رحل عن الدنيا المؤرخ العربي المصري الأستاذ الدكتور السيد محمد الدقن، وذلك عصر يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر رمضان المعظم عام 1436 هجريا الموافق التاسع من شهر يوليو عام 2015 ميلاديا، وذلك في مدينة القاهرة، عن عمر يناهز 76 عاما؛ حيث تمت صلاة الجنازة عليه عقب صلاة الجمعة الثالث والعشرين من رمضان عام 1436 هجريا في مسجد نوري خطاب بحي مدينة نصر في مدينة القاهرة، ثم صاحبه موكب كبير من أفراد الأسرة والأقارب والزملاء والتلاميذ والأحباء إلى قبره في مدينة 15 مايو في مشهد مهيب، ثم أقيم في مساء اليوم التالي عزاء للفقيد في دار مناسبات مسجد القوات المسلحة بحي مدينة نصر في مدينة القاهرة.
ولد السيد محمد الدقن في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من صفر عام 1358 هجريا الموافق الثاني عشر من أبريل عام 1939 ميلاديا في قرية هورين(التي كانت تابعة حينذاك لمحافظة الغربية والتابعة الآن لمحافظة المنوفية) حيث التحق بكتاب القرية منذ صغره، وحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمعهد الثانوي الأزهري في مدينة طنطا، ثم التحق بقسم التاريخ والحضارة بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف في مدينة القاهرة، حيث حصل على الليسانس بتفوق على زملائه، وتم تكليفه معيدا بالجامعة، ثم التحق بالجيش المصري كجندي فيه عقب نكسة 1967؛ حيث كان جندي مشاه ثم التحق بعد ذلك بالشئون المعنوية بالجيش بعدما أظهر تفوقا في إحدى الدورات التدريبية بالجيش. جاء خروجه من الجيش عام 1970 م بقرار من رئيس الجمهورية مع مجموعة من المعيدين حرصا على استكمال مشوارهم العلمي.
حرص السيد الدقن عقب خروجه من الجيش على استكمال مشواره العلمي بجده وتفوقه المعهود به ؛ حيث حصل على الماجستير ثم الدكتوراه ثم واصل أبحاثه حتى حصل درجة أستاذ مساعد ثم درجة أستاذ، ثم أصبح عضوا في اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين في التاريخ بجامعة الأزهر، وأصبح رئيسا لقسم التاريخ والحضارة، وكان يتولى سنويا مراجعة وضع امتحانات الثانوية الأزهرية في مادة التاريخ في السنوات الأخيرة من عمره.
قام الأستاذ الدكتور السيد الدقن بالتدريس لعشرات الأعوام داخل مصر وخارجها في الجامعات السعودية؛ حيث أعير إليها لبضعة سنوات، وأشرف الفقيد على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه، كما ناقش عشرات أخرى من هذه الرسائل في تخصص التاريخ الحديث لطلاب مصريين وعرب وأفارقة ومن شرق آسيا، كما قام بتحكيم العديد من الأبحاث للترقية إلى درجتي الأستاذ والأستاذ المساعد داخل وخارج مصر، كما شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات.
ترك الأستاذ الدكتور السيد الدقن رحمه الله أولادا ثلاث ندعو الله بأن يكونوا من الصالحين الذين يدعون له فيتقبل الله منهم، كما ترك الفقيد العديد من التلاميذ الذين أصبحوا وزراء وأساتذة وعمداء ومسئولين كبار ومدراء داخل وخارج مصر، ندعوا الله بأن يكونوا من الشخصيات التي تسهم في نشر العلم الذين تعلموه ، وندعوا الله بأن يكونوا من الأوفياء لأستاذهم ويدعون الله له بالرحمة والغفران.
كما ترك الأستاذ الدكتور السيد الدقن رحمه الله عدة مقالات وحوارات صحفية وإذاعية وتليفزيونية خاصة في إذاعة القرآن الكريم المصرية والبرامج الدينية بالقناة الأولى للتليفزيون المصري، حول التاريخ الحديث والإسلامي، كما ترك العديد من الكتب من أبرزها: كسوة الكعبة المعظمة عبر التاريخ، الخلفاء الراشدون، سكة حديد الحجاز الحميدية دراسة وثائقية، السلطان الأشرف طومان باي والمقاومة المصرية للغزو العثماني، دراسات في تاريخ الدولة العثمانية، دراسات في تاريخ مصر العثمانية، وغيرها من الكتب. وتمت ترجمة أحد مؤلفاته إلى اللغة الألبانية؛ حيث تم تدريسه في جامعة بألبانيا، كما شارك في إعداد موسوعات عربية وإسلامية.
ولقد قام اتحاد المؤرخين العرب بتكريم الأستاذ الدكتور السيد محمد الدقن عام 2009؛ باعتباره أحد شوامخ المؤرخين العرب.
رحم الله الرحمن الرحيم الفقيد رحمة واسعة، وجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأسكنه الله سبحانه وتعالى فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه وزملائه وتلاميذه الأوفياء الصبر والسلوان، اللهم آمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
نسألكم الدعاء والفاتحة للفقيد، ولكم بمثل ما دعوتم وجزاكم الله خيرا.
موقع العبد الفقير إلى الله تعالى الأستاذ الدكتور السيد محمد الدقن رحمه الله
غفر الله ورحم عبده الدكتور السيد محمد الدقن وزوجته
التدقيق اللغوي: خيرية الألمعي.