يقول الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر في لقاء صحفي نادر معه: (أن الذي لا يهمني هو الذي يهمني) هذه الجملة البسيطة التي تجعل للمثقف الحق في أن يتدخل في كل شيء؛ لأن المثقف لا يمتلك سلطة فهو ليس كالسياسي الذي يمكنه استعمال كل الوسائل من أجل قضيته، فالمثقف في المجتمع الرأسمالي قد يناضل من أجل مجتمع مخالف لكل القيم الرأسمالية فقد يدعم الثورة الكوبية أو يدعم الثورة الجزائرية أو يدعم الثورة الفيتنامية؛ لأن المثقف لا يملك تلك السلطة التي تجعله يتمكن من مقاضاة الحكومات الظالمة، فهو يبقى في حالة متضامن، ومن حق كل المواطنين غير المنتمين السعيُ من أجل تحقيق العدالة؛ لأن كل القوانين التي تحكم العالم هي قوانين المنتصرين في الحرب العالمية، فهي تمثل عدالة المنتصر في الحرب الذي هدفه الإمبريالية والنصر في الحرب لا يعني العدالة. إن الذي يعتقد به سارتر يبدو للوهلة الأولى أمرًا لا يهم الأمة العربية التي تحولت الى دول متنوعة في أنظمة الحكم، لكنها في حقيقة الأمر هي عالم عربي كبير، يعمل فيه المثقف العربي بكل راحة ولا يفرض عليه جواز سفر، فقد تدخل النت وأنت المثقف الجزائري وتتصفح الجرائد المصرية وتقرأ صفحة الأحداث في مصر، وقد تتصفح الجرائد الأردنية وتقرأ مقالة عن جامعة أردنية يُعقد فيها ملتقى طلابيٌّ عن القضية الفلسطينية، وهذا يعني أن المثقف العربي قد يكون ذلك الشخص الذي يهتم بالأمور التي لا تهمه؛ لأن الإنسان العربي - إن جاز لي أن أسميه بهذا الاسم- قد لا يكون عربي الأصل لكن عربي الثقافة، وهو الشخص القادر على الكتابة باللغة العربية والتكلم بها؛ لأنه يجب عليّ أن أعترف بالأمازيغ والأكراد الذين يعيشون معنا في هذا العالم وهم يشاركون هذه الأمة العربية تحدياتها الحضارية تحت مسمى الانتماء إلى الحضارة العربية؛ لهذا فالإنسان العربي

المثقف بالثقافة العربية موجود رغم تعدد الأصول، رغم كونه غير منتمٍ لأي جنسية فمن حقه النضال في جميع القضايا التي يراها عادلة.

التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية