أحيانا نمر بمواقف عابرة و روتينية و متكررة فلا نلقي لها بال و لا نتفحصها لنرى خفاياها و نتدبر خلفياتها, فهذه هي الحياة عميقة في مدلولاتها سطحية في معطياتها و هذا ما حدث معي في سفرة قصدتها مع عائلتي للراحة و التغيير.
فعندما كنا ننتقل بين مدينة و أخرى بالولايات المتحدة الأمريكية توقفنا للاستراحة , فقام والدي و أخوتي بالصلاة قصرا و فورا انتهائهم من الصلاة كان خلفهم شخصين أحدهم أمريكي المنشأ سوري الجذور و الآخر أمريكي الجنسية مسلم الهوية و دار حديث بين أخوتي و الشابين و تبادلوا أرقام الهواتف... و انتهى الموقف ... و لكنني ضللت طوال الطريق أفكر بشعور ملئه الفخر أحيانا و الحيرة أحيانا أخرى.... الفخر لأني أحمل أرقى رابطة و عقيدة , حتى أن عقيدتي لتسود و تجمع من هم في شتى الأرض على وحدة الشعور و انسجام الخاطر.... و الحيرة من واقعنا الذي جعل لكل جنسية رتبة و لكل عائلة شرف و لكل أصل منطق مختلف ... أليس أولى بمن تجمعهم صلاة واحدة مشتركة أن تجمعهم وحدة الكلمة العسكرية و الاقتصادية و السياسية ... أعلم أن بالولايات المتحدة الأمريكية300 مليشية لدى كل واحدة من السلاح ما يكفي لإشعال حرب داحس و الغبراء و أعلم أن بالولايات المتحدة الأمريكية كل ديانات الأرض و ملل بنو آدم و لكنهم تجمعوا و تأدبوا و احترموا و رؤوا الحياة كمشروع عمران لا كحلبة صراع يبني بها الأقوى مجدة على حساب الأضعف كحال كثير من بلداننا العربية المسلمة. أليس من رحم التفرقة تولد الوحدة و من ألم الضعف تنتعش القوة .. أليست الحياة بتناقضاتها حكمة لأولي الألباب .
أؤمن إيمان لا رجعة له بأمتي و أؤمن أن كل إنسان كبر أو صغر شأنه مشروع تنموي حضاري ينتظر الإفاقة ... و أن وحدة الصف بالصلاة ما هي إلا تدريب عملي لوحدة العمران و الحياة و أن ذوبان الاختلافات يبدأ من صفاء القلوب و إننا شأنا أو أبينا فكلنا إخوان مسلمين .