لعلّه من الجميل أن يصادف اليوم التحديث المستمر لدار ناشري هو اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعليكم كل عام ، وكل عام والجميع بخير ..
في مثل هذا الشهر يشد الناس مآزرهم ويستعدون وينطلقون معلنين صافرة البدء للانطلاقة منذ فجر اليوم الأول من رمضان تحت شعارات مختلفة فيها التنافس الشديد ، والحمية الأشد مقبلين على كسب رضا الله عزّ وجل . فنلاحظ أنّ الكل بدأ بالابتعاد في نهار رمضان عن أخطاءه وذنوبه التي كان يرتكبها في الأيام المتبقية طيلة السنة ، والأهم من ذلك يجعل القرآن رفيق دربه طوال نهار رمضان .
ليكون جميع البشر في وضح النهار أو لننصف أكثر الغالبية العظمى منهم ملتزمين بقول الحق ، محافظين على أداء الصلاة في وقتها ، منتظرين صوت ذاك المنادي حينما يقول : ( الله أكبر ) معلنًا بداية غروب الشمس ووقت الانطلاقة للإفطار وأكل المباح ، فنرى السُفر الرمضانية قد امتلأت بما لذّ وطاب وما لم يخطر على قلب بشر ولا لعينهِ رأت ، فيرى من الأطعمة التي لم يرها تلك الأوقات الاعتيادية أو يراها أوقات المناسبات فقط
ليجلس متأملاً تلك الموائد محتارًا في أيّهما يبدأ وأيّهما ينتهي رحلته ! ، بعدها سيقرر عليه باب - المعدة - بأن يبدأ باللبن والتمر أسوة بنبي الأمّة محمد صلى الله عليه وسلم : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات .. ) ، ونجد أنّ هذا الفن فن امتلاء المائدة الرمضانية بأصناف لا يأكلها أحد هو فقط لدى الموائد العربية بينما لو رأينا الآخرين لوجدنا صنف أو اثنان وكفى . وبعد ذلك يعلن الصائم انتهاء شوطه الأول في مرحلة التلذذ بالأطعمة والنظر بها آذنًا لوقته بالانتهاء عن كلّ فعل مبدءًا بفعل ما يحلو له ، ومتأخرًا عن أداء الصلوات المتبقية !
فبعضهم من يجعل الوقت المتبقي بعد مرحلة الفطور هي مرحلة الراحة العظمى وكأنّه لم يذقها منذ وقت طويل !،والبعض الآخر من يجتهد في الانطلاق لأداء صلاتي العشاء والتراويح ولكن دون استعداد ، فنرى ونشمّ الروائح التي لا طيب لها سوى أنها كريهة تنبعث من البعض والبعض الآخر يتثاءب والآخر كثير الحركة وهكذا .. ! ، فماذا لو قيل لأحدهم بأنّ أعزّ - فلان - على قلبك سيحضر للقائك ؟ وقتها سيتطيب بأجمل أنواع الطيب وسيرتدي أجمل رداء لديه ، فقط لأنه سيلتقي بعزيز قلبه ، فما بال البعض يتركون كل هذه الأمور وهم سيلتقون بأعظم من في الوجود وأفضلهم ؟
شهر رمضان لا يقتصر على نهاره فقط ، فهو ممتد لمدة ثلاثون يومًا ، وكلّ يوم يحوي أربع وعشرون ساعة ، فإن لم يُحسن المرء دقائقه وثوانيه وأدركته فهي لن تعود إليه بتاتًا وقد لا يعلم إن كان سيلتحق برمضان آخر أو لا .
لأعود لوقت ما بعد الإفطار وجلسات النساء ، حيث تكثر فيها الغيبة والنميمة وكأنّ رمضان قد انتهى مع وقت الأذان ، فتأتِ فلانه بسيرة تلك وتلك والأخرى تأكل لحم أختها ميتًا ومسلسل النميمة مستمر دون توقف وقد يستمر لدى البعض أحيانًا لوقت الفجر ، خاتمات حديثهنّ في النهاية بنستغفرك اللهم ونتوب إليك بعد أن تعرضنّ لكل النسوة والرجال بأحاديثهنّ !
لهذا الوقت لا أعلم حقيقة تفكير الغالبية بأنّ رمضان هو فقط وقت النهار وما بعد ذاك يحلو لهم فعل ما يحلو !