للاستماع إلى هذه المقالة بصوت الكاتب:
{enclose Nashiri_Alsihhah_Osama.mp3}

{play}audio/Nashiri_Alsihhah_Osama.mp3{/play}


زرت (مستشفى مبارك) بعد التحرير بأيام قليلة، وكان اسمه آنذاك ما يزال (مستشفى صدام) كما أسمته سلطة الاحتلال غير الشرعية، ومررت به مرة أخرى عام 2008 الجاري، فلم يتغير بنظري كثيرًا رغم أنها سبع عشرة سنة كاملة!



ولولا تغيير اليافطة، ولمسات (صندوق إعانة المرضى) المشكورة هنا وهناك، لظننت أن الزمن قد توقف، أو إنه ربما توقف فعلاً هنا في دولة الكويت.


وإن التحجج بوجود بعض الأجنحة الحديثة أو المراكز الطبية الجديدة لا يرقع الوضع المتردي للقطاع الصحي، فقد بنيت هذه الأجنحة والمراكز بتبرعات شركات وأفراد، وهو أمرٌ مخجلٌ في دولةٍ نفطيةٍ مثل بلدي العزيز.


ولكنه أمر طبيعي طالما تحوَّل مجلس الوزراء إلى مجلس إدارة هيئة خيرية تقبل التبرعات من هذا وذاك، مع ما يمثله ذلك من خللٍ بالأولويات ومساس بكرامة الدولة وانتقاصٍ من سيادة مؤسساتها العامة.


ولا أظن اختيار وكيل وزارة جديد من (الأسرة الطبية الحاكمة) سيغير شيئًا، حيث يمكننا اعتبار وكيل الوزارة والوكلاء المساعدون ومدراء المناطق الصحية أعضاء في فريق واحد متجانس، يتم استبدال وجهٍ منه بآخر في كل مرةٍ يكثر فيها اللغط حول أحدهم، فيكسبون عن طريق الوجه الجديد سنوات جديدة من تراكم الأخطاء والشكاوى والضحايا.


ولا أكشف سرًا إن قلت أن أغلب أعضاء هذه (الأسرة الحاكمة) لا يملكون شهادات في (الإدارة الطبية)، وقد اختار كثيرٌ منهم الخط (الإداري) بدل (الفني)، لضعف قدراته الطبية، أو رغبته بعمل مكتبي مريح بدل الخفارات المتعبة والعيادات المزدحمة، ويستطيع أي عضو مجلس أمة أن يتأكد مما أزعمه بسؤال برلماني بسيط يوجهه إلى وزير الصحة (التربوي)!


وهذا يقودنا لمسألة اختيار أستاذ في تخصص الإعلام، كان وكيلاً لوزارة التربية، ليصبح وزيرًا للصحة العامة، والتي أضيفت لسجل غرائب الكويت وأصبحت مادة لتندر البعيد والقريب، خصوصًا مع عدم وجود إنجازات مميزة أو مواهب (إدارية) استثنائية لدى الوزير الجديد.


إن الامكانيات القيادية والقدرات الإدارية متوافرة لدى الكثير من الأطباء الكويتيين، العاملين بامتياز نحسد عليه من دول أخرى، رغم الظروف الوظيفية الصعبة التي تحيط بهم وتصيبهم بالإحباط أحيانًا.


ومن الواجب تقديرهم من خلال الاختيار منهم عند تعيين قياديي الوزارة، فهم وحدهم الذين يعيشون المعاناة ويعرفون طرق الموازنة بين احتياجات المرضى ومتطلبات الأطباء والعناصر المساعدة الأخرى.


وإن اشتغال كثيرٍ من كبار مسؤولي الصحة في مجالس إدارات أو وظائف استشارية بمستشفياتٍ خاصة أو شركات أدوية، يمثل تضارب مصالح فاضح، فكما يقول المثل: (من يخدم سيدين يكذب على أحدهما)، وإن الناظر لمستوى الخدمات الصحية الكويتية يعرف بوضوح أن الكذب يتم على حساب القطاع العام دون الخاص.


وإن غياب الحلول الجدية واستمرار الأخطاء التي عددت جانبًا منها، يجعلنا في يقين أن حالة هروب المواطنين من مستشفيات الحكومة، ستتواصل وتتزايد، ولا عزاء للمواطن البسيط فالديرة (ديرة تجار) كما يعرف القاصي والداني، وعلينا أن نكون مجرد (زبائن) عندهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية