¨الخميس 10/9 الموافق 19 رمضان "حميد القصري" معلم الغنوة في المغرب يقدم حفلا ساهرا حول فن الغنوة الافريقي الذي نقله الى المغرب ببراعة استثنائية ، الجمعة 11/9 الموافق 20 رمضان "آفل بكوم" من مالي يحيي سهرة رمضانية بالبيولين- الكمان - والناي ، حول الموضوعات الأكثر التصاقا بالتعددية الثقافية للمسلمين والبودو في بلاده ، السبت 12/9 الموافق 21 رمضان "ناتاشا أطلس" سوف تقدم عملا فنيا رائعا في تطعيم موسيقى "البلوس " مع الموسيقى العربية والمصرية على وجه التخصيص¨.
هذه بعض فقرات البرنامج الضخم الذي أعده "البيت العربي" بمناسبة هذا الرمضان في مدريد ، وذلك ضمن سلسلة من النشاطات التي يتخللها "إفطار ثقافي" في منطقة مدريدية آهلة بالمهاجرين من مغاربة ومشارقة وجنوب أمريكيين ، إلى جولة لمرَدَةِ اللعب في ذات الحي لتدور موزعة السكاكر على الاولاد ، ولم ينس البرنامج ورشات الحنة والطبخ المغربي والتخطيط العربي وحكايا الجدة ، وجلسات سينمائية تعرض فيها أفلام عربية ثقافية أو وثائقية ، ونشاطات الصحافة للاطفال الذين سيَسألون الجيران عما يعرفونه عن رمضان ، ومسرح للعرائس ، ومكتبة متنقلة لبيع الكتب التي طبعها ونشرها "البيت العربي" ، وهناك مطبوعة خاصة بالمفردات الرمضانية باللغة الاسبانية ، سيتم توزيعها على الجمهور للتعرف على رمضان عن قرب، يتضمن تعريفات عن ليلة القدر وعن موائد الرحمن ، حتى أنه يقدم للمواطن المدريدي الصيغ التي يتم فيها تهنئة المسلمين برمضانهم .
كل هذه النشاطات محصورة في حي "لابابييس" المذكور آنفا ، والمشهور في وسائل الإعلام المدريدية بأنه حي المشكلات والسرقات والاجرام والارهاب!، ولايصل من مثل هذه البرامج الثقافية شيء إلى أية وسيلة إعلامية مدريدية ولاإسبانية ، ولايكاد الشعب الاسباني يعرف شيئا عن الاسلام ولاعن رمضان ، اللهم إلا أن الاول دين الارهاب ، والثاني شهر التعذيب الذي يمنع الناس فيه من الأكل والشرب وأشياء أخرى لأسباب غير مفهومة!!.
بدأت "حكايتنا" مع "البيت العربي" في ذلك اليوم الذي خرجتْ فيه مظاهرة قادها "الحزب الوطني" اليميني المتطرف ضد هذه المؤسسة ، حاملا الأعلام الاسبانية ، واللافتات التي كتب عليها :"العرب قادمون ليأكلوا كل شيء في مدريد " ! ، كنت هناك بالصدفة ، ولم أكن أعلم بوجود هذه المؤسسة التي تسمى بالبيت العربي ، كنت قد ضللت طريق عودتي الى البيت كما هو الحال دائما معي منذ 25 عاما في مدريد ، التي تقارب مساحتها مساحة لبنان ، ويتجاوز عدد سكان المقاطعة بضواحيها السبعة ملايين.
فوجئت وأنا في سيارتي بامرأة تنزل بقبضتها على نافذة السيارة الأمامية وهي تزعق في وجهي : أن اخرجوا من ديارنا أيها "الموروس".. اذهبوا الى دياركم ، وأردفت : أرنا إن كانوا يسمحون لك بقيادة السيارات في بلدك المشوه!!.
