مقالة تدرس العلاقة بين العرب وأمريكا على عدة مستويات: أولاً العلاقة الرسمية السياسية القائمة بين حكام أقاليم المنطقة والحكومات المتعاقبة في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم العلاقة الجماهيرية العربية بالثقافة والإعلام الأمريكيين، وأخيرًا تدرس العلاقات الانسانية العامة بالمؤسسات الأمريكية العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وعلى رأس هذه العلاقات تأتي علاقة الجاليات العربية والاسلامية المقيمة في الولايات المتحدة. الذين يظنون أن العرب إنما يكرهون الولايات المتحدة الأمريكية إنما هم قوم واهمون لايفهمون تركيبة العقل "العربي" في عصور الانحطاط والهزيمة "1" , إن العلاقة العربية –الأمريكية في مطلع القرن الواحد والعشرين تحتاج في واقع الأمر الى كثير من الدراسة والبحث والتقصي - والتي ليس مكانها هذا المقال -، وأول ذلك فهم طبقاتها، فليست ولم تكن العلاقة بيننا وبين الولايات المتحدة بهذا التسطيح وهذه البساطة.
العلاقة الرسمية السياسية القائمة بين حكام أقاليم المنطقة والحكومات المتعاقبة في الولايات المتحدة الأمريكية هي أول طبقات هذه العلاقة، وثانيها العلاقة الجماهيرية العربية بالثقافة والاعلام الأمريكيين، وثالثها العلاقات الانسانية العامة بالمؤسسات الأمريكية العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وعلى رأس هذه العلاقات تأتي علاقة الجاليات العربية والاسلامية المقيمة في الولايات المتحدة بهذه المؤسسات التي تقوم عليها هياكل الحياة العامة في هذا البلد الاستثنائي ثقافة ومدنية واقتصادا في مطلع القرن الواحد والعشرين، ولاننسى العلاقة النفسية التي هي الأساس لدى الحديث عن موضوع كالحب والكراهية!.
علاقة حكام المنطقة العربية بالولايات المتحدة الأمريكية:
هذه العلاقة أوضح من أن تحتاج الى أي توضيح، ومالاتفضحه الفضائيات والصحافة والانترنيت في هذا العصر يعرفه حتى الأطفال العرب الصغار في بيوتهم وملاعبهم، حكامنا أصبحوا ولايستطيع الواحد منهم أن ينطق ببنت شفة دون إذن أولياء أمره في البيت الأبيض الأمريكي، الشيء الذي كان آباؤهم البيولوجيين أو السياسيين في المنطقة يفعلونه بكل راحة واطمئنان، خاصة وأن مبدأ " التقيّة" كان سائدا بين هؤلاء القوم من طبقة الحكام وبطائنهم من إعلاميين ومثقفين ودعاة ومشايخ وقراء وأئمة مساجد وسياسيين واقتصاديين، ولانقصد هنا بالتقيّة ذلك التمويه والكذب والنفاق الذي يمارسه الحاكم العربي في وجه الصلف الغربي، فحاشاهم أن يفعلوه، ولكنها التقيّة التي تمارس من الحاكم العربي في مواجهة المحكوم العربي !.
"إذاعة صوت العرب" مازال فحيحها ونعيقها ينشبان في آذان جيل كامل بالسباب والشتيمة لكلٍ من أمريكا وصنائعها في المنطقة، و"معبود الجماهير " في زمن النكسة والهزيمة والفاجعة الأولى، - جمال عبد الناصر وليس عبد الحليم حافظ- كان قد أتقن اللعبة الى حدّ أن قام وزير الاعلام العراقي الصدامي الأخير "سعيد الصحاف" باستنساخها، حتى كادت تنطلي حتى على أولي العقول والألباب، لأنه ماكان منا ولافينا من كان يريد أن يصدق بأن الرجل يمكنه أن يصل الى هذه الدرجة من الكذب والخديعة والاستهانة بمشاعر الأمة في مثل تلك الايام العجاف التي سبقت غزو العراق !..ومتى ؟ في زمن سقطت فيه كل الأقنعة وكُشفت كل أوراق اللعبة.
