"قد أتعثر في حرفٍ، أو أستغرق وقتًا في كلمة، لكن من حقي أن تسمعني كحقك في أن أسمعك، فالمهم هو ماذا أقول لك، لا كيف أقوله"
هذه الكلمات ننقلها على لسانِ 4 – 8% من الأطفال في العالم ممن يعانون من اضطراب الطلاقة الكلامية (التأتأة)، والذي يظهر على شكل تكرار أو مد للحروف والمقاطع والكلمات، أو وقف في الكلمة وصعوبة في إكمالها..
ولقاؤنا اليوم بطله طفلٌ في عامه الخامس، مرِحٌ كبقية الأطفال، يتميز بهدوئه وشغفه بكرة القدم، أصيب بالتأتأة، وواجه جهل مجتمعه، خالد لا زال يتمتع بروح الطفولة لكنه لجأ إلى تجنب الكلام بسبب ضغط مجتمعه عليه..
ومن هنا ننقل لكم مشاعر أمّ خالد.. تروي لنا تجربتها، وما الأثر الذي تركته التأتأة على ابنها، واخترنا اسم (خالد) كرمزٍ لكل طفلٍ يحمل معه نفس التجربة.
فأهلًا وسهلًا بكِ معنا يا أم خالد.
أهلًا وسهلًا بكم.
1- حدثينا عن بداية ظهور التأتأة لدى ابنك، متى لاحظتيها عليه، وما هي ردة فعلك؟
ظهرت التأتأة عند ابني قبل 6 شهور تقريبًا، ولاحظت عليه التأتأة من خلال بعض الكلمات، مثلًا: تكرار كلمة (ماما) و (بابا) وكلمة (أبي)، وكانت ردة فعلي (صدمة).
2- باعتقادك، هل هناك سبب وراء ظهور التأتأة لدى ابنك؟
بالبداية كنت أعتقد بأنها (دلع)، ثم ظننت أنها قد تكون بسبب الخوف من الخادمة!
3- ما هي الوسائل والتوجيهات التي كنت تستخدميها للتعامل معه؟
بصراحة كنت أصرخ عليه، وأقول له: "تكلم عدل"، ثم شعرت بأن التأتأة تزداد كلما صرخت عليه، وكانت إحدى القريبات تنصحني بقول: "اضربيه ليتحسن كلامه".
4- كيف تعامل محيط الأهل والأقرباء مع المشكلة؟ وما هي النصائح والتوجيهات التي وجهوك بها؟
كانوا جميعهم يقولون له: "تكلم عدل، وبلا دلع"، وبصراحة لم يقدم لي أحد نصيحةً لأننا لم نكن نعلم ما المشكلة.
5- انتشرت الكثير من الخرافات التي ينصح بها لعلاج التأتأة؟ اذكري لنا أمثلة؟ وما كان موقفك تجاهها؟
نعم، الحقيقة سمعت عن أن تناول العسل أو بعض أنواع الأعشاب يعالج التأتأة نهائيًّا، وأن تأتأة الطفل تأتي من باب لفت الانتباه وتقليد الآخرين.. أما موقفي فكنت أصدق ذلك لأنه لم أسمع عن التأتأة ولم أعرفها إلا بعد أن أصيب ابني بها.
6- وما موقفك الآن منها؟
بصراحة عرفت أنها مجرد خرافات مع مرور الوقت ومع سؤال اخصائي النطق.. ونصيحتي لكل أم هي أن تسأل الناس المختصين بشكل مباشر حتى لا تحبط عند تجربة مثل هذه الخرافات.
7- هل هناك موقف مر بابنك وأثر بك؟
نعم، عندما يتأتئ ويغمض عينيه ويضع يديه على فمه.
8- هل ابنك مدرك لطريقة كلامه؟
نعم، ابني مدرك لكلامه وطريقة تأتأته، وكان يُحرج جدًّا ولكن لا يحب أن يُظهر ذلك.
9- كيف يتعامل ابنك مع التأتأة؟
أصبح منعزلاً، ويفضل الجلوس في المنزل، ولا يزور أقرباءه ولا يلعب مع الأطفال الذين في مثل عمره.
10- هل صارحك بشعوره تجاه التأتأة؟
بصراحة، لم يصارحني أبدًا بالتأتأة، لكنه كان حسّاسًا، ويبكي على أدنى سبب.
