و لنبدأ ب متى قيلت هذه الكلمات ؟ قيلت هذه الكلمات بعهد سادت التقوى محل القهر و البطش و في أيام كان للحق زهوة و للإيمان سلطان تعدى قوة الأبدان , و جمال الكلمات لا يتجلى في المفردات القوية التي قيلت و لا في عمق الشعور الذي أمتد حتى زماننا فمن يقرأ هذه الكلمات يستشعر أنها اليوم قيلت فهي تزلزل كل المفاهيم الجاهلية و لكن جمال الكلمات أنها قيلت أمام قائد لأكبر إمبراطورية و لعرش استمر قرون طوال و هنا تكن عظمة الإسلام... فهي ليست عبارات و كلام إنما فعل مقدام, فالحديث و العبرات القوية المزلزلة تقال ليل نهار في مجالس مغلقة و لكن أن تقال أمام أقوى سلطة فإنها تكمن العظمة و هنا يكمن الإسلام.
تخيلوا معي الجرأة و الحرية التي تحدث بها ربعي بن عامر فهو حيي في كل شي إلا الحق و حر في كل شي إلا من الله و الله كل شي... فأول ما يعطينا الإسلام هو الحرية... الحرية التي تكسب النفس استقرارها و هدوئها و كرامتها ف بإسلام الإنسان حر من تعظيم ذات غير الله و من تقديس فكرة في مجتمع و من عبادة رموز و مال و جاه و اسم و أصل... ف بالحرية وصل ملك الإسلام اسبانيا و جنوب فرنسا و بذل الإنسان و عبادته ماديات زمانه احتلت فلسطين و انتشر الظلم في ربوع دولنا .. إنها انعكاسات نفوسنا على واقعنا و أوطاننا ... إن لم تعد نفوسنا حرة من كل أهواء زماننا فإن إسلامنا لم يكتمل و إن كانت ما تزال نفوسنا تهوى الانكسار أمام مال و جاه و سلطة و أصل فمازلنا نحتضر .
و الحرية تقودنا إلى التفكير ... و التفكير يخرجنا من ضيق الدنيا إلى سعتها .. فنحن مطالبون بتفكر في الكون و جمالة و القصص الأمثال و العبر و الآيات حتى في أنفسنا نحن مطالبون بالتفكر أليس هناك حرية أعظم من حقي في التفكير ؟ أليس التفكير هو مفتاح الخروج من بوابة الذات إلى سعة الحياة .. أليس التفكير هو حق المصير و حقي في القرار ؟ و أليس التفكير هو إبداع الله في خلقة لنا ؟ إن عطل التفكير فقد عطل الإبداع و إن عطل الإبداع فقد عطلت الحرية الصارخة المتحدية و التي في جوهرها رحمة للعالمين ...و للحديث بقية إن شاء الله عن معنى العدل و المساواة.