من الذكاء أن يسأل الإنسان هذا السؤال: من أين تُأكل الكتف؟ حتى يختصر عليه الأوقات والطاقات في تحقيق الغايات. وإن غايات الناس عادة تكون مشتركة منها: السعادة والجنة والراحة والاطمئنان، كلها غايات موجودة عند كثير من الناس سواء أعلنوا أم جهروا بها. الرسول عليه الصلاة والسلام أجاب على سؤالنا من أين تأكل الكتف حين قال لنا: " إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد كله ، ألا وهي القلب". إذاً العضو الرئيسي الذي هو المصدر وهو الأساس في صلاح وفساد الجسد كله هو القلب. وإن المشكلة أساسها القلب وإن معرفة المشكلة كما يقال هي نصف الحل.
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل أبي بكر حين قال أنه لو وزن ميزان الأمة وميزان أبو بكر لرجح ميزان أبو بكر. ولكن لماذا؟؟ ماالذي يميز أبو بكر عن سائر الأمة؟ يقول الرسول في حديث آخر يجيب عن تساؤلاتنا: " إنه (أي أبوبكر) لا يكثركم في كثير صوم وصلاة ولكن شيء وقر في القلب". إذاً المسألة هي ما في القلب!
كل المشاعر التي يشعر بها الإنسان هي مصدرها القلب. الحب والعاطفة والحنان والمعزة والكره والحقد والحسد كلها مشاعر مصدرها القلب. ولكنا نعلم أن هذه المشاعر نتائج وليست أسباب. وهنا نتسائل ما هي أسباب تأثر القلب؟
إن حواسك الخمس لها تأثير مباشر إلى قلبك. السمع والبصر والشم واللمس والتذوق كلها عوامل تؤثر على قلبك تأثيرا مباشرا. نأخذ على سبيل المثال حاسة البصر. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " النظر الحرام سهم من سهام ابليس". هو سهم من العين ويرتكز في القلب. والسهم هو مثلث الشكل إذا دخل في شيء صعب خروجه.
ولكي تحمي قلبك وتجعله طيبا سليما يجب عليك أن تشتغل على حواسك الخمس والدوام على المحافظة عليها واستخدامها لتشرح صدرك وتنير قلبك.
فإذا هذه الحواس هي أبواب يدخل إلى قلبك منها الخبيث والطيب وبما أن القلب هو عاصمة الجسد وأهم منطقة فيه فيجب تحكيمها بحراسة مشددة وعدم السماح لأي خبث أن يدخلها مهما كان لأنك بغاياتك بمقدار دولة وإن الدولة تضيع بضياع عاصمتها!