قبل شهرين، تعرضت لحادث بسيط في المنزل أدى إلى كسر في القدم. وبما أنني أعمل في جامعة الشويخ وأكبر مستشفى عظام في دولة الكويت وهو مستشفى الرازي الواقع أيضا في الشويخ، فمن الطبيعي أن المستشفى الذي سأفكر فيه تلقائيا هو مستشفى الرازي لقربه من مكان عملي في حال أردت مراجعة العيادات الخارجية أو عيادة الطوارئ. ذهبت الى قسم الحوادث، وتم إجراء أشعة ومن ثم وُضع "الجبس" وأُعطيت مراجعة بعد أسبوع في عيادة القدم، طبعا هذا بعد تدخل إحدى المعارف لتقريب الموعد، وإلا كان الموعد أبعد.
بعد مرور شهر ونص على الكسر وذهابي للمراجعة وأثناء عملي للأشعة، كنت في كل مرة أسأل فني الأشعة الذي كان يؤكد لي وجود التئام بسيط، ولكن الكسر لازال موجودا. وفي المرة الأخيرة وبعد عرضي للأشعة على الدكتور ابتسم وقال لي إن أموري كلها طبيعية وأني الآن قادرة على نزع الجبس والمشي بشكل طبيعي. فقلت له ما قاله فني الأشعة لي. فتضايق وكأني اتهمه بالقصور أو عدم المعرفة، وأصر على نزع الجبس وإنني أمشي طبيعي دون وضع أي شيء. امتثلت لكلامه وفي القلب شك، ولكنني تجاهلت شكوكي كلها ووضعتها في صندوق مقفل فهو "دكتور ومتخصص وأكيد يعلم مصلحتي أفضل مني" هذا ما تبرمجنا عليه للأسف.
خرجت أمشي على قدمي وبعد ثلاثة أيام أحسست بتعب وألم. وهنا قررت الذهاب الى مستشفى خاص لأطلب جلسات علاج طبيعي ولسان حالي يقول: لا بد أن القدم متعبة من بعد الجبس. فلعل الألم من ضعف العضلات. وعند دخولي الى الدكتور في المستشفى الخاص طلب مني أشعة قبل البدء بالعلاج الطبيعي. وبعد عملي للأشعة تفاجأت به يقول لي: لا تحتاجين إلى علاج طبيعي. فارتسمت ابتسامة عريضة على وجهي ظنا مني أن القدم شُفيت تماما، ليتدارك كلامه بقوله: أنت محتاجة الى جبس لكي يلتئم العظم. نظرت إليه بدهشة وملامح الاستغراب على وجهي، وقلت له: أي جبس؟ لقد أخبرني الدكتور إني شُفيت تماما واني لا أحتاج الى جبس! قال لي: هذا الكلام غير صحيح أنت بحاجة إلى جبس ولفترة طويلة أيضا، فمن الخطر تركك هكذا بدون جبس أو دعم للقدم. امتثلت لكلامه ورجعت للجبس مرة أخرى. خرجت والألم يعتصر قلبي كيف لدكتور في مستشفى حكومي أن يتركني هكذا معرضة للخطر؟
ذكرت الموضوع لإحدى الصديقات فنصحتني بأخذ رأي ثالث، فذهبت الى دكتور ثالث في مستشفى خاص آخر لأسمع منه نفس الكلام؛ إن قدمي لم تلتئم وانها بحاجة الى جبس وفترة طويلة لتلتئم.
السؤال هو ماذا لو لم أفكر بجلسة علاج طبيعي ولم اذهب إلى مستشفى خاص؟ ماذا لو أصررت على تجاهل كلام الدكتور في المستشفى الخاص رغبة مني في الحرية ولبس أحذيتي الطبيعية والمشي بشكل طبيعي؟ ماذا لو لم يكن لدي الإمكانيات المادية للذهاب الى مستشفى خاص ودفع تكاليف الاستشارة وإعادة تصوير الأشعة مرة أخرى؟ ماذا لو لم اذهب لأخذ رأي متخصص ثالث وقررت الاستماع إلى دكتور الرازي فهو أكبر مستشفى عظام في الكويت؟ ماذا، وماذا، وماذا؟ الكثير من الأسئلة دارت في ذهني هل وصلنا إلى هذى المرحلة من تهاوي الخدمات الصحية وعدم الاهتمام بصحة الإنسان؟ وربما هذ التجربة قادتني إلى موضوع أكبر وأهم وهو موضوع الوعي الصحي يجب أن يكون لكل مواطن ومقيم على أرض هذا الوطن الوعي الصحي والثقافة الصحية بحيث لا يسلم مصيره وجسده وصحته إلى دكتور لأن الدكتور قد يكون وكما وصفته إحدى الزميلات "دوك ثور" ولا يفقه في تخصصه شيئا، وقد يكون ما لديه معلومات أكل وشرب عليها الدهر ولم يطور منها شيئا. المعلومات الآن موجودة في كل مكان. ابحث، اقرأ، تعلم، استشر أكثر من متخصص في مجال مرضك، ومن ثم اتخذ القرار الذي يتناسب مع قناعتك وإحساسك الداخلي الذي غالبا هو صادق وسيرشدك الى الطريق الصحيح لاختيار ما يناسب صحتك وجسدك. ليس هناك مانع أن تأخذ أكثر من رأي وأكثر من استشارة ليس هناك مانع أن تأخذ رأي الطب البديل وتغير من نظامك الغذائي لتتشافي. ابحث، وتعلم، وجرب، واستشر، حتى لا تسلم صحتك وجسدك إلى "دوك ثور".