قدر الله أن أخرج من ذلك المكان بسلام ، وأخشى ماخشيته هناك لم يكن هؤلاء "المتوحشون الارهابيون" من النازيين واليمينيين ، ولكن أن لايستطيع ابني أن يسيطر على أعصابه ويكظم غيظه ، فينزل من السيارة ليشتبك معهم ! ، لما عدت الى البيت لجأت الى الانترنيت أستجديه معرفة ماكان يحدث ، فمدريد مدينة مترامية الأطراف ، لايمكن لأهل حي – بل حارة - أن يعلموا بما يحدث في الحي الآخر ، مالم تورد الخبر وسائل الاعلام ، فاذا بها مظاهرة "قانونية" – مصرح بها من قبل محكمة العدل العليا - قام بها خمسون شخصا فقط ، كان لهم من الضجيج والصدى الاعلامي مالم يحظ به ستة آلاف متظاهر خرجوا في نفس الاسبوع اعتراضا على ماكان يجري في فلسطين من مجازر!!.
ماذا كان يريد هؤلاء ؟! كانوا يريدون إغلاق "البيت العربي" ، وكانوا يرفعون لافتة كتب عليها "الاشتراكيون والمحافظون والشيوعيون ...في حلف لبيع اسبانيا للموروس" - أي العرب المسلمون- !!. ولكي نفهم الحكاية لابد أن نعرف أن الحكومة الاسبانية اشتراكية ، بينما حكومة مدريد يسيطر عليها حزب الشعب المحافظ ، وكذلك محافظة المدينة ، أما حكومة مقاطعة الأندلس فهي اشتراكية ، ويسيطر الحزب الشيوعي الاسباني على محافظة مدينة قرطبة!.
" البيت العربي" اسم أطلق في مدريد على مؤسسة حكومية رفيعة المستوى تابعة لوزارة الخارجية الاسبانية ، تأسست عام 2006 باتفاق الحكومة الاسبانية مع كل الأحزاب المذكورة ، وكما قالت الخارجية الاسبانية: (فان "البيت العربي" يشكل مجموعة مؤسساتية تعمل على توطيد أواصر التعاون وتعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية والعلمية و الاجتماعية والسياسية لاسبانيا مع البلدان العربية والعالم الاسلامي) ، وقد جاء الاعلان عن قيام هذه المؤسسة ضمن إنشاء سلسلة من المؤسسات المشابهة في اسبانيا والفريدة من نوعها في أوربة ، ك "بيت أمريكا" ، و"بيت آسيا" ، باعتبارها جميعا مراكز دولية للبحوث والدراسات ، وقد رُصدت لهذا المشروع ميزانية سنوية قدرها 10 ملايين أورو ، باعتباره " مركزا للابحاث العلمية والثقافية يعمل على تشجيع تبادل المعارف والتجارب لاطلاع المجتمع الاسباني على واقع المجتمعات العربية وتنوعها، في الوقت الذي سيعمل ايضا على التعريف بالانتاج العلمي والتقني والتجاري والثقافي والفني لاسبانيا الراهنة ) ، كما جاء بالحرف في تصريحات وزير الخارجية الاسباني 26/3/2008 في الحفل الذي قدمت فيه بلدية مدريد مجمع مدارس "آغيرييه" التاريخية ليكون مقرا للبيت العربي، وكان هذا هو السبب الذي أجج مشاعر اليمين الاسباني المتطرف ، الذي ظنّ لجهله أن محافظة مدريد قد منحت هذا المجمع للمهاجرين ليكون مركزا ثقافيا اسلاميا على شاكلة المركز الثقافي الاسلامي "السعودي " الذي يعتبر مركزا رئيسيا وأساسيا في حياة مسلمي مدريد الدينية والثقافية والاجتماعية ، والذي يؤدي اكتظاظ المسلمين فيه كل جمعة ورمضان الى عرقلة حياة المواطنين فيم حوله بسبب الأعداد الهائلة من آميي مسجده الذي كان في حينه أكبر مسجد في أوربة ، ليضيق المركز والمسجد بأهله اليوم بعد خمسة عشر عاما على إنشائه.
لمحافظ المدينة " ألبرتو غاجاردون" موقفان مشهودان مع مسلمي مدريد ، أولهما يوم تفجيرات 11 آذار التي زلزلت فيها الجالية المسلمة زلزالا شديدا وبلغت لدى الناس القلوب الحناجر ، جمع الرجل المسؤولين عن الجاليات المسلمة وطمأنهم أنه يتكفل شخصيا بسلامة المسلمين في المدينة ، وثانيهما يوم التوقيع على موضوع البيت العربي إذ قال : (ان مدريد هي العاصمة الاوروبية الوحيدة التي أسسها العرب وتحمل اسما عربيا كما انها تشعر بالفخر بجالياتها العربية التي تتصف بالروح الديناميكية ،وتشكل نقطة التقاء بيننا ) ، ولكن ..وللأسف الشديد ، فإن هذه المواقف " الدبلوماسية الاعلانية الاعلامية " لم تتعد قط أن تكون مواقف خاصة للترداد على أسماع الجالية وبعض المحافل الأكاديمية المدريدية ، والجهات الدبلوماسية "العربية" والاسلامية ، ولم ..ولن تصل إلى الشعب الاسباني !!، خاصة أن هذا الرجل ينتمي الى الحزب الشعبي المحافظ الذي شارك حملة غزو العراق ، وسار بإسبانيا في ركاب الصهيونية الصليبية وجعلها في خدمة المحافظين الجدد ، ومازال يؤجج مشاعر الكراهية والرفض والاستعداء على العرب والمسلمين في جميع أبواقه الاعلامية والمدريدية منها على التخصيص .
يؤلمني كثيرا وجدا أن معظم خطابات المسؤولين في بلادنا وفي الغرب فيم يتعلق بالعلاقات الثنائية بين الطرفين هي خطابات دبلوماسية تدغدغ عواطف العرب والمسلمين ، وتخدم المصالح الدبلوماسية والشخصية لدى المسؤولين في بلادنا والتي تترجم لدى "العربان" إلى تبرعات مليونية بالغة السخاء في الغرب ، تُبنى بها المطارات والساحات والحدائق والمنستشفيات ،بينما لايجد المسلمون في الغرب قرشا يذكر من هذه الأموال ، اللهم إلا مااتصل برابطة العالم الاسلامي ، والتبرعات الشخصية التي جمعت من قطر والسعودية فبنيت بها أهم المؤسسات الاسلامية "شبه المستقلة" في مدريد خلال التسعينات من القرن الماضي.
وكل عام وأموال المسلمين في جيوبهم على أضيق الاحتمالات!.
***
"البيت العربي" كان هو المؤسسة الاسبانية الحكومية التي وافقت على طباعة كتاب "نريد السلام" الذي أعده وعمل فيه "تجمع الشباب المسلم في مدريد" خلال خمسة أعوام متواصلة كردّ ثقافي حضاري فريد من نوعه في أوربة على موضوع اتهام الاسلام بالارهاب وتفجيرات مدريد، وقد وافقت " خيما مارتين مونيوث" مديرة هذه المؤسسة الاسبانية الثقافية السياسية رفيعة المستوى -والتي تكاد ترتقي الىدرجة وزارة -، على طبع الكتاب بعد اجتماع مع مؤسسي التجمع وشبابه تأكدت فيه يقينا من استقلالية هذا التجمع وعدم تبعيته ولاعلاقته بأية جهة عربية أو اسلامية خارج اسبانيا أو داخلها ، ومن كون أعضائه جميعا يعملون بصورة تطوعية كاملة لاتشوبها شائبة ، طبع " البيت العربي" من هذا الكتاب ألف نسخة ، فوجيء التجمع بأن " البيت العربي " قام في هذه الطبعة بتغيير كل الترجمة العربية الى الاسبانية والترجمة الاسبانية الى العربية ، وأعاد صياغة الترجمات التي أعدها شباب التجمع بصورة ممتازة الى الانكليزية والفرنسية والألمانية ، معتمدا مترجميه الموظفين لديه على الرغم من البون الشاسع بين مستوى الترجمتين ، كما قام المشرف على الطبع بحذف فقرة كاملة من مقدمة الكتاب خاصة بالقضية الفلسطينية ، ولكن المفاجأة الكبرى جاءت لدى تسليم الكتاب للتجمع ، عندما أبدى المسؤول وهو أحد أهم الدارسيين في مجال البحوث العربية والاسلامية في مدريد ، أبدى رغبة "البيت العربي" –هكذا- بأن لايقام حفل تقديم الكتاب لوسائل الاعلام الاسبانية في مقر البيت العربي ، وذلك بعد أن كان التجمع قد أعدّ حفلا كاملا بالاتفاق مع "البيت العربي" على ذلك ، لكن الأعجب كان عندما طلب ذلك المسؤول من التجمع أن لايذكر اسم "البيت العربي" في حفل تقديمه للكتاب ، وأن لايعلن للملأ أن "البيت العربي" هو الجهة التي طبعت الكتاب، علما أن اسم هذه المؤسسة كان قد ورد على استحياء على غلاف الكتاب المذكور!!.