إذاعة "صوت العرب " كانت تطنّ بالنصر ونحن نعيش الهزيمة، كانت تدندن بالكفاح والجهاد ونحن في حالة ركوع واستسلام، كانت ترنّ بالأغاني القومية، بينما الأرض والعرض والكرامة كانت جميعها في خبر كان، أما "الصحاف " فلقد حاول تقليد عبد الناصر، وقد فعل ذلك بمهارة عجيبة، الأعجب منها أن صدقناه ! أو لعلنا كنا نريد أن نصدقه، كنا نتمسك بالقشة التي قصمت ظهر البعير، ولم نكن نريد أن نصدق أن العراق كان قد أصبح مجرد كومة من الورق المقوى لم تكن في حاجة الى أكثر من عود واحد من الثقاب لتشتعل وتنهار، في زمن الغزو الذي لايستند إلى شرعية ولامصداقية ولاأخلاقية، اللهم إلا فرض منطق القوة الغربية علينا وعلى العالم لتسترد من خلال ذلك الولايات المتحدة هيبتها ووقارها أمام هذا العالم الذي مازال لايصدق أن حفنة من مجندي مايدعى ب"القاعدة" قاموا بتلك الهجمات يوم الحادي عشر من سبتمبر عام الألفين وواحد فغيروا بها منطق القوة نفسه ومعه كل معادلات التاريخ الحديث والجغرافيا والعلاقات الدولية.
حكامنا ..يتمتعون بعلاقة استثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية، علاقة معروفة في تاريخ البشرية منذ أزمان سحيقة، علاقة الأجير بالسيّد، فهم يُحكِمون السيطرة على هذه الشعوب دون أن يرتكبوا حماقة تضييع أوقاتهم الثمينة في رعاية شيء من أمورها _ اللهم إلا القلة _ , ينهبون خيرات الأمة التي تذهب مباشرة إلى جيوبهم وجيوب أبنائهم وحساباتهم المصرفية السريّة دون مساءلة ولامناقشة أحد، يقطعون شرايينها ويتركونها تنزف قطرة قطرة! , طريقة رائعة للموت، غير غريبة على رجال الحكم في بلادنا , فلقد أورثتهم إياها المرأة الملكة زنوبيا ملكة تدمر.
معظم حكامنا أجراء يستحقون لقب الأجير الأمين الذي يحفظ كل مصالح سيده بدقة متناهية، كانوا كذلك لدى المستعمر البريطاني ثم وَرِثتهم الولايات الأمريكية المتحدة فيم ورثت من الممالك والعبيد، وراثة شرعية بنص شريعة الغاب التي تتحكم بالتاريخ البشري عندما يغيب العقل والمنطق والهداية الالهية للانسانية , ورثتهم عندما انتقل إليها حق السيطرة على العالم من أمها العجوز بريطانيا العظمى! .. هم يقتلون وهي راضية، هم يذبحون وهي مبتسمة , هم يدمرون الأمل والعمل في البلاد والعباد وهي تهز رأسها علامة القبول !.. تحميهم وتمنعهم وتشدّ من أزرهم وتحفظ لهم عائلاتهم المالكة سواء كانت عائلات أميرية أو ملكية أو جمهورية أو حتى جماهيرية ! فكلهم في العبودية لدى الولايات المتحدة سواء , وكلهم في قمع الشعوب وكتم أنفاسها سواء.
لا.. ولم تهتم الولايات المتحدة وحكوماتها المتعاقبة بأوضاع حقوق الانسان في بلدان المنطقة العربية إلا وفقط عندما تُمَسّ سيادتها فيها , سيادة الولايات الأمريكية بالطبع وليس سيادة حقوق الإنسان!
وليس سيادتها فيها فحسب بل أمن واستقرار واستمرار ربيبة الغرب "اسرائيل" المدللة , التي قال عنها "غابرييل ألبياك" وتحت عنوان "إسرائيل هي نحن " _2_ : "إن أوروبا صارت تنسى أن "إسرائيل" كانت سور النزاع الوحيد الذي حجز طغيان المد الأصولي الإسلامي عنا خلال نصف قرن, واحتمل مع ذلك دعم اليسار الأوروبي للفدائيين الذين كانوا يقتلون ويذبحون ويختطفون الطائرات, بينما "إسرائيل" وحدها كانت هناك لضمان أمن العالم ".
لم تتحرك الولايات المتحدة يوم ذبح عبد الناصر الاخوان المسلمين في سجونه الجهنمية وأنزل بهم من العذاب ماتشيب لهوله الولدان , ولكنها تزلزلت عقب كل تفجير أو عملية استهدفت منطقة الحدود المصرية مع هذه الصنيعة الغربية في قلب المنطقة العربية , وتحركت وانتفضت من أجل مركز "ابن خلدون " الثقافي الاجتماعي الأمريكي الموارد والتوجهات و الذي بدأ يزعج الحكومة المصرية .
