إن إنشاء «مركز الكويت للتقييم القيادي» من خلال مفهوم مراكز التقييم (Assessment Centers)، أصبح ضرورة ملحّة لإعادة التوازن المؤسسي للمناصب القيادية في الدولة، حيث إن ذلك سيساعد بقوة على حل معضلة اتجاه الدولة الاستراتيجي الذي كان ومازال يتخبط يمنة ويسرة جل الأوقات.
هذ المركز سيكون متخصصا بتقييم قياديي الدولة من وكلاء، ووكلاء مساعدين ومَن في مستواهم، لكي يتم التأكد من أن هذا المُرشح لمنصب معين يستطيع أن يدفع الجهة التي يعمل بها نحو اتجاه واحد بصورة تكاملية، وأن يقدر أيضا على تحديد استراتيجية العمل واختيار أدواتها التنفيذية والسياسات الداعمة لها، وأن يتحمّل بصورة واضحة ومباشرة مسؤولية عمله، وأن يحدث التوازن المؤسسي المطلوب أثناء العمل، وأن يترك - وهذا مهم جدًا في ثقافتنا المجتمعية - الولوج في إجراءات العمل بالكامل لمديري الإدارات وغيرهم من الإدارة الوسطى، وألا يتدخل في تفصيلات العمل، وأن يركز دائما على الرؤية واتجاهها.
إن أسلوبي الأقدمية والوراثة المؤسسية لا يمثلان حلولا ناجعة لمناصب مؤسسات الدولة، علما بأنه حتى أسلوب اختيار الكفاءات بناء على الشهادات العلمية أو الأكاديمية أو حتى التخصصية لم يعد أيضا أسلوبا صحيحا في هذا الوقت الذي يحمل في كل لحظة منه متغيرات جديدة، وقد تكون مفاجئة أحيانا، لذا يجب دمج الكفاءة مع الفعالية إن أردنا تحقيق معطيات جديدة ومؤثرة.
إن مركز التقييم القيادي يمثل الأسلوب الأفضل في اختيار القادة، والذي يستند إلى منهجية علمية، تحمل في طياتها أدوات تكشف معارف ومهارات وسلوكيات المرشح لمنصب معين، حتى نتأكد من أن خبراته التي يحملها معه ستكون ذات فعالية في العمل، وتستند إلى سياسة التوجه نحو النتائج، وهذا بصراحة ما تفتقده الكويت بشدة حاليا.
وعليه أرى من خلال واقعنا المهني والمؤسسي أن تأسيس مثل هذا الكيان سيدعم بصورة مباشرة مصالح الكويت في المستقبل المنظور، خصوصا إذا ما أضفنا إلى ذلك تأسيس مركز للتدريب والتطوير القيادي كرديف استراتيجي لمركز التقييم هذا.