لطالما كنتُ و ما زلتُ أخاف من القطط السوداء.. فلديَّ اعتقادٌ طفوليّ راسخ .. أن القطة السوداء ما هي إلا عفريتٌ أو جنٌّ تحول إلى قطة ..! وخصوصاً حينما تحدقُّ بك بلا خوف .. فهي حتماً عفريت!

فحينما أرى قطة سوداء أمامي .. ليس لدي متسعٌ من الوقت كي أفكر قليلا أو "أتعقل" أو ألغي تلك الأوهام الطفولية من رأسي.. ما يجب أن أفعله حينها.. هو الهروب منها و تحاشيها قدر الإمكان ! فنبضات قلبي المتسارعة لا تسمح لي بغير ذلك !

ولكن ..

ماذا إذا كانت تلك القطة تنتظرك كل يوم عند مدخل العمارة صباحا عند خروجك للعمل و مساء عند رجوعك؟؟!!


و كأنها مصممة على إفزاعي كل يوم .. و كأنها تستلذ بمنظري و أنا فزعة أصرخ حينما تظهر في وجهي فجأة..

ولكن صديقتي القطة السوداء.. أسدتْ إلي معروفاً حقا .. و أنا ممتنةٌ لها بذلك المعروف !

ولأن على الإنسان أن يتعايش مع ظروفه المحيطة .. فأصبحتُ أوطِّن نفسي على أنها تنتظرني في أسفل الدرج كل يوم.. فبدل من أن أصرخ .. أبدأ فورا بقول الدعاء الذي علمتني أمي إياه منذ الصغر :

" بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم " و أكرره .. هكذا حتى أخرج من العمارة .. وتغيب عن ناظري

و اليوم بدأت أتساءل في نفسي.. كم مرة حاولتُ أن أذكر نفسي بقول أذكار الصباح و المساء.. رغم أني أحفظها كاملة إلا أنني أنسى أن أقولها دائما .. فمرة أتذكر و مرتين وثلاث مرات لا.. إلا أن صديقتي القطة السوداء أجبرتني على تذكرها كل يوم !!

كم من الأشياء التي تبدو في ظاهرها سيئة .. بشعة.. سوداء.. كوجه تلك القطة .. تبسط لك في أحد اليدين شرا ظاهرا.. و في اليد الأخرى تقبضُ على خيرٍ لا تبصره؟!

آمنتُ بكَ يا رب.. آمنتُ أن قضاءك للمؤمن خيرٌ خير.. أيا كان و كيفما كان.. فهو الخير..

وشكرا لك.. يا صديقتي القطة السوداء..

جارتك.. في الطابق العلوي.. أريــــج رشــــيد

30/6/2010

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية