمهم على مغادرة بلادهم ولاتغيير أماكن اقاماتهم ، فعادوا إلى خطاباتهم التقليدية المتحجرة ، وفقدوا احترام الناس ورغبتهم في متابعة مايصدر عنهم ، وبينما انطلق عمرو خالد يتحدث عن هموم الناس ومايفتقدونه من حلاوة للايمان وحب لله ولرسوله ، كانت صور أحد أهم معاصريه تجوب كل تلفزيونات ووسائل الاعلام الأوربية وقد وقف أمام جمع من الشباب يتحدث إليهم عن ضرب المرأة بالمسواك لتأديبها ، فعلى الرغم من أن هذا الداعية الشاب كان يحاول إفهام الشباب أن ديننا لايدعو إلى العنف ضد المرأة إلا أن وسائل الإعلام الغربية استغلت هذه الحادثة لتُروج لما تسميه إصرار المسلمين على معاملة النساء معاملة الدواب التي يجب تأديبها !.
لن نلقي بالا الى الكمّ الكبير من أعداء عمرو خالد والذين لم يجدوا لأنفسهم مكانا في الأوساط الاعلامية والجماهيرية التي يجد فيها الرجل كل إقبال ومحبة ومودة ، حتى ان استعراضا بسيطا لمجموعة من هذه المواقع الاكترونية تكشف لنا بكل بساطة حقد القائمين عليها وعري ثلاثة ارباعهم عن الموضوعية في النقد والتي جعلتهم من السخافة بمكان يقتطعون فيه من السياق العام لكلامه عبارات وردت على لسان الرجل في برامجه التي يعلم القاصي والداني أنه يجتهد اجتهادا عظيما في تجهيزها والتحضير لها، وينزلونها في غير امكنتها كيدا من عند أنفسهم وتشويها للحق والحقيقة.
بين الواقع والتهاويل !:
عمرو خالد يعيش في عالم يعرف = والمجموعة التي تعمل معه= مشكلاته ويعرف ملابساته ويعرف كيف يتحدث الى الناس فيه شيبا وشبابا ، وهذا هو سرّ النجاح المذهل الذي حققه الرجل بفضل الله ، وهذا لايعني أننا لانحصي أخطاءه ولانعرف زلاته ، والتي من أخطرها وأهمها هذا الجيش الضحم الهائل من "المرتزقة" – ماديا أو معنويا- الذين يتعيشون باسمه ، ينشرون الأخبار الغريبة والعجيبة في الموقع الالكتروني المسمى باسمه والذي في ظني أنه يسيئ إليه أيما إساءة ! ، يتلقون الرسائل من الناس ويجيبون عليها أو لايجيبون... باسمه ، يتحدثون باسمه وعنه ، يؤلفون الكتب نيابة عنه نقلا من شرائط التسجيل كلمة كلمة وحرفا حرفا دون أن يسمحوا حتى لمدقق لغوي أن يراجع لا الصياغة ولا اللغة فضلا عن مراجعة وتدقيق مايجيء في هذه الكتب التي ليست ولن تكون برامج تلفزيونية تُعرض وينسى الناس الهنات والسقطات التي جاءت فيها وخاصة فيم يتعلق بتوثيق الآيات والأحاديث والأحداث.
تهويل وتعظيم وكذب ومبالغات ، هذا التهويل والتعظيم لشخصية دعوية متميزة لايخرج عن التهويل والتعظيم الذي يمارسه البعض لبعض حكامنا ، نفس الطريقة في الكذب المدروس لتعظيم البعض ورفعهم إلى درجات التأليه المقيت الذي قد يسقط بهم إلى أسفل سافلين ، فلقد كان من أعجب ماجاء في الموقع الالكتروني الذي يسمى باسمه مما يخص زيارة الاستاذ عمرو إلى اسبانيا أن قيل : أن كلمته التي ألقاها بالعربية قد نقلت في نفس اللحظة إلى العديد من لغات العالم ، موحيا للقارئ بأن هذا أمر خاص بكلمة الأستاذ عمرو، بينما كانت كل كلمات المتدخلين المشاركين في المؤتمر قد نقلت إلى اللغات الرئيسية الأوربية ، فمؤتمر بهذا الحجم يقوم أصلا على مكتب للمترجمين الفوريين يفوق تعداده السبعين مترجما عملوا بجد واجتهاد لنقل أفكار كل الحاضرين إلى كل الحاضرين ، وليس الأمر مقتصر على أستاذنا الكريم الذي صوره الموقع بأنه نبي هذه الأمة !...بل المهدي المنتظر!! الذي غير في لمح البصر أحوال أهل الأرض الذين حل بهم السلام والوئام بسبب الكلمة "العظمى" التي ألقاها ومن ورائه "صناع الحياة" الذين صورهم الموقع على أنهم حواريو عيسى الذين غيروا وجه البشرية !.
