يعتبر معهد الإستشراق في جامعة أوبسالا بالسويد من أعرق المعاهد في أوروبا حيث تأسسّ هذا المعهد قبل أكثر من 400 سنة.
وقد تسنى لي أن أحضر محاضرة عن الإسلام في هذا المعهد للباحث السويدي كريستر هيدن المتخصص في القضايا الإسلامية، والذي قدّم الإسلام للحضور السويدي كما هو بدون زيادة أو نقصان يعتبر معهد الإستشراق في جامعة أوبسالا بالسويد من أعرق المعاهد في أوروبا حيث تأسسّ هذا المعهد قبل أكثر من 400 سنة. وخرجّ مئات الأساتذة والباحثين المتخصصين في قضايا العالم العربي والإسلامي وفي قضايا اللغة العربية وآدابها. ويتميّز الأساتذة والباحثون في هذا المعهد بكثير من الموضوعية في تحليلهم لمفردات الثقافة الإسلامية و نشأة الحضارة الإسلامية.
وقد تسنى لي أن أحضر محاضرة عن الإسلام في هذا المعهد للباحث السويدي كريستر هيدن المتخصص في القضايا الإسلامية، وقد استهل هدين محاضرته بقوله بأنّ الكثير من الكتّاب الغربيين و المستشرقين الذين درسوا الإسلام ذهبوا إلى القول بأنّ رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم أخذ محاسن المسيحية واليهودية وصاغ منهما دينا جديدا هو الإسلام. و الواقع - يقول هدين - الأمر غير ذلك تمامًا فالإسلام له ظروف نشأته الخاصة وهو امتداد للإسلام الإبراهيمي وهو مكمّل لليهودية والمسيحية، وأعتبر هيدن أنّ الديانات السماويّة يكمّل بعضهما بعضا وأنها تسعى لتحقيق نفس الأهداف وتعبيد البشر للّه ربّ العالمين.
والغرض من كثرة الديانات هو مراكمة المعرفة بحقيقة الألوهية كما قال هدين و الذي رأى أنّ أمية محمّد و جمالية النصّ القرآني الذي إحتار العرب في بلاغته وحلاوة ألفاظه هما الدليل على نبوة محمد ، إذ كيف يكون في مقدور شخص لا يكتب ولا يقرأ أن يؤلفّ واحدا من أكثر الكتب بلاغة و تألقا في اللفظ والمعنى.
وقدمّ هدين شرحًا مستفيضًا عن كلمة الإسلام والتي تعني في نظره ونظر الكثير من الباحثين الغربيين السلام وكيف أنّ المسلم يجب أن يكون مسالما وملتزما بأوامر الله من جهة أخرى.
وبعد هذا التعريف انتقل إلى تحليل شخصية رسول الإسلام محمد بن عبد الله العربي المعصوم عن الخطأ والذي تحول فعله وقوله وتقريره إلى سنّة نبوية شريفة يعتبرها المسلمون المرجع الثاني بعد القرآن الكريم في فهم الأحكام الشرعية وتفاصيل الحياة و الآخرة على السواء.
وقد حاول الباحث السويدي هيدين كريستر أن يكون موضوعيًا ودقيقًا وهو يقدّم محاضرته لجمهرة من الطلبة السويديين الذين يدرسون في معهد الإستشراق قضايا اللغة العربية ونشأة الإسلام وتطوره، ولم يخف في طيّات حديثه الجهر بأنّ اليهود وفي العقيدة المسيحية هم الذين قتلوا يسوع المسيح، وهي إحدى النقاط الخلافية بين المسلمين والمسيحيين حيث يعتقد المسلمون أنّ المسيح رفع إلى السماء وسوف يعود ذات يوم قبيل قيّام الساعة و أنّ الذي صلب فعليًا هو شخص شبيه بعيسى بن مريم عليه السلام.
ويعتبر هدين كريستر من أهم المؤرخين الدينيين والباحثين في قضايا الديانات في السويد ومن مؤلفاته: الإسلام في القرآن، الإسلام، الإسلام والمجتمع، أولاد إبراهيم عليه السلام، الإسلام والإنجيل.
ويتسمّ هدين بكثير من الموضوعية حيث أنه عندما يراد تحميل الإسلام وزر المستجدات الأمنية عربيًا و إسلاميًا وعالميّا يردّ هدين بقوله أنّ النصارى قادوا أطول حرب صليبية عرفها العالم وإضطهدوا المسلمين في عقر دارهم أثناء الحروب الصليبية، و لا يجب أن ننسى يقول هدين أنّ المسلمين علمّوا الغربيين الرياضيات والجبر والحساب و العلوم.
وبالعودة إلى محاضرته التي استمرّت ساعتين في معهد الإستشراق في جامعة أوبسالا العريقة والتاريخية في أوروبا لم يجرّح هدين الإسلام بل قدمّه للحضور السويدي بما هو هو بدون زيادة أو نقصان معتمدا على أدق وأوثّق المراجع المعتبرة، وتمكنّ من تقديم تعريف موضوعي عن الإسلام ونشأته، فلم يقل أنّ الإسلام إنتشر بحدّ السيف، و لم يقل أنّ الإسلام دين منحّط بل تعامل مع الإسلام بطريقة معرفية خالصة ومجردة من الخلفية المؤدلجة والتي تجعل كثيرين في عالمنا العربي والإسلامي يشمئزون ويخجلون من إسلامهم والذي قال عنه هدين أنّه لقنّ الغرب مبادئ العلوم ومنطلقات النهضة.
وقارن هدين في محاضرته بين المسيحية والإسلام في مسألة بداية الخليقة حيث أشار إلى الفصل المتعلق بهذا الموضوع في الإنجيل وما ورد في القرآن الكريم، و استغرق في تقديم شرح عن المخلوقات التي أوجدها الله غير الإنسان وكما في النظرية القرآنية و هم الجان والملائكة، و قال أنّ الفرق بينهما أنّ الجان مخيّر مثل الإنسان تماما، فيما الملائكة مسيرة وقد خلقت لعبادة الله تعالى. وقدمّ أوجه التشابه بين المسيحية والإسلام فيما يتعلقّ بمنطلق الوجود.