يخبرنا علم الفلك أن الكواكب كل في فلك ييسبحون، فإذا ما إنحرف كوكب عن فلكه نتج عن هذا صداما كونيا. طيب هل يمكن للمريخ وفينوس أن يلتقيا على كوكب الأرض بدون هذا الصدام؟ هذه محاولة للإجابة ولننظر أينما تصل بنا. - هي دائمة الشكوى منه؛ فهو لا يهتم بها في جل أمورهما بصفة عامة، وإن أرادت سؤاله عن شيء خاص مثل رأيه في شيء ما أعجبها أثناء التسوق- فتراه عبس وبسر، ثم أقبل وإستدبر.
- هو دائم الشكوى منها؛ فهي لا تهتم به وتفضل الأولاد عليه، وإن اراد أخذ رأيها في مباراة كرة قدم تراها ازبدت وارغت وترحمت على أيام الخطوبة التي ولت بلا رجعة رحمة الله عليها.
- هي دائمة الشكوى منه؛ فهو لا يهتم بها في عيد زواجهما بالرغم من أنها ذكرته قبلها مرارا، بل وكتبت له ملحوظة وألصقتها علي باب الثلاجة –حيث يقبع مشروبه المفضل- لكنه دخل عليها في هذا اليوم بخفي حنين قائلا "نسيت"، فتقذفه بآنية الزهور التي أعددتها خصيصا لهذه المناسبة، كما تقذف الشموع على الستائر فتشتعل النيران ليتحول العشاء الرومانسي إلي عشاء بوليسي!
- هو دائم الشكوى منها؛ فهي لا تهتم به وتفضل بشرتها عليه، فيدخل المنزل مرهقا ليجد كائنا فضائيا أخضر اللون يصدر أصواتا، فيستائل ملتاعا أين زوجته فيرد عليه الكائن المرتدي مريلة ملوثة بزيت الطعام من خلف قناع الجرجير والخيار قائلا: "أنا هنا" فيصاب بالسكتة القلبية من فوره وترثه زورجته!
حسنّ! يبدو أن النطرية الفلكية صحيحة في العلاقات؛ فهذه عينة يسيرة من المشاكل الكثيرة التي يواجهها الأزواج في مجتمعاتنا، والتي تتكفل -غالبا- بإنهاء الحياة الزوجية بإحدى الطائفتين: الخلع أو الطلاق. إذا ماذا أوصل الأمور لهذه الصدامات؟
الإجابة -بلغة نظريتنا الفلكية- أن كل خرج عن فلكه الذي يسبح فيه لكن مهلا، نحن بشر لذا فبعبارة أخرى: عدم الفهم.
لقد خلق الله (سبحانه وتعالى) الرجل والمرأة من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، لكنه (سبحانه) أودع في كل خصائص تختلف تمام الإختلاف من الناحية التشريحية والعقلية والنفسية. وكان أن وهب الرحمن الإنسان –الذي كرم بالسجود- عقلا منوط به أن يخرج من إطار الحيوانات- القائم على الذاتية وإشباع الحاجة وقتما حانت- إلي إطار أرحب يهدف إلي تحقيق الاستخلاف عن طريق علاقة إجتماعية تكاملية تراعي تفرد خصائصهما المكملة لبعضهما البعض وليست المتساوية؛ فالتساوي –الذي يدعو إليه البعض-يكون في الحقوق والواجبات مفهوما بل واجبا لكن في الخصائص فليس معقولا شكلا وموضوعا.
إذا فالإختلاف وليس الخلاف -فكلاهما على طرفي النقيض- هو أساس الوصول لمرحلة "التفاهم"، ولسان حالها -كما وصفها القرآن- هو المودة والرحمة؛ بحيث يتفهم فيها الرجل طبيعة المرأة وتتفهم فيها المرأة طبيعة الرجل، وبالمناسبة فهذا في رأيي أساس قوامة الرجل، فليست المسألة بما أنفقوا فقط -على أهميتها- بل أساسا بما فضل الله بعضهم على بعض، أي بالدرجة التي فضل بها الرجال على النساء ألا وهي درجة التفهم.
عندما يصل المرء لمرحلة إدراكية لتفهم الإختلاف على أنه فطرة الله التي فطر الناس عليها فهذا الإطار العقلي هو الذي يمهد الأرض ويحرثها لكي يتمكن ساكنو المريخ وفينوس من العيش بسلام داخل "بيوت الرحمة" بعبارة أخرى فكل في فلك يسبحون في منظومة متكاملة.
لا غبار على السعادة الذاتية في هذه البيوت، على أنها ليست لكي يعيش المرء فيها ويهنأ فقط، بل هي النواة الأساسية التي يحتمي المرء بها من عواصف الدنيا لكي يتمكن من أداء المهمة الإستخلافية والتي لا تؤدى سوى ببيوت تعي أنها ليست بالمهمة الهينة أبدا في ظل تحديات الواقع الذي يحياه الإنسان. أضف على هذا أن الحياة ليست مجرد "أنا" أو "أنت" بل هناك "نحن"؛ هناك أجيال تربى لأمة ذات رسالة عالمية بمنهجية وسطية.
وختاما: الحياة الدنيا –طالت أو قصرت للفرد- هي مزرعة الأخرة من مجمل الأعمال، والأخرة خير وأبقى لكن أكثر الناس عن آيات ربي لغافلون، أوليست هذه هي الأمانة التي عرضت على السموات والأرض فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان؟
حسنّ! لماذا لا نصلح بأيدينا ذات البين عسى أن يجعل الله لنا من أمرنا يسرا في الدنيا والآخرة؟