لانظن أن الأستاذ عمرو خالد في حاجة إلى هذا التبجيل الكاذب وهذا التهويل الرخيص وهذه الادعاآت ، لأن دعوته إلى الله بلغت به أن احتل القلوب دون حاجة إلى هؤلاء المرتزقة الذين سيتسببون إن استمر الحال على هذا المنوال في إسقاط صورته وسيرته أبشع سقوط في ذاكرة الأجيال ، وسيكون ذلك = ولانرجوه إطلاقا = سقوطاً مدويا ، لأن الصعود على سلالم الكذب والادعاء يستدعي السقوط في محافل الحقيقة والواقع.
لاأدري من هو الشخص الذي كان يرسل من مدريد التقرير تلو التقرير عن نشاطات الأستاذ عمرو في مدريد؟ ، ولاأدري إن كان الأستاذ عمرو على اطلاع على مثل هذه المهزلة ؟!، كما لاأدري ماالذي قصده موقع الأستاذ عمرو من مثل هذه التهاويل والمبالغات والمغالطات التي لم يكن أصلا في حاجة إليها ، الشيء الذي كان شديد الوضوح هو أن موقع الاستاذ عمرو شوه زيارته الى مدريد وجعل من ملابساتها مهزلة حقيقية كان يمكن أن يستفيد رواد الوقع منها بشكل كبير جدا لو أنها عولجت بطريقة موضوعية صادقة تربوية.
استقبال يستحقه ودور يعترف به الجميع :
لقد كان من السخف بمكان أن يقوم أحد مرافقيه بدعوة الناس إلى التصفيق بينما كانت القاعات الثلاث التي اتسعت لأكثر من أربعة آلاف شخص تستقبل الداعية الحبيب إلى قلوب الناس بكل الود والمحبة والزغاريد وأناشيد الصلاة والسلام على الحبيب المصطفى المغربية التي يستقبل بها أهل المغرب حجاجهم ! ، إنه الاحتفاء بشيخ في مثل قامته ،لقد استقبلته الجماهير التي اعتادت ارتياد مساجد مدريد استقبالا مذهلا يتوافق مع مكانته الكبيرة في القلوب ، وكان الانضباط في القاعات الثلاث التي هيأتها إدارة المركز الثقافي الاسلامي في مدريد ممتلئة بالكامل ، وكان سلوك الناس فيها سلوكا مثاليا من حيث الانضباط والهدوء وآداب الاصغاء والتفاعل مع الشيخ الداعية والتجاوب مع طريقته الجميلة المبتكرة كما أسلفنا في إلقاء الأسئلة ، أما ماحدث خارج هذه القاعات من تدافع بين الناس ووقوع بعض الحوادث المؤسفة فلم يكن بسبب أن الجمهور العربي والمسلم كما قال البعض غير منضبط بالآداب العامة ولكن بسبب من سوء التنظيم العام خارج القاعات وبسبب من إغلاق أبواب القاعة الرئيسية التي كان من الممكن أن تبقى مفتوحة لتستوعب خمسمئة شخصا إضافيا وقوفا.
ليس صحيحا أن المسلمين لايعرفون الانضباط ولاأخلاقيات السلوك العامة في مثل هذه المناسبات ، وليس صحيحا أننا لانتمتع بحس حضاري جماعي رفيع ، ولكن كثيرا من المسؤولين عن تنظيم هذه المناسبات الضخمة لايفكرون في الجمهور بقدر اهتمامهم بوسائل الاعلام الغربية وماستقوله عنا وماستكتبه.ومن سيحضر من السفراء والمسؤولين ليبيضوا وجوههم أمامه!.
