تعلمت من أمي وأبي- رحمهما الله- درسا مهما لي ولغيري، ألا وهو لطف الله الدائم للمؤمن الذي يستوجب الحمد الدائم لله على كل حال، فكان أبي -رحمه الله- يؤكد لي أن لطف الله دائما مع المؤمن؛ حيث قال لي: أن أحد العارفين بالله سئل ذات مرة أين لطف الله إذا حدث للمؤمن حادث سير أودى بحياته؟
فأجاب العارف بالله بأنه يمكن إذا لم يحدث هذا الحادث أو تأخر للمؤمن أن بتعرض لفتنة تخرجه عن دينه وأخلاقه فيخسر الدنيا والآخرة؛ لذلك كان الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام يسأل الله الثبات على دينه دائما وأبدا، فكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "يا مُقَلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبي على دينِكَ"
الراوي:أنس بن مالك وشهاب الجرمي وجابر بن عبد الله/ المحدث: الألباني/ المصدر:صحيح الجامع/ الجزء أو الصفحة:7987/ حكم المحدث: صحيح.
وكانت أمي -رحمها الله- تحمد الله سبحانه وتعالى على الدوام في مختلف الظروف حتى في ظروف المرض الذي أقعدها في السنوات الأخيرة من عمرها، وكانت تقول رحمها الله: الحمد لله أنا أحسن من غيري، فهناك من هو في حال أسوأ مني.
كما تعلمت منكما يا أبي وأمي -غفر الله لكما- درسا مهما آخر يرتبط بسابقه وهو الصبر والمثابرة وعدم اليأس مهما اشتدت الأمور، بل إن ذلك قد يكون إيذانا بقرب انفراجها، فالأمل دائما موجود في الله ولا ينقطع، يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: "قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ" [الحجر: 56].
وكان يقول أبي رحمه الله: اشتدي كي تنفرجي، حيث كان رحمهما الله يتسمان بالصبر والمثابرة، وعندما تختفي الحقيقة أمامي كانت أمي -رحمها الله- تقول لي: لا بد أن تظهر الحقيقة مع مرور الأيام مهما حاول أحد إخفائها، وكان أبي -رحمه الله- يردد لي مقولة الإمام الشافعي رحمه الله: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج، وبالفعل مع مرور الأيام كانت تنجلي أمامي الحقيقة بمشيئة الله تعالى، وكان يأتيني الفرج من رحم الضيق والشدة بفضل الله وعونه.
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: "فإن مع العسر يسرا *إن مع العسر يسرا" [الشرح: 5،6]
غفر الله لكما يا أمي ويا أبي ورحمكما فلقد تعلمت منكما الكثير.