لم تغضب الولايات المتحدة يوم قصف "رفعت الأسد" شقيق الرئيس "الأسد الأول" حاكم سورية في حينه مدينة حماة الثائرة بالطائرات وشرد أهلها , وساح أيتامها في الطرقات خارج المدينة يبحثون عن مخرج , ولكن وجود مكاتب لحماس في دمشق أقضّ مضجعها وأزعج سياسييها وأقام الدنيا ولم يقعدها .
لم تتحدث الولايات المتحدة عن الويلات التي يعيشها الشعب الليبي , ولم تعترض على ملايينه الذاهبة رأسا الى جيب العقيد دون أن يتجرأ أحد على سؤاله عن شيء , ولم يزعج الولايات المتحدة أن يصبح ابن العقيد ناطقا رسميا باسم "الجماهيرية الاشتراكية العظمى" , ولم تتوان الولايات المتحدة عن السكوت على العقيد وابن العقيد فهي مستعدة للتغاضي حتى عن ترك الجماهيرية العظمى بيد ابن العقيد ومن بعده ابنه ثم ابن ابن ابنه مادامت مصالحها في أمان وديّات قتلاها وقتلى حلفائها مدفوعة .
متى اعترضت الولايات المتحدة على مايجري في مصر والجزائر والسودان والمغرب والسعودية والعراق إلا عندما مُّست مصالحها في هذه البلدان ؟ متى تحركت طوابيرها الإعلامية لنصرة نساء أفغانستان إلا بعد أن تبين أن "القاعدة " مقيمة في "تورا بورا" ؟ متى امتُشق سيف الاعلام الأمريكي ومن ورائه الغربي لقطع دابر كل من تسول له نفسه أن يختن الإناث في هذه البلدان إلا يوم فاحت رائحة البترول من جنوب السودان وصارت السيطرة على منابع الماء ضرورة قصوى في المنطقة؟!.
هذه هي العلاقة البديهية بين حكامنا والولايات المتحدة , لايختلف عليها اثنان , لم تعلن الولايات المتحدة غضبها على صدام إلا بعد أن أعلن صدام العصيان , وهو لم يعلن العصيان إلا بعد أن أفلس , وبعد أن أعجز دول المنطقة الدفع إليه بالعملة الصعبة , وبعد أن أنهك البلاد والعباد وتفرعن فنسي أن من ورائه طاغوت أعظم منه .
لايمكن لمراقب أن ينسى كلمات الرئيس المصري "مبارك" بعيد سقوط الطائرة المصرية عام 99 والتي كانت تحمل أربعين ضابطا في الجيش المصري من مختلف الرتب العسكرية من بين الضحايا كانوا قد أنهوا دورات تدريبية متقدمة في الولايات المتحدة الأمريكية "3" ، لم يتردد الرجل في أن يترك الأمر كله جملة وتفصيلا بيدّ من وصفهم "أصدقاءنا الأمريكان " الذين قال عنهم "أنهم سيقومون بالواجب " , ولكن أصدقاءه الأمريكان لم يقوموا بالواجب ولم يفعلوا أكثر من كيل الاتهامات لقبطان الطائرة تملصاً من دفع ديّات الضحايا , بل وأكثر من هذا لقد اعتبر "أصدقاءه" أن الأمر كله لايخرج عن كونه عملا إرهابيا , وبذلك فان مصر هي التي قد تضطر الى دفع ديات من كان على الطائرة من الرعايا العرب الذين يحملون الجنسية الأمريكية!.
انطوت صفحة هذه الحادثة المؤلمة والمخزية ,وخسرت الأمة أربعين عسكريا من كبار الضباط الذين كانوا قد أنهوا للتو عملية تجهيزهم وتدريبهم واعدادهم للانخراط في مواقع متقدمة في الجيش المصري , وضاعت معهم حفلات الندب الاعلامية المصرية , ودموع الأمهات وآلام الأيتام وحنق الذين اتُّهم ذووهم بالارهاب ممن كانوا يقودون تلك الطائرة , ولكن التاريخ لن ينسى للرئيس المصري تلك الكلمات في تلك الساعات .
عبارة "أصدقائنا " هذه , هي الوحيدة التي لايتوانى عن ترديدها معظم حكام العرب والمسلمين كلما ألمّت بهم كارثة تضعهم على محك التجربة أمام شعوبهم , ليظهر عجزهم ونفاقهم وعريهم وفضيحتهم أمام شعوب طال صبرها وانتظارها , وأصبحت مهددة بالعصا تنزل على رأسها كلما حاولت التنفس , لأن الحاكم سينادي "ابن عمه الثوموسول" !!"4".