الدموع في العيون المتشوقة والناس وقوف في استقبال الرجل الذي عَلّم الكثير منهم كيف يحبون الله ويثقون بوعده ، وكيف يحبون رسوله ويمشون على خطاه ، لم يكن هذا الاستقبال أقل مما يستحقه الأستاذ عمرو. بدأ الحفل بالضبط في الساعة المحددة له ، لكن ثلاثة أرباع الساعة اقتطعها منظموا الحفل من وقت الجمهورالمتعطش للاستماع الى عمرو خالد في كلمة الترحيب الرئيسية ثم في استعراض مجموعة مكونة من فتاتين فقط تسمي نفسها "صناع الحياة في مدريد" ، ثم قامت هذه المجموعة مع غيرها من صناع الحياة القادمين من مدن اسبانية أخرى باختطاف = هكذا = الأستاذ عمرو خالد ومنعوه من اللقاء ببقية التجمعات الشبابية المدريدية ولم يسمح لأحد بالاقتراب منه إطلاقا ، ومضى يوم كامل قبل بدء أعمال مؤتمر تحالف الحضارات دون أن يعرف أحد من المسلمين في مدريد شيئا عن الأستاذ عمرو الذي كان من الممكن أن يلتقي بالناس في أكثر من لقاء وخاصة شباب مدريد من المسلمين الذين يعدون بالآلاف والذين منعوا من اللقاء به بسبب حفنة قليلة تعد على أصابع اليدين ممن يسمون أنفسهم "صناع الحياة" استأثروا بالداعية لمصالحهم الشخصية على حساب الآلاف!!! ماأسوأ أن يصبح الدعاة والشخصيات الاسلامية العالمية ملك شخصي لتجمعاتهم وتنظيماتهم وينسى الجميع أن هؤلاء الرجال ملك للأمة !!، كيف يمكن لداعية من طراز الأستاذ عمرو خالد أن يزور بلدا مثل مدريد تعداد سكانها يفوق الستة ملايين نسمة فيهم مليون مسلم على الأقل ومالايقل عن ثلاثين مجموعة شبابية في غاية من النشاط والعمل أن يتم اختطافه من قبل مجموعة واحدة لايعرفها أحد في مدريد ولم يسمع بنشاطاتها أحد في المدينة ، شيء من هذا القبيل كان قد حصل قبل عامين مع الاستاذ القيادي الداعية الكبير عصام العطار أستاذ الجيل في أوربة عندما دعته إحدى المؤسسات الاسلامية ، لم يسمح تقريبا لأحد بالاقتراب منه ولم تسنح الفرصة لأحد خارج تلك المؤسسة للاستفادة من تلك الزيارة التاريخية بل لقد رأيته وهو يُحمل على زيارة روضة للأطفال تابعة لتلك المؤسسة ليتعرف فيها على أولاد لايعرفون قدره ولايقدرون خطورة زيارته لهم في وقت كان أكثر من مائة من شباب مدريد من المسلمين يتحرقون فيه الى لقائه والاستماع إلى تجربته وتعليماته ونصائحه وأفكاره ! ، بدلا من أن تقوم هذه التجمعات والمؤسسات الاسلامية يتنظيم لقاآت عامة لمثل هذه الشخصيات المتميزة عالميا على ساحة الفكر والدعوة ، تجمع فيها شباب البلد وتدعو مختلف التنظيمات الشبابية وغير الشبابية للاستفادة من وجود هؤلاء الدعاة يتم استئثار مجموعات صغيرة جدا خاصة بهم دون أن نفكر بمصلحة الجماعة ونسمو فوق النزعات والنزاعات السياسية والحزبية وأمراض الانتماآت التي مافتئت تفتك بالأمة وقد انتقلت بحذافيرها إلى أوربة ، ولم نراع فيها تميز هؤلاء الدعاة ومكانتهم العالمية .
خلاصة القول .. حب ّ الجماهير العميق للأستاذ عمرو خالد لايحتاج إلى أي برهان ، وهذا أمر لايتعلق فقط بالدور الخطير الذي تمارسه وسائل الإعلام اليوم في رفع الناس إلى أعلى عليين أو خفضهم إلى أسفل سافلين ، فهذا الدور الإعلامي لم يكن ليعطي ثماره لولا أن الرجل يتكلم بلسان الأمة ويصل إلى قلوب الناس فيها .
له ماله وعليه ماعليه ، وسيبقى عمرو خالد على الرغم من حماقات الذين من حوله ، وسخافات أعدائه وتنطعهم علما حياً في قلوب جيل الصحوة الاسلامية المباركة ، والذي نسأل الله له أن يريه الحق حقا ويريه الباطل باطلا ، حتى يبقى مشعلا ينير الطريق لآلاف الآلاف من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها على بصيرة تنقذه من تنطع أعدائه وغباء من يحيطون به مدّعين أنهم حاشية الملك!!.