في ظل خضم الحياة اليومية ومشاغلها وفي ظل تراجع القيم والمبادئ الجميلة للأجيال السابقة وفي ظل الحرص على المصلحة الضيقة وفي ظل قصر النظر، تراجعت قيمة مهمة وهي قيمة الوفاء وبالأخص مع علمائنا وأستاذتنا أهل العطاء؛ مما قد يتطلب إلقاء بعض الضوء على هذه القيمة المهمة.

أولا: معنى الوفاء في معجم المعاني الجامع:

1- الوَفَيُ : الشَّرَفُ من الأَرض

2- الوَفِيُّ : التامُّ

3-الوَفِيُّ : الكثيرُ الوفاء والإخلاص ، مَنْ يفي بتعهُّداته ويقوم بواجبه.

ثانيا: معنى الوفاء اصطلاحا

 

1-الوفاء: حفظ العهود والوعود، وأداء الأمانات، واعتراف بالجميل، وصيانة للمودة والمحبة.

2-عن الأصمعي قال: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده فانظر إلى حنينه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه وبكائه على ما مضى من زمانه.

3- وعن عوف الكلبي أنّه قال: (آفة المروءة خلف الموعد).

4-الوفاء من سمات المؤمنين المتقين ، يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه:

﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]. ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8].

ثالثا: الوفاء مع العلماء

1- يكون الوفاء مع العلماء باحترامهم وتوقيرهم، والتواضع لهم، والدعاء لهم، والاقتداء بهم، والتعلم على أيديهم.

2- يكون الوفاء مع العلماء بحفظ ودهم وتذكرهم دائما والترحم على من مات منهم.

3-يكون الوفاء مع العلماء بنشر علمهم الصالح، مع إمكانية الإضافة عليهم، مع ضرورة نسب علمهم إليهم.

رابعا: من أروع أمثلة الوفاء مع العلماء

1- وفاء أبي حنيفة لشيخه حمّاد بن أبي سليمان، فقد كان يدعو له مع أبويه في كل صلاة يصليها، وكان يحفظ له وُدّه، ويذكره دائما ويترحّم عليه، ولا ينسى له فضله، يذكره بالخير، ويثني على فضله؛ حتى قال أبو حنيفة: ما صليت قط إلا ودعوت لشيخي حماد ولكل من تعلمت منه علما أو علمته، وفي رواية: ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والديّ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه علما أو علمته علما.

2-وفاء أبو يوسف يعقوب الأنصاري لأستاذه أبي حنيفة، وتدونيه لعلمه وزيادته فيه؛ حتى أصبح أبو يوسف الإمام المجتهد العلامة المحدث قاضي القضاة في عهد هارون الرشيد.

3- وفاء محمد بن الحسن الشيباني لأستاذه أبي حنيفة ونشر مذهبه حتى أصبح الشيباني عالما ومحدثا وفقيها ولغويا وكان يلقب "صاحب أبي حنيفة وفقيه العراق".

رحمك الله أيها الأستاذ المعلم الدكتور السيد محمد الدقن الوفي لأساتذته وتلاميذه وزملائه ولكل من كان عليه فضل وجزى الله خيرا الأوفياء من تلاميذه وزملائه، ورحم الله أساتذته رحمة واسعة وخاصة المؤرخ العلامة الدكتور عبد العزيز الشناوي والمؤرخ الكبير الدكتور بدوي عبد اللطيف رئيس جامعة الأزهر سابقا رحمهما الله.

وفاء لأهل العطاء وفاء بوفاء وثناء ودعاء 

كاتب
أستاذ الإدارة العامة بكلية العلوم الإدارية - أكاديمية السادات. محكم بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية لفحص الإنتاج العلمي للمتقدمين لشغل وظائف الأساتذة والأساتذة المساعدين. محكم بدوريات علمية عربية لتحكيم الأبحاث المقدمة للنشر. أشرف ويشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه في الإدارة. عضو لجان المناقشة والحكم على رسائل الدكتوراه والماجستير في جامعات القاهرة وحلوان وعين شمس. رئيس تحرير موقع الإدارة العامة والمحلية. تولى عدة مناصب. له العديد من الكتب والدراسات العلمية والمقالات المنشورة.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

https://www.nashiri.net/images/nashiri_logo.png

عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

اشترك في القائمة البريدية