11- اخترتِ الجلسات التدريبية للتحسين من طلاقة ابنك الكلامية، فما الهدف من تلك الجلسات؟
بصراحة، كانت الجلسات التدريبية مفيدة جدًا ولله الحمد، نفعت ابني كثيرًا، وكانت تعتمد على فكرة تحسين الكلام والنطق عن طريق أسلوب الكلام البطيء.
- وهنا نوضح أسلوب الكلام البطيء للقراء بأنه: أسلوب للعلاج غير المباشر يستخدمه الاختصاصي في الجلسات التدريبية للتعامل مع التأتأة عند الأطفال، وأثبتت الدراسات أن تعديل سرعة معدل الكلام يساهم بشكل كبير في تحسين الطلاقة الكلامية، حيث أن المعدل الطبيعي لسرعة الكلام يعادل 140 إلى 160 كلمة/دقيقة.
12- كثير من الآباء والمربين لا يدركون أهمية تعديل أسلوب الكلام في تحسين الطلاقة الكلامية، ويتراجعون عن حضور الجلسات التدريبية حين لا يجدون علاجًا مباشرًا كالدواء مثلًا..
فما هو انطباعك عن العلاج غير المباشر للتأتأة (استخدام أسلوب الكلام البطيء)؟
بصراحة، لم أكن متقبلة فكرة كيفية التعامل مع ابني عن طريق الكلام البطيء، لكن بعد عدد من الجلسات مع الأخصائية، وتدريبي على كيفية التعامل مع ابني، صرت أهيئ حياتي وأتكلم مع ولدي بأسلوب الكلام البطيء للوصول إلى الهدف.
13- ما بعد جلسات التدريب، ما هي خطتك ورؤيتك المستقبلية تجاه ابنك؟
إن شاء الله سيتكلم وينطق بشكل جيد في الأيام القادمة، ورؤيتي أنه سيكون بخير.
14- كأم لديها طفل يعاني من التأتأة، باعتقادك ما هو دور المجتمع تجاه الأطفال الذين يعانون من التأتأة؟
دور المجتمع تجاه الطفل هو أن يعاملوه معاملة أي إنسان أو طفل عادي حتى لا يشعر بالنقص لأنه يتأتئ، ويجب أن يعتادوا على تطبيق الكلام البطيء ويمنحوا الطفل الوقت الكافي حتى يستطيع أن يتكلم ويصل للهدف.
15- أربع رسائل قدميها للأمهات، للمجتمع، للمعلمين.
1) أن يتعاملوا مع المشكلة بصدر رحب.
2) أن يطبقوا أسلوب الكلام البطيء مع الطفل.
3) أن يعطوا المجال لهم بالكلام حتى يوصلوا المعلومة التي يريدونها.
4) أهم نقطة: لا تظهروا لهم أنكم متأثرون بالتأتأة حتى لا ينعكس عليهم هذا الشعور سلبيًّا.
نعم، كما ذكرت أم خالد، يجب على الأهل التحدث مع الطفل بصوت واضح وهادئ ومحاولة التكلم ببطء، وإعطاء الطفل الوقت الكافي للتعبير عما يريدون دون مقاطعتهم أو التكلم بالنيابة عنهم، والتركيز على ما يقوله الطفل دون انتقاده أو تصحيح كلامه حتى لا يقلق وتظهر لديه التأتأة بشكل متزايد.
16- شاكرين لك أم خالد المشاركة معنا في هذا اللقاء لتوعية المجتمع، هل من كلمة أخيرة؟
أشكر الأخصائية ريم المطيري، وأشكر مركز الشيخ سالم العلي على معاملتهم الطيبة مع ابني، والحمد لله رب العالمين، قل مستوى التأتأة جدًا عنده، وعسى ربي أن يوفقكم في حياتكم.
هذه مشاعر أم ابنها يتأتئ.
ورغم كثرة حملات التوعية بهذا الاضطراب إلا أن الكثير لا يزال يجهل كيفية التعامل مع الأطفال المتأتئين، ويحمّلوهم ذنب جهلهم بنصائح مغلوطة وخرافات تنعكس سلبيًا على الأطفال.. ومن هنا نحث الجميع على الإطلاع على بعض النصائح للتعامل مع الأطفال حتى لا نسبب لهم مزيدًا من الحرج والقلق.