ابن عم حكامنا "الثوموسول" جاهز للمصافحة والتصريحات والشدّ على يد حكامنا كلما ألمّت بهم نازلة , يهرولون نحو مزرعته في أمريكا –حسب دوره في الحكم - ليبكون بين يديه فيطبطب هو على أكتافهم ويلف أيديهم بيده الشريفة ويمضي بهم الى مائدة الغداء أو العشاء والدموع ماتزال في أعينهم ليمسح دموعهم وليطمئنهم : لاتهتموا لشعوبكم المشاغبة إنني مازلت أتناول كل يوم شرابي المفضل "ثوموسول"!.
الحكام العرب حريصون كل الحرص على طاعة الولايات المتحدة لأن مصالحهم الشخصية مرتبطة مباشرة بها , وليست مصالحهم الشخصية فحسب إنه أمنهم وسلامتهم الجسدية وسلامة أبنائهم وعشائرهم وطوائفهم وأسرهم المالكة للعباد والبلاد, والولايات المتحدة بدورها حريصة عليهم لأنهم أجراء حراستها في المنطقة , يحفظون لها مصالحها واستثماراتها وتدفق البترول على مصانعها وآلاتها ومؤسساتها مجاناً تقريبا ودون قيد أو شرط , فكيف لعلاقة مثل هذه أن لاتتسبب بتأجيج نيران الكراهية والحقد لدى شعوب المنطقة المغلوبة على أمرها من قبل هؤلاء الحكام الذين اغتصب معظمهم الحكم اغتصابا ثم مضى يعيث فسادا في الارض دون أن يترك لدى الناس أملاً ولابارقة فجر ولاخلاص , ولامعارضاً ولا رأياً ولاكلمة تقال في حقه , اللهم إلا كلمات التبجيل والتأليه والتسييد له ولابنائه , ولحكمه وديمقراطيته وأفضاله وأياديه من بعده الى أبد الآبدين .
هذه العلاقة المصيرية بين الولايات المتحدة وحكام المنطقة العربية هي المسؤولة اذاً وبالدرجة الاولى عن هذا الشعور بالكراهية والذي لم تصل رائحته الولايات المتحدة الا على متن تلك الطائرات التي دكّت برجي نيويورك في محاولة رهيبة لاستعادة ذلك النصر المسروق , الذي سرقته الولايات المتحدة من "المجاهدين في أفغانستان" يوم ادّعت أنها هي التي هزمت الشيوعية , بينما يعلم القاصي والداني أن معاقل الشيوعية لم تٌدك إلا على أيدي هؤلاء "المجاهدين" الذين نالوا في حينه مؤازرة الولايات المتحدة ودعمها المعنوي والاعلامي والاستراتيجي ورضاها المطلق عن حكومات العرب التي كانت تمول وتدعم بغض الطرف عن المتطوعين الذين هبوا لنجدة ونصرة اخوانهم في العقيدة , أولئك الشباب من عرب وغير عرب من الذين طلقوا الدنيا ونزلوا في حينه ساحة أفغانستان والبوسنة وكوسوفا ...كانوا يومها يُدْعون بالمجاهدين! أما اليوم.. وعلى ضوء تحقيق هذه المعادلات الصعبة بين المهزوم والمنتصر , بين القوي والضعيف , بين الماضي والحاضر , بين الغرب والاسلام باعتباره القوة الوحيدة التي يمكن اعتبارها اليوم عدواً يبرر من أجله دوران آلة الحرب الصناعية الجبارة , وبقاء حلف شمال الأطلسي ودفع الاتحاد الاوربي نحو حدود غير منطقية ولاواقعية ولاممكنة , على ضوء هذه المعادلات وغيرها صار اليوم اسم أولئك "المجاهدين" ..."إرهابيين"!!.
الاعلام العالمي الذي كان يملأ الارض بالأمس القريب ندباً وبكاءً من أجل البوسنة وكوسوفا , هو نفسه اليوم الذي يكيل جميع أنواع الاتّهام لمن كان قد زار البوسنة وكوسوفا أيام مذابحهما الشهيرة ليقدم دواءً أو عوناً إنسانيا , الطائرات نفسها التي كانت تقل ّ المجاهدين من بعض دول الخليج العربي إلى أرض المحنة في الشيشان والبوسنة وكوسوفا عائدة بالجرحى والشهداء، هي نفس الطائرات التي تحمل اليوم الخبراء من الأمرييكيين الذين يحاولون بمساعدة الحكومات المحلية وضع خطط للقضاء على الارهاب الدولي !. أبناء المسلمين، بل خيرة أبناء المسلمين ممن ضحوا بالغالي والرخيص ويمموا شطر تلك البلدان تحت ضغط إعلام عالمي كان يزلزل ضمائر المسلمين استنهاضاً لهمهم للذود عن ثغور الاسلام , هؤلاء الشباب أنفسهم هم اليوم الذين تشهد صالات المحاكمات القضائية المسرحية الهزلية في طول العالم وعرضه محاكماتهم باعتبارهم أعضاء في تنظيم "القاعدة" الذي لم يكن له يوم ذهبوا الى البوسنة والهرسك لون ولاطعم ولارائحة ولاوجود !!, كانت رائحة الشهادة هي الرائحة الوحيدة التي تُروج لها أمريكا ومن ورائها حكوماتنا يوم كانت أمريكا ومن ورائها حكوماتنا بحاجة الى إيمان وسواعد خيرة شباب الأمة ليهزموا بالنيابة عن الولايات المتحدة الاتحاد السوفييتي.. ولتتخلص حكوماتنا في هذه المعمعة وبالجملة من هؤلاء المشاغبين ذوي اللحى والجباه العنيدة , والعيون التي يلمع فيها بريق الأمل ..بالخلاص والحرية.
إنها أكبر عملية غشّ شهدها العالم في تاريخه , وأعظم عملية تشويه للحقائق بعد عملية تشويه الحق الاسلامي العربي في فلسطين والقدس , وأخطر لعب بمصائر الشعوب وإهانتها , وقط ..لم تمرّ الاهانة على الأمم والشعوب بمثل السهولة التي تظنها الولايات المتحدة.. أو تظنها حكوماتنا الساهرة للتخلص من الثوار والأحرار والأبطال والشجعان والمجاهدين واستئصال شأفتهم .. بدل الاستفادة من قدراتهم وصدقهم وطموحهم وتفانيهم في سبيل الحق , وترشيد ثوراتهم لمصلحة البلاد والعباد والمستقبل المذبوح مرة بيد الاستعمار المتربص بنا في كل حين , والمذبوح مليون مرة بيد هؤلاء القوم الذين قفزوا في غفلة من الأمة الى كراسي الحكم فيها فالتصقوا بها بقدرة النار والحديد والدم وساموا العباد والبلاد سوء العذاب , وأمريكا ..واقفة تتفرج , أمّ الحريات والديمقراطيات وحقوق الانسان , التي لايكرهها العرب والمسلمون ولكنهم يعانون نوعا من الذهول في مواجهة هذا الاستعمار الجديد المقنع بالدفاع عن المظلومين , الملتحف في واقع الأمر شملة آلهة الحرب وشياطينها المستعدون لالتهام العيون والقلوب والأكباد والمكتبات والمتاحف والجامعات والأخضر واليابس , يمرون بمناجل الموت والدمار على كل مايعترض طريقهم ..طريق المدنية المزيفة , طريق حقوق الانسان المدعاة , طريق الاستعمار الذي لم يكن وماكان قط الا دمارا وخرابا وعذابا للآخر في سبيل شهوة السلطة والاستيلاء على ثروات الارض بأي ثمن وبأية طريق.
الهوامش
---------------------------------------------
"1" العقل العربي تعبير يشمل في هذا الموقع كل طرائق التفكير المنتشرة في المنطقة العربية سواء كان أصحابها ينتمون الى العرب او غير العرب من مجمل الأعراق التي تسكن المنطقة , وهو بالطبع اصطلاح يشمل كذلك العقل الاسلامي المغيب لفظه تماما في محافلنا الثقافية اليوم .
تعتبر مراجعة كل ماكتبه الدكتور "محمد عابد الجابري " حول موضوع العقل العربي ضرورة في فهم طبيعة العقل العربي في هذه المرحلة من التاريخ.
"2"في مقال للبياك _كاتب صحفي اسباني_ نشر في صحيفة الموندو في عددها الصادر في 27/11/2001.
"3" الموقع الالكتروني " اسلام أون لاين" صفحة الحدث بتاريخ 5/11/99 تحت عنوان : تورط الموساد محتمل , تصاعد الشكوك المصرية بشأن تفجيرات البوينج.
"4" "ابن عمي الثوموسول" هي دعاية إسبانية لأحد مشروبات الفواكه في التلفزيون الاسباني , حيث يخرج طفل صغير ضعيف وهو يحاول الهرب من مجموعة من الأطفال يريدون الاعتداء عليه بالضرب , فينادي ابن عم له طويل عريض اعتاد شرب هذا العصير , ليضربهم ويفرقهم عنه .