من البديهي أن نقول أن التخطيط والتغيير إنما يخصان المستقبل، وأن الماضي لا يمكن التخطيط له ولا تغييره، ولا يملك الإنسان أي تحكم به، ولكن هناك من يقضي جزءاً كبيراً من حياته مصارعاً لهموم الماضي متحسراً على ما فاته مهدراً طاقاته ليُضعف صحته النفسية والجسدية في التفكير فيه والحزن عليه والتألم بمئاسيه، متناسياً أن ما يستحق التفكير والتخطيط فعلاً هو المستقبل الذي لا تزال لدى الإنسان الفرصة في التأثير فيه والتحكم به.

إن ما تتعلمه اليوم يجب أن يؤثر ايجابياً على مستقبلك، لا أن يجعلك تندم على ماضيك، فانظر إلى الأمام لتؤثر في الحياة، ولا تنظر إلى الخلف إلا لتتعلم الدروس والعبر التي تفيدك في المستقبل، فإنما وجد الماضي لنتعلم منه، والحاضر لنعيشه، والمستقبل لنخطط له، ولا يوجد وقت للحزن.

 

إن السفينة التي لا تعرف وجهتها لا يهمها إذا كانت الرياح شمالية أم جنوبية، فكل الرياح غير مواتية بالنسبة لها كما يُقال، وسوف تسمح للرياح بالتلاعب بها كيفما تشاء، وكذلك الإنسان، فإن لم يعرف طريقه ويحدد أهدافه فستكون جهوده عشوائية ووجهته مجهولة، وسوف يُضيع الكثير من الجهد والوقت والمال في السعي إلى مكان غير معلوم.

إن مسيرة النجاح تبدأ بتحديد الأهداف بعد تفكير وتأمل، فيحدد الإنسان ماذا يريد بدقة ومتى يريده وكيف يصل إليه ليبدأ العمل بجد على تحقيقه، وينبغي كتابة الأهداف بوضوح أمام صاحبها لتتضح له ويحميها من النسيان أو التغيير غير المبرر لتتحول من أحلام عامة غير واضحة إلى أهداف دقيقة محددة، فيتمكن من مراجعتها والتفكير فيها والتعديل عليها حسب ما يناسب التغيرات في مجريات حياته، فكتابتها تزيد فُرص تحقيقها بشكل كبير وتمكنه من أن يقيّم أداءه ويراجع انجازاته ليتأكد من أنه لا يزال على الطريق المؤدية إلى ما يريد.

ومما يميز الإنسان الناجح الفعّال أنه عالي الهمّة كبير الطموح، فهو يؤمن بالعبارة التي تقول: "أن تسعى إلى الكمال وتقف قبله، خير من أن تسعى إلى عدم الكمال وتحققه"، فيضع أهدافاً عالية تدفعه إلى بذل أقصى ما لديه لترفعه إلى أعلى ما يمكنه الوصول إليه، فيعطي نفسه الفرصة لإطلاق قدراته وإبراز مواهبه عبر السعي نحو تحقيق أهداف كبيرة.

ويخطئ البعض في الاستغراق في الأهداف الصغيرة والانشغال بها حتى ينسوا الغايات الكبرى التي من المفترض أن تؤدي إليها تلك الأهداف، وربما اختفت غاية رئيسية وبقي الهدف الصغير الذي لم يعد يؤدي إليها، فقد نجد شخصاً مستغرقاً في القراءة من دون أن يستفيد منها ناسياً غايته من وراءها، وقد نجد من تمسك بالابتسامة دون أن يحسن خلقه ويكسب الآخرين.

فخطط لمستقبلك بإحكام، وضع لك أهدافاً عالية وغايات سامية، واجعلها نصب عينيك، وانطلق إلى الأمام بعزم وقوة، وتذكر أنه إنما وجد الماضي لنتعلم منه، والحاضر لنعيشه، والمستقبل لنخطط له.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية