القلب جوهرةٌ صافيةٌ، ودرةٌ بيضاء، فهو كالصفحة البيضاء النقية، وكلما أذنب الإنسان ذنباٌ؛ نكتت على القلب نكتة سوداء، فإذا ازدادت الذنوب؛ زادت النكات إلي أن تغطى على القلب، وتجعل عليه حجاباٌ؛ يمنع عنه رؤية أنوار الله وهو ما يسمى بـ(عمى البصيرة) أو (عمى القلب) وهذا نأخذه من قول الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46 وهذا الغطاء الحاجب؛ تسببه كثرة المعاصي والذنوب آلتي يكتسبها الإنسان خلال ممارسته لحياته، وقد يكون هذا الغطاء قوياٌ كثيفاٌ؛ يورث العمى التام، وقد بكون خفيفاٌ؛ فيورث الغشاوة وكلاهما حاجب وغطاء وقد سماه الله (راناً) وبين أنه سبب لحجب أنواره فقال سبحانه وتعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ }المطففين14.
ومن رحمة الله تعالى وفضله على عبادة؛ أنه أعطاهم ممحاة ( استيكة ومساحة ) تمسح ذلك الغطاء وتزيله كلية ولا تبقى له أثراً، تلك الممحاة هي الاستغفار والتوبة من وعن الذنوب فقد فتح لنا ربنا هذا الباب العظيم لندخل منه إليه مغسولين مطهرين من ذنوبنا فقال جل وعلا: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً }النساء110. ودعانا إلى البعد عن اليأس من رحمته، مهما عظمت ذنوبنا أو كثرت خطايانا فقال عز وجل: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53.
فمن الواجب على المؤمن أن يستحى من كرم الله، ويعمل على طاعته وذكره وتسبيحه؛ ليزداد نوراً على نور، وإذا ما وقع في شراك المعصية أو فخ الخطيئة عن طريق النفس والشيطان؛ فعلية أن يذكر ربه نادما على ما فعل مستغفرا لذنبه ليجد الله غفورا رحيما .
كما يجب عليه أن يتخلص من تبعات السيئات؛ بعدم الإصرار عليها، ورفع آثار الأضرار والمظالم التي أوقعها بالآخرين