أصبح شباب هذا الجيل في حيرة من أمره يكاد أن يفقد رشده ويذهب صوابه بسبب ما يراه ويسمعه وما يدور حوله من قضايا الفساد والإفساد في المجتمع الذي يعيش فيه وما أكثر ما يشعر به الشباب من ألم وما يعانيه من لوعة وحسرة بسبب تلك البواعث المشينة المتمثلة في الأموال العامة تهدر وتذهب إلى جيوب خاصة والسطو المهذب أو المقنن على أموال البنوك باسم شركات وهمية وهروب كبار النصابين والسارقين .
تسبقهم أموالهم التي استولوا عليها من دماء الشعب إلى خارج البلاد والشيء المغيظ حقاً أنهم لم يسخروا الجان أو يلبسوا طاقية الإخفاء عند هربهم وإنما خرجوا وهم ملء السمع والبصر وربما خرجوا من صالات كبار الزوار والأكثر غيظاً أن يجد الشباب في مجلس الشعب أي المجلس التشريعي نواباً للقروض يقومون بالاستيلاء أو يسهلون الاستيلاء على أموال الدولة التي هي أموال الشعب كما يجد في المجلس الموقر نواب الكيف تجار المخدرات الذين لهم الفضل في تدمير الشباب والمجتمع بسمومهم المخدرة لقد وجد الشباب وعوداً وهمية بحل مشاكلهم بمجرد تخرجهم وجدوا مساكن للشباب تنهار قبل افتتاحها أو بعد استلامها مباشرة إذا تم استلامها على رءوسهم ليسكنوا السكون الدائم بالفعل سكون الموت ورغم هذا الواقع المؤلم إلا أن هناك شيئاً من الأمل في المشروعات الجديدة التي تقيمها الدولة للشباب كمشروعات الخريجين التي تدافع الشباب نحوها وتسابقوا إليها واغتربوا من أجلها وتركوا الترفيه ليحاربوا الفقر والبطالة وهذا يدل على أن الشباب بخير وأنهم على أتم الاستعداد للعمل والكفاح إذا ما أتيحت لهم الفرص.
إن في الشباب قوة خلاقة وطاقة جبارة يجب استغلالها في كل نافع مفيد لهم ولمجتمعهم ووطنهم فهم عماد اليوم وقادة المستقبل وفي صلاحهم صلاح لمستقبل وطننا وبلادنا كما أنه من الضروري والواجب احترام فكر الشباب وتهيئة وبناء هذا الفكر على القيم الدينية السمحة والأخلاق الإيمانية الحميدة وغرس ذلك في نفوسهم في وقت مبكر حتى لا يبتعدوا عن الجادة أو يشذوا عن الصواب فينزلقوا إلى تيار التطرف الممقوت الذي أقنع أصحابه بعض الشباب بأنه هو السلوك الإسلامي الصحيح مضللين ومبعدين لهم عن يسر الإسلام وجماله وسماحته أو يقعوا في مستنقع الانحلال الذي يفقد العفة ويشيع الرذائل الأخلاقية الهدامة التي تقتل الرجولة والمروءة وتدفع إلى السطو على الأعراض ونهشها واغتصابها.
أيها السادة: إن الشباب بحاجة ماسة إلى القدوة في شتى مناحي الحياة يريد أن يرى الدولة تكرم النافعين الصالحين المحبين لوطنهم الحاملين لهمومه يريد أن يرى هؤلاء في أماكن قيادية مرموقة بدلاً من أن يسمع عن محاكمة مسئولين كبار من بينهم وزراء سابقين لم يحاكموا إلا بعد أن صاروا سابقين وكان من الواجب محاكمة المفسد فورياً للعبرة والردع.
وقد أحسنت الدولة أن جعلت للشباب وزارة خاصة بهم واجبها أن تعمل على بناء الشباب بناءً حيوياً وفعالاً تحتضن مواهبهم وتنمي ميولهم وتأخذ بأيديهم إلى الخير والرشد بعيداً عن الزيغ والانحراف فهل قامت الوزارة بهذا الدور الهام ؟ نأمل ونرجو أن يوفقها الله لذلك.
إن الشباب محتاجون إلى رعاية من جميع الجوانب وليس من الجوانب الرياضية وحدها وقد أحسنت وزارة الشباب باتجاهها وعنايتها بالجانب الثقافي والفكري والتربوي للشباب ونتمنى المزيد والمزيد من الاهتمام بهذه الجوانب وإلقاء الضوء عليها وتشجيع المواهب في تلك المجالات تشجيعاً لائقاً يقترب من تشجيع الجوانب الرياضية وخاصة رياضة الرجل بل إن من الأولى تقديم رياضة ومواهب العقل على الرجل وإلا صار الأمر معكوساً وهذا ما يحدث الآن حيث صارت الرجل أعلى شأناً وجاهاً ومالاً من الرأس مما يدفع الشباب الموهوب ثقافياً وفكرياً إلى اليأس من العمل الفكري والثقافي وتمنيه أن لو كان موهوباً رجلياً تدر عليه رجله المال الوفير والجاه العريض والنجومية الطاغية وليس في هذا أي حقد على أصحاب المواهب الرجلية وإنما مطالبة بالمساواة بين الرجل والعقل وبارك الله في الجميع أرجلاً وعقولاً.