إذا أردت السلام فعليك أن تُعد للحرب!
أي درجة من الإكراهات يحملها هذا المنطوق الشِعاري للرومان على سطح الخطاب ضمن البنى التحتية اللاشعورية ؟!
في قراءة مقابلة للنص نرى المعنى الضدي يختبئ في قاعه و يحتاج إلى تنقيب للكشف عنه وإظهاره ليصبح الشعار:
"إذا أردت السلام فعليك أن تُعد للسلم"
فالسلم قوة والإيمان به حتمية بيولوجية ونفسية، والقراءة الجديدة للنص والمناسبة للواقع تنوع مقاماته تُظهر شقوقه وفجواته بل وتفسر مسافات البياض والفراغات فيه مما يجعله مساحة رحبة تفيض بالمعنى، فإذا كانت القراءة الظاهرة للنص تعني: أن الذات القوية قاصدة للقوة المنحصرة في جعل الحرب حتمية تاريخية لإدارة الصراعات. فالمعنى الضدي ينفي أن تكون الحرب قدرًا، ويعتبر السلم هو الذات القوية المقررة لمنهجية الاقتراب مما يفكك بنية العنف ويؤكد قيمة الالتقاء للبقاء والاستقرار والنمو والتطور، هنا يجهر السلم عن ذاته ويتمرأى بكل الذوات؛ بل ويلتحم بكل الهويات فليس هناك تعارض أو صدام في جوهر الإنسانية المتعلقة بمنظومة قِيمية ترفض العنف في شتى صوره ونماذجه، وتكرس جهدها لتحقيق البقاء الآمن لها على ما بينها من اختلاف وتعدد.
إن شحن النص السابق بدلالة مغايرة لم تكن له؛ إلا أنها توسعه وتجدده وتطوره بحيث يُضمر قياسًا عكسيًا يُنتج تصورًا بمعزل عن إدارة الصراعات.
هذه الحقيقة الأخلاقية العالمية "التركيز على خُلق السِلم" هي الرهان الحقيقي والمطلق الذي لابد من توطيد جذوره في النفوس والتركيز عليه في تربية الناشئة لتجنب إنتاج سلالة العنف وإعادة إنتاج المواقف السلمية كمفتاح للبقاء المستقبلي الآمن.
التدقيق اللغوي: هبة العربي