الحمد لله و الصلاة على من لا نبي بعده و بعد :
لقد أحببت أن أجد الحب و الروعة و الجمال في الصداقة و الأخوة .. فلم أجد الصداقة إلا إسـمـا لغير شيء .. لقد آلمتني الوحدة .. و عجزت عن إحتمالها .. فخالطت الناس .. و استكثرت من الأصدقاء و الأصحاب .. فوجدت بذلك الأنس لنفسي .. و أصبحت أضحك و أمزح و أفرح .. حتى يعدني الرائي أسعد من على الأرض
و الآن و قد نفضت يدي عن الصداقة حتى إشعار آخر .. و غدوت وحيداً لا أملك سوى ثلة من الأصحاب .. لا يبلغون عدّ أصابع اليد الواحدة .. و مـا هم باصحاب و لا أصدقاء .. إنما أناس أشم فيهم أحيانا قليلة روح الصداقة .. و عبق الأخوة
فـأين هو ذلك الشاب الذي أحببته .. الذي كنت أحسبه صديقا .. أخا .. حبيبا ..أين هو ؟ أين اختفى ؟
أين رفيقي الذي اودعته في قلبي .. و في أعماق قلبي .. هل تلاشى ؟ ..أين هو بعد أن نسيني الناس .. و عقني الكل .. و تغير العالم عليّ
أين هو بعد أن تكدرت الأيام .. و اشتدت الآلام .. و ابيضت الأعين
لقد كنت أبحث طوال حياتي عن صديق يستحق أن يكون أنــا .. و أكون أنـا هـو
كـمـا قـال الشاعر الفذ المبدع الرائع سعد الشيرازي :
قـال لي الـمحبوب لما زرتـه مـن بـبابـي ؟ قلت بـالباب أنـا
قـال لي: أخطأت تعرف الهوى حـــينمـا فــرقت فـيـه بـيننـا
و مـضـى عــــام فــلمـا جـئـته أطرق عـلـيـه البـاب مـوهنـا
قال من؟ قـلـت : أنظر فمـا ثـم إلا أنــت بــالـبــاب هــنــــا
قال لـي :أحسنت تعريف الـهـوى و عرفت الحب فـادخل يــا أنـا
فــأين هو أنــا الآخر ؟؟
أيـن لـي بـصديق يـحملني بين الضلوع أيـام الآلام ..؟
أيـن لــي بـصديق إذا ابتسمت ضحك و لا يـدري مــا السبب ..؟
أيـن لــي بـصديق يـعذرنـي قبل أن أخطئ و يسامـحني قبل أن أعتذر ..؟
أيـن لــي بـصديق يعف عـنـي قبل أن أتـوب .. و يَـصْدُقُني كـمـا أَصـدُقُهُ .. ؟
أيـن هـي قصة الصداقة .. و أين فصولها .. أين هي فصول الوفاء و الصدق .. أم أن كل هذا قد تلاشى و اختفى .. ؟
صديقي .. ليت البأس يتخطاك إليّ .. و ليت الألم إذا قصدك يقع عليّ .. و لـكـن أين لي بصديق يستحق كل هذا ..؟؟
صديقي أين أنت يوم خذلني الأصدقاء .. و غدر بي الأصفياء .. و خانني الأوفياء .. أم أنك مثلهم .. و حليت بصفاتهم ؟
أين لي بصديق سخي كريم إن عددت الأسخياء الكرماء .. نبيل نبيه إن عددت النبلاء النبهاء .. صديق يجمع بين خلال شريفة طاهرة نقية .. فإن عددت الأسخياء وجدته سخيا .. و إن عددت النبهاء وجدته نبيها .. و إن عددت الشهام لم تعدم له مكانة من الشهام .. و إن عددت الأصدقاء وجدته إمامهم و أولهم و قمتهم كالبدر بدا و الأنجم فيما بعد ..
فــأين لي بمثل هذا الصديق ؟؟
هذه شكوى .. و لكن لـمـن ؟ لست أدري
و كل مــا أدريه أنه قد بدا لــي الصديق كـأسخف شيء يكـون
و قــد مضيت
و ســكــت
أفــكــر
و لا زلت أنتظر الفصل الأول من قصة صداقة عريقة