عندما حاولنا الاستفسار عن هذا الوضع الغريب ، أجابنا الرجل "أنها أوامر من فوق" !!-هكذا.. على الطريقة العربية!!- ، هذه الأوامر تتعلق مباشرة بأمرين –كما افترضنا- ، الأول لفظ "الاسلامي" في اسم تجمع الشباب هذا ، وثانيهما الحجاب على رأسيّ رئيسة اللجنة الادارية للتتجمع وسكرتيرته!!، فالبيت العربي مؤسسة ثقافية لتبادل الخبرات الثقافية ، على المستويات الدبلوماسية والأكاديمية العليا ، ولايريد أن يظهر اسمه في أي نشاط "اسلامي"!! ، حتى لو كان طبع كتاب فريد من نوعه ضد الارهاب باسم الجاليات المسلمة المقيمة في مدريد التي أقيم "البيت العربي" بين ظهرانيها بدعوى تبادل الخبرات الثقافية وتعريف المجتمع الاسباني بالعالمين العربي والاسلامي!!.
هذه المفارقة بالغة التعقيد تجد لها تفسيرات ومبررات كافية في سلوك البعثات الدبلوماسية العربية التي تمخر عباب اسبانية الدبلوماسية والثقافية ، والتي لاتكاد تمت بأية صلة الى الاسلام وأهل الاسلام ، بل إنها لتود أن تنسلخ جملة وتفصيلا عن الاسلام وتعاليمه وآدابه لتثبت للقوم في كل حين أننا قوم "متمدنون" !!! ، هذه المفارقة العجيبة التي تنفق عليها الملايين من أموال "العربان" لاتفعل إلا أن ترسخ في أذهان الشعب الاسباني – والأوربي- بُعد الشقة الهائلة بينه وبين كل مايمت الى الاسلام بصلة ، هذا الاسلام المظلوم تاريخيا مرتين في اسبانيا مرة يوم ذبح أهله وفُرِموا وأُخرجوا من ديارهم ظلماً ووحشيةً قبل 500عام ، و اليوم إذ ينكر الشعب الاسباني -المُسير والموجه تفكيره من خلال أجهزة إعلامه- أي علاقة له مع هذا الدين ، بل ويُبدي رفضه بالكامل لوجود مسلم واحد بين ظهرانيه ، بعيدا عن همهمات العشق الدبلوماسي المتبادل ، ووشوشات التفاهم السياسي العقيم الذي لم يترجم قط بأفعال حقيقية على أرض الواقع ، وعلى هامش الانسجام والوئام الذي يتعامل به الدبلوماسيون والسياسيون في أروقة النفاق والدجل والضحك على ذقون بعضهم البعض ، بعيدا عن أية مشاركة شعبية حقيقية من كلا الطرفين !!.
هذه هي حقيقة المواقف الدبلوماسية والسياسية فيم يتعلق بالاسلام في بلاد الغرب ..الاسلام المظلوم من جهة ثانية ليلا ونهارا بأيدي رجال بعثاتنا الدبلوماسية ونسائها ممن لايحترمون دينهم ، وينزلونه منزلة الهويات الثقافية التي تتقلص الى هز البطون وصبغ الأيدي بالحنة وعرض صور فقرنا وعجزنا وأمراضنا وقهرنا في معارض فنية ثقافية تقدم عيون العرب الذليلة ونظراتها المكسورة الى المواطن الغربي على أنها المعلم السياحي الوحيد الجدير بالزيارة في بلادنا المنكوبة!! .
يريد البعض أن يمرر رمضان إلى العالم على أنه مناسبة ثقافية ، لاعلاقة لها بمشاعر التدين العميق ، فلايفهم المواطن الاسباني أبدا المعاني السامية التي ينطوي عليها الصيام كعبادة ، بالضبط كما ترغب جهات عربية في أكثر من قطر عربي ، يريدون أن يطفئوا شعلة الألق في معاني الصوم ، وفي ماانطوى عليه رمضان من نور فكري ونفسي وإنساني عميق يتعلق مباشرة بكتاب الله في شهر المسلمين الأعظم .
إنها مؤسسات ثقافية تقام في أوربة وتنفق عليها ملايين الملايين العربية والاوربية ، لالتعرف الانسان الغربي بدين الاسلام ولالتمدّ جسور التعاون مع المسلمين ولا مع العرب ، ولكن لترسخ في الذهن الاوربي العادات الثقافية التي حملها المهاجرون من مشارق الارض ومغاربها على أنها هي الاسلام ، ولتتعامل مع المنطقة العربية ، على أنها فسيفساء ثقافية ترسخ من خلال هذه الصورة التي تقدمها عنها كل أنواع الشقاق والتمزق القائم أصلا فيها .
إنهم يريدونه رمضان عادات وتقاليد ، واحتفالات غنائية راقصة ، بالضبط كما تفعل فضائياتنا وحكوماتنا ، رمضان ..المسلسلات ، والحفلات الغنائية ، والخيمات الساهرة !!، وتمضي الأمة نحو المساجد لتصلي تراويحها ، ويدخل الشباب بالملايين الى موقع "عمرو خالد" ليسجلوا عدد ختم القرآن التي أنجزوا قراءتها هذا الرمضان، وتشهد المنطقة العربية ولادة جيل جديد ، جيل الوعي والالتزام والتغيير القادم رغم أنف المشارق والمغارب.
لاأعرف ولاأمتلك آلية لضبط أعداد الذين استجابوا لبرنامج "البيت العربي" الرمضاني في مدريد لهذا العام ، ولكنني أرى بأم عيني ويوميا آلاف المصلين من مختلف الجنسيات والقوميات والانتماآت يأمون مسجد المركز الثقافي الاسلامي في مدريد ، ومسجد الجمعية الاسلامية ، ومسجد فوين لابرادا ، ومسجد ختافة ، وكل مسجد في مدريد يضيق بالمصلين كبارا وصغارا نساء ورجالا ، جاؤوا يبحثون عن رمضانهم ، جاؤوا يصنعون رمضانهم ، جاؤوا بثقافاتهم واختلافاتهم ليدخلوا بوتقة رمضان الذي يوحد الأمة شهرا كل عام ، ويطرح علينا ذلك التحدي الخطير في مواجهة عالم لايمكنه أن يرانا أمة واحدة ذات رسالة خالدة إلا عندما نتمكن نحن أنفسنا من رؤية أنفسنا بهذه الأبعاد ، وعندما يفهم المسؤولون في بلادنا ومبعوثيهم الديبلوماسيين إلى العالم أنهم أصحاب رسالة تتعلق بدين رباني ، وليسوا خداما لدى أصحاب الفخامة والجلالة ، فيحترمون أنفسهم وإسلامهم ، ويقدمون الى العالم صورة حقيقية عن أمة تنتمي الى هذا الدين ، ليستطيع العالم أن يحترم هذا الدين ويبدأ بفهم ماأغلق عليه منه بسبب من جهلنا وتقصيرنا ...وفي كثير من الأحيان غبائنا المطبق.
إذا أردنا أن تتغير سياسات "البيت العربي" في اسبانيا وماشابهه من مؤسسات أوربية – بصرف النظر عن مصادقيتها وصدقها وأهدافها - ، فعلينا أن نغير سياسات كل بيت عربي في المنطقة العربية ، وكل أسرة عربية ، وكل بلد عربي ، وإذا كانت بعض وسائل الإعلام الاسلامية قد امتنعت عن نشر سلسلة مقالاتي حول "المنطقة العربية" ، وليس فيها إلا وضع بعض النقاط على بعض الحروف في إيجاد فكر سياسي جديد خاص بهذه المنطقة من العالم ، فإن علينا أن نفهم أن بيننا وبين أن يفهم "البيت العربي" في اسبانيا ملابسات انتمائنا إلى هذا الدين سبع سنوات ضوئية كما يقول "خالص جلبي" .
وكل عام ونحن إلى الاسلام أكثر انتماءاً