قولوا لكل مسلم ذي قلب ولسان أني أحتاجه اليوم بقوة. قولوا لرضوى عاشور أنّي أحتاجها، لتكتب لي ثلاثية عن تركستان، ترينا تفاصيل معاناة المسلمين هناك. ولن تكفيني رضوى عاشور وحدها، أريد معها زوجها الشاعر مريد البرغوثي وابنها أمير الشعراء تميم البرغوثي، أريد يحي أبو زكريا وتميم البرغوثي وطارق رمضان ونوال السباعي.

 

خارطة تركستان الشرقية (الصورة نقلا عن ويكيبيديا)

فنحن نعيش في اليوم الثاني لسقوط تركستان الشرفية، لكن مسلمي تركستان لم يبادوا وما زالوا يقاومون، وإن كانوا يتعرضون لنفس ما تعرض له مسلموا الأندلس من معاهدة جائرة، وغدر كبير، وحقد لئيم. نفس الطريقة تماماً: تغيير الأسماء، التضييق على العبادة، التعذيب والإعدام والتهجير،  ومحاولة تصفيتهم ومحو آثارهم وإنكار وجودهم وإحلال شعب آخر في مساكنهم وبيوتهم. لكنهم ما زالوا إلى اليوم يقاومون.

 لماذ اندعو لنجدتهم؟:

ثلاثة أسباب تدفعنا لنهرع لنجدة إخواننا المسلمين في تركستان الشرقية:

1- الواجب الرباني الذي فرض الله عز وجل علينا بنصرة المسلمين وكل المظلومين والمستضعفين حيثما كانوا.

2- وأنهم أبطال آسيا على مر العصور واشتهروا بالقوة والبأس ومقارعة الصينيين والروس في آن واحد معاً منذ أكثر من ثلاثة قرون وحتى يومنا هذا، ورغم احتلال الصين لبلادهم منذ ستين عاما لكنهم ما زالوا يثورون ويقاومون.

3- ولإسهامهم الكبير في حضارتنا الإسلامية فهم الذين قدموا لنا: البخاري ومسلم، والترمذي والبيهقي، والفارابي وابن سينا، والخوارزمي والزمخشري والجوهري، والفضيل بن عياض وسفيان الثوري وعبد الله بن المبارك، وأحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية بمصر، وغيرهم.  

 

الجيش الصيني نزل بثقله في شوارع أورومتشي واعتقل آلاف السكام المسلمين بتهمة الإرهاب (الصورة نقلا عن موقع الجزيرة.نت)


تنبيهات:

1- التركستانيون ليسوا صينيين، ولا تعالج مشكلتهم ضمن إطار مسلمي الصين. فهؤلاء أتراك أويغور مسلمون يعيشون في بلادهم –تركستان الشرقية. و"تركستان" تعني بلد الأتراك. وكل الأتراك قد نبعوا من تركستان الشرقية  تلك البلاد الشمالية الشرقية الواقعة بين منغوليا والصين. وكل من يسميهم مسلمين صينيين يوجه لهم طعنة نجلاء بإلغاء تاريخهم كله، ويسير في مخطط تذويبهم وإلغاء هويتهم ونعريفهم بأنهم أقلية مسلمة في الصين.

2- إن نجاح  الأويغور - شعب تركستان في الاستقلال سيلهب مشاعر أشقائهم المسلمين في تركستان الغربية ويدفعهم للسعي للإستقلال الحقيقي. وهؤلاء ينخرطون اليوم في خمس دول شبه مستقلة هي: قرغيزيا، وتركمانستان، وكازاخستان، وطاجاكيستان وآذربيجان. ولذلك نرى اليوم مناورات عسكرية مشتركة للتدرب بين الجيشين الصيني والروسي على مقاومة الحركات الإرهابية والإنفصالية شاركت بها أحدث الطائرات الروسية من طراز سو 24 و25 وألقت فيها الطائرات المروحية كميات هائلة من المنشورات! وإن الإنسان ليشك هل هي مناورات أم خر بحقيقية، عجز فيها الصينيون فاستعانوا كالعادة بالروس.

3- أن هذه قضية حية: فالصين تصغّر من شأنهم وعددهم (في السبعينات تحدوا عن 117 مليون مسلم، واليوم يدعون أن عدد المسلمين في الصين هو ثمانية مليون مسلم. وفي المنطق الصيني تركستان جزء من الصين وتدخل في إحصائياتها) وتحاول تغيير دينهم ولغتهم ومسح شخصيتهم القومية، لكنهم يقاومون. إعدامات مستمرة واضطهاد مستمر وسجون مفتوحة، وتهجير لخارج أرضهم، وجلب ملايين الصينيين ليسكنوا في بلادهم، والاستعانة عليهم بروسيا وغيرها من الدول المجاورة، لكنهم ما زالوا يعانون ويقاومون، ويحتاجون لنصرتنا اليوم.



مظاهرات في أورمتشي معظم المشاركين بها نساء يطالبن بالإفراج عن أزواجهن وأبنائهن (الصورة نقلا عن موقع الجزيرة.نت)



نبذة جغرافية:

   1. الأرض: تركستان بلاد كبيرة تمتد من بحر قزوين والبحرالأسود و نهر أورال غربا، وإلى الصين شرقا، و يحدها في الجنوب بلاد التبت و الهند و باكستان وأفغانستان وإيران، ومن الشمال تحدها منغوليا وسيبيريا.

و يعرف الجزء الشرقي اليوم بتركستان الشرقية وهو موضوع مقالنا و يعرف الشعب الذي يسكن تركستان الشرقية بالإيغور أو الغز. وتبلغ مساحة تركستان الشرقية 1,8 مليون كم مربع وهي دولة داخلية لا تطل على البحار لكن نهر أيرتش يربطها بالمحيط المتجمد الشمالي.

بينما يعرف الجزء الغربي اليوم و الذي كان يحتله الاتحاد السوفييتي بتركستان الغربية وتبلغ مساحته نحو 4 ملايين كم مربع. ويقسّم اليوم إلى خمس جمهوريات مستقلة إسمياً وتحت الحتلال الروسي فعلياً وهي جمهوريات أوزبكستان وتركمانستان وطاجاكستان وقازخستان وقرغيزيا.

   2. السكان هم من شعب الأويغور المسلم السني ويتكلم التركية القديمة ويكتبها بالحروف العربية. وهناك أقليات من إخوانهم المغول والطاجيك وشعوب تركستان الغربية المتعددة. وفي عام 1949 كانت نسبة الصينيين بها 5،9 (أقل من ستة بالمئة) بالمئة فقط، لكن الحكومات الشيوعية المتعاقبة تقوم بتهجير الصينيين إليها بكثافة وربما أصبحوا يشكلون نصف عدد السكان وشاهدت اليوم مسؤلاً روسياً على التلفزيون يعلق على "مناورات" بلاده مع الجيش الصيني وينزل بعدد المسلمين في تركستان إلى عشرة بالمئة! 


   3. الثروات: أرض تركستان الشرقية شبه جرداء غير مسكونة إلا عند الواحات ولا تصلح إلا لرعي الغنم. لكن باطن الأرض على العكس من ذلك فهو غني للغاية. به مئة وعشرة  معادن أهمها اليورانيوم (حيث توجد  خاماته بكميات خيالية) والبترول وينتج منه خمس ملايين طن سنوياً، وبها مئات المناجم المستخدمة والمنتجة.



نبذة عن التاريخ القديم:

أثر ثلاثة رجال تأثيراً عظيماً في تاريخ التركستان وهم:

   1. قتيبة بن مسلم: دخلت هذه البلاد جميعا في الإسلام بالتدريج بعد صول قتيبة بن مسلم إلى كاشغر  في أقصى الشرق في عام ستة وتسعين لهجرة رسول الله  صلى الله عليه وسلم. وشكلت كياناً مسلماً واحداً وامتدت إلى بحر اليابان شرقا والبحر الأسود غربا ثم انهارت هذه الدولة في منتصف القرن الثامن فاستغلت الصين ذلك واحتلت شمال تركستان الشرقية.


   2. صالح الخزاعي: استنجد الأتراك بأبي مسلم الخرساني الذي بعث إليهم بزياد ابن صالح الخزاعي مع جيش قوامه عشرين ألفا من العرب والأتراك فهزموا الصينيين هزيمة منكرة عام 751م أدت إلى خروج الصين من البلاد وسيادة الحضارة الإسلامية على تركستان كلها حتى اليوم و ابتعاد تركستان الشرقية عن نفوذ الصين لأكثر من ألف عام.


   3. عبد الكريم: أسلم الأمير "ستوق بوغراخان" على يد السيد جلال الدين البغدادي في ارتوش وتسمى بعبد الكريم ، وحمل لواء الجهاد على نشر الإسلام بين الأتراك ونشر سيفه الرعب في قلوب الكفار شمال غربي الصين حتى وافته المنية عام 955م -344هـ . وقد أسلم على يديه السلاجقة والقارلوق والأغوز النازلين عن مصب نهر سيحون وحرر مدناً إسلامية كانت تدفع الجزية لغير المسلمين.

    للمقال بقية إن شاء الله